ادّعِ أنك محب، وأنك مريض لكي تنتمي بجدارة للرومانتيكي الذي تريده، ولا تنتظر حلول المساء، اخرج في عز الحر، لا غمامة فوق رأسك تقيك قيظ يوليو، ولا نسمة رقيقة تتبعك، والشجرة التي تحتمي بها تساقط أوراقها، وتدور مع ظلها الشحيح قلقًا.
- لماذا لا تغني مثلا؟ غنّ، كنت تغني بصوتك الأجش قبل أن ترتدي سيمياء الممثل الذي كنته زمان، يوم أن وقفت على خشبة مسرح معهد الفنون المسرحية، وكان عطيل يتلبسك، وكنت غِرًّا، وخضت المأساة حتى انتهى سناء شافع من ارتشاف القهوة، وكان فشلاً ذريعًا، وستعرف بعد ذلك أن سناء كان لينًا معك، وأن أنصاف المواهب سيقطعون عليك الطريق آلاف المرات، وأنت لا تكل أبدا، إيه، أنت نبي، غن أولا، صوتك أجش، أعرف ، المهم أن تغني، كل شيء معد لك، الديكور، الملابس، النص، المسرح، الشاي.
لماذا لا تدخن؟ ادخل واجلس على الكرسي، وضع قدمًا على قدم، وانظر إليهم بنظراتك الوقحة الخالية من الحياء، ولا تلق بالاً للمحبة التي كانت، ولا للمستقبل الذي تراه معها، وأعصابك التي كانوا يرونها تتفتت، أنت لا تحب أحدًا، ولا تقل: إنهم مستنقع، أنت الذي خضت في المستنقع، وتركت لهم الحبل حتى يلتف حول أعناقهم، وبعد ذلك تعلقهم في السَّحَابِ الْمُسَخِّرِ ، أنت نسيت الحبل، كيف يعني أن تحب، أنت تمثل المحبة جيدًا، حتى تأمنهم ويأمنوك، وتدخل الشخوص وتخرج في يسر، غمضة عين، ولم تفاجأ عندما استوقفك الفلكي الطيب في شارع عبدالخالق ثروت، ونظر إلى وجهك في هدوء، وقال: أنت كذاب، ولا يهمك غير مصلحتك، قبض على وجهك في أشد لحظات الضعف، هل انهرت وأخذت تدافع عن نفسك، ثم ابتسمت وأخذت تقهقه، وماله، هل من الممكن أن تخلق شخصية غير شخصيتك يعني لو أن لديك أماني طيبة جدَّا وتريد أن تكون الطيبة جزءاً من نسيج شخصيتك هل تستطيع أن تزرعها بالقوة، هل هذا ممكن؟ أنا أحب مصلحتى وأقولها بصوت عال وأحب الفلوس موت، إيه المشكلة، دا يديني فرصة لأحقق أهدافي بسرعة دون مماحكات ودياولو
نجيب من الأول.
قمر صغير ينير الحديقة، وتظهر النباتات الصغيرة وديعة، والنافورة التي في وسط الحديقة تدفع الماء في صرامة وعنف، وأضواء النيون تصطدم بالماء، فيحدث وشيش ناعم لا يـبيـن ، أشجار العنب خالية من الثمار، وأوراقها تتكسر تحت حذائي، ولم يعد لدى سوى قلب ميت، وعين مفتوحة على آخرها، دخلت، كان الباب مفتوحًا، وعندما رفع قامته، ورآني حياني بمودة وألفة كان الخال الذي استغرق في النوم، يحاول أن يبدو سعيدًا في وجودي، ورغم ذلك أرى توتره، وهو يعصر الملابس، ثم وهو يحمل الطفل بيد، والوعاء البلاستيكي على رأسه، ثم عاد ومعه بزازة وضعها في فم الطفل، واحتضنه بقوة.
أنا كنت أكره الأطفال الأول، دلوقت أنا حاسس إن ابني ده حتة مني، والله والله حتة مني.
كان يضغط على أسنانه بقوة، ويدور في الغرفة، ويطبطب على الطفل.
قلت للست الهانم ترضع الواد ألف مرة، مفيش فايدة ـ دي عايزة تعذبني مع إن المفروض تهديني (وأخذ يضرب على صدره) الحنان، الحنان.
أخذ يروي لي ما جرى له مع زوجته، وكيف أذلوه تماما، وكم الألم والمعاناة حتى أنه في طريقه للجنون، وأنه أصبح غير قادر على الاستغناء عن الموس ، ثم رفع الجلباب وأراني جسده وبدت إليته بها تسلخات وقروح وخراريج حتى أنني لم أعد قادرًا على النظر إليه، ولم أعد أعرف الدموع التي تترقرق أهي في عينيه، أم عيني، حتى دخلت الزوجة، وعندما نظرت إلينا انفجرت في ضحك هستيريّ، ثم اقتربت من الزوج، وأخذت تملس على رأسه (جوزي دا نمس) ثم جلست، ووضعت ساقًا على ساق، تجاهلتها تمامًا، أو حاولت ان أتجاهلها رغم ذلك ظلت عيني تتراقص بين جسمها الشهواني والخال، وأخذت أروي حكاية طريفة تعرضت لها في الدكان، حتى وقف فجأة، وأخذ يزعق في زوجته بأعلى صوته: إنت إزاي يا هانم تلبسي اللبس ده، أنت عايزة تجننيني وخلاص، إنت شايفاه عمال يبص على جسمك طول الليل.
غرقت في عرق بارد، وأخذْتُ أتهتهُ ، وأقول كلمات لارابط بينها حتي راح الكلام وقد أصبت بمرارة، فسكت. لم أستطع القيام، كان رد فعلي مدهش وكأن الكلام الخارج من فم الخال يخص غيري مش أنا وكأن الإهانة للحوائط كنت باردًا بشكل مدهش وتصورت في لحظة أن هذا البرود هو الذي سيحميني ويجعلني أفوز بعايدة في النهاية وليس على سوى الصبر، وقوة الاحتمال، وعندما تكون في ملكيتي سيتم نسيان كل ذلك وسأحصل على كل المتع والرغبات التي أريدها. أنا أشتهيها فعلا، ولن أسكت مهما طال الزمن حتى أستمتع بكل هذا الجمال المدهش، نسيني الخال أم أنني الذي نسيته حتى انتبهت على كونه يغني ويناغي الطفل وهو سعيد، يدور في الغرف، وأسمع عايدة من داخل البيت تتكلم في التليفون، وبدا صوتها مثيرًا، وكان الطرف الآخر كما عرفت من سياق المكالمة رجلاً وهذا الأمر كان يعذبني بشكل غير متصور، ولكن تجاهلت الأمر كان صوتها يصل إلى درجة التأوه، حتى أنَّ المنيَّ نزل مني في انتفاضات ورعشات قوية، ثم سكنت، طلبت دخول الحمام، فقام وهو يحمل الطفل وسار وأنا وراءه حَتَّى أَرَانِي الحمام وتركني، غسلت نفسي ونظفت مكان المني وغسلت وجهي، ثم خرجت وجلست وحدي، فسمعت صوتًا عاليًا، وجدلاً عنيفا بين الأم وعايدة حتى دخلت الأم عليّ وشعرها الأحمر المصبوغ بالحناء منكوش، وهي تلطم خدها في قسوة، وتدور في الغرفة: أنا حاموت نفسي، حاحرق نفسي، أجيب جاز كده وأولع في نفسي. جلست على الأرض لكن عايدة دخلت: إنتي إزاي يا مجنونة تقولي الكلام ده قدام الغريب، بدت عايدة عدائية حتى إنني خِفت وهي تنظر إلى في قسوة وبرود وزاد وجهها صفرةً، ثم ابتسمت الأم ونظرت إلى عايدة في خبث، وأخذت تغني:
بعد بيتنا ببيت كمان حلو ساكن من زمان.
وأخذت ترقص وتصفق بيدها، وتدور في الغرفة، وعايدة تُومئ لي بعين صغيرة في مكر وخبث لذيذين. هل ابتسمت لي، أم أنا الذي تخيلت ذلك، ثم قالت: أنا مش عارفة بتوع القصة بيكتبوا حاجات كده. مطت شفتيها: قصص وحشة يا ماما، قلة أدب خالص.
أخذت أقهقه ونسيت إحباطاتي ومذلتي وهواني وكيف أنني في سبيلي إلى التشوه والتفريغ من الداخل، وتساءلت من أين ينبع العنف في الداخل وكيف يكون وجه بهذه البراءة والوداعة بهذه القسوة، أتأمل الوجوه وأنا أعرف أنني أخدع بطريقة متكررة لإيماني بالوجه وأن هذا الوجه هو الكاشف الوحيد عن داخل الشخص ولذلك دائما ما أدقق في الوجة شكل الجلد، الأنف، نظرة العين، طبقات الصوت وفي النهاية فراستي دائما فاشلة وكل الذي وثقت فيه من خلال قراءتي لوجهه خاب أملي فيه، نسيت ماذا فعلوا معي وأخذت أروي حكايات لا رابط بينها، وهي تنظر إلى في لا مبالاة حتى التزمت الصمت، فتحت التلفزيون ورفعت الصوت، وأخذت تنظر إليه، وأنا هارب بعيني إلى الفراغات، حتى أنني غفوت وصحوت على ضوء قوي، كانت كاميرا سينمائية تدور موجهة أضواءها نحو جثث الخال، الأم، عايدة. وقد تعفنت، وديدان صغيرة عيونها زجاجية تخرج من الجثث، بحزمة ضوء قوية نحوي، لتبعدني شيئًا فشيئًا.
- لماذا لا تغني مثلا؟ غنّ، كنت تغني بصوتك الأجش قبل أن ترتدي سيمياء الممثل الذي كنته زمان، يوم أن وقفت على خشبة مسرح معهد الفنون المسرحية، وكان عطيل يتلبسك، وكنت غِرًّا، وخضت المأساة حتى انتهى سناء شافع من ارتشاف القهوة، وكان فشلاً ذريعًا، وستعرف بعد ذلك أن سناء كان لينًا معك، وأن أنصاف المواهب سيقطعون عليك الطريق آلاف المرات، وأنت لا تكل أبدا، إيه، أنت نبي، غن أولا، صوتك أجش، أعرف ، المهم أن تغني، كل شيء معد لك، الديكور، الملابس، النص، المسرح، الشاي.
لماذا لا تدخن؟ ادخل واجلس على الكرسي، وضع قدمًا على قدم، وانظر إليهم بنظراتك الوقحة الخالية من الحياء، ولا تلق بالاً للمحبة التي كانت، ولا للمستقبل الذي تراه معها، وأعصابك التي كانوا يرونها تتفتت، أنت لا تحب أحدًا، ولا تقل: إنهم مستنقع، أنت الذي خضت في المستنقع، وتركت لهم الحبل حتى يلتف حول أعناقهم، وبعد ذلك تعلقهم في السَّحَابِ الْمُسَخِّرِ ، أنت نسيت الحبل، كيف يعني أن تحب، أنت تمثل المحبة جيدًا، حتى تأمنهم ويأمنوك، وتدخل الشخوص وتخرج في يسر، غمضة عين، ولم تفاجأ عندما استوقفك الفلكي الطيب في شارع عبدالخالق ثروت، ونظر إلى وجهك في هدوء، وقال: أنت كذاب، ولا يهمك غير مصلحتك، قبض على وجهك في أشد لحظات الضعف، هل انهرت وأخذت تدافع عن نفسك، ثم ابتسمت وأخذت تقهقه، وماله، هل من الممكن أن تخلق شخصية غير شخصيتك يعني لو أن لديك أماني طيبة جدَّا وتريد أن تكون الطيبة جزءاً من نسيج شخصيتك هل تستطيع أن تزرعها بالقوة، هل هذا ممكن؟ أنا أحب مصلحتى وأقولها بصوت عال وأحب الفلوس موت، إيه المشكلة، دا يديني فرصة لأحقق أهدافي بسرعة دون مماحكات ودياولو
نجيب من الأول.
قمر صغير ينير الحديقة، وتظهر النباتات الصغيرة وديعة، والنافورة التي في وسط الحديقة تدفع الماء في صرامة وعنف، وأضواء النيون تصطدم بالماء، فيحدث وشيش ناعم لا يـبيـن ، أشجار العنب خالية من الثمار، وأوراقها تتكسر تحت حذائي، ولم يعد لدى سوى قلب ميت، وعين مفتوحة على آخرها، دخلت، كان الباب مفتوحًا، وعندما رفع قامته، ورآني حياني بمودة وألفة كان الخال الذي استغرق في النوم، يحاول أن يبدو سعيدًا في وجودي، ورغم ذلك أرى توتره، وهو يعصر الملابس، ثم وهو يحمل الطفل بيد، والوعاء البلاستيكي على رأسه، ثم عاد ومعه بزازة وضعها في فم الطفل، واحتضنه بقوة.
أنا كنت أكره الأطفال الأول، دلوقت أنا حاسس إن ابني ده حتة مني، والله والله حتة مني.
كان يضغط على أسنانه بقوة، ويدور في الغرفة، ويطبطب على الطفل.
قلت للست الهانم ترضع الواد ألف مرة، مفيش فايدة ـ دي عايزة تعذبني مع إن المفروض تهديني (وأخذ يضرب على صدره) الحنان، الحنان.
أخذ يروي لي ما جرى له مع زوجته، وكيف أذلوه تماما، وكم الألم والمعاناة حتى أنه في طريقه للجنون، وأنه أصبح غير قادر على الاستغناء عن الموس ، ثم رفع الجلباب وأراني جسده وبدت إليته بها تسلخات وقروح وخراريج حتى أنني لم أعد قادرًا على النظر إليه، ولم أعد أعرف الدموع التي تترقرق أهي في عينيه، أم عيني، حتى دخلت الزوجة، وعندما نظرت إلينا انفجرت في ضحك هستيريّ، ثم اقتربت من الزوج، وأخذت تملس على رأسه (جوزي دا نمس) ثم جلست، ووضعت ساقًا على ساق، تجاهلتها تمامًا، أو حاولت ان أتجاهلها رغم ذلك ظلت عيني تتراقص بين جسمها الشهواني والخال، وأخذت أروي حكاية طريفة تعرضت لها في الدكان، حتى وقف فجأة، وأخذ يزعق في زوجته بأعلى صوته: إنت إزاي يا هانم تلبسي اللبس ده، أنت عايزة تجننيني وخلاص، إنت شايفاه عمال يبص على جسمك طول الليل.
غرقت في عرق بارد، وأخذْتُ أتهتهُ ، وأقول كلمات لارابط بينها حتي راح الكلام وقد أصبت بمرارة، فسكت. لم أستطع القيام، كان رد فعلي مدهش وكأن الكلام الخارج من فم الخال يخص غيري مش أنا وكأن الإهانة للحوائط كنت باردًا بشكل مدهش وتصورت في لحظة أن هذا البرود هو الذي سيحميني ويجعلني أفوز بعايدة في النهاية وليس على سوى الصبر، وقوة الاحتمال، وعندما تكون في ملكيتي سيتم نسيان كل ذلك وسأحصل على كل المتع والرغبات التي أريدها. أنا أشتهيها فعلا، ولن أسكت مهما طال الزمن حتى أستمتع بكل هذا الجمال المدهش، نسيني الخال أم أنني الذي نسيته حتى انتبهت على كونه يغني ويناغي الطفل وهو سعيد، يدور في الغرف، وأسمع عايدة من داخل البيت تتكلم في التليفون، وبدا صوتها مثيرًا، وكان الطرف الآخر كما عرفت من سياق المكالمة رجلاً وهذا الأمر كان يعذبني بشكل غير متصور، ولكن تجاهلت الأمر كان صوتها يصل إلى درجة التأوه، حتى أنَّ المنيَّ نزل مني في انتفاضات ورعشات قوية، ثم سكنت، طلبت دخول الحمام، فقام وهو يحمل الطفل وسار وأنا وراءه حَتَّى أَرَانِي الحمام وتركني، غسلت نفسي ونظفت مكان المني وغسلت وجهي، ثم خرجت وجلست وحدي، فسمعت صوتًا عاليًا، وجدلاً عنيفا بين الأم وعايدة حتى دخلت الأم عليّ وشعرها الأحمر المصبوغ بالحناء منكوش، وهي تلطم خدها في قسوة، وتدور في الغرفة: أنا حاموت نفسي، حاحرق نفسي، أجيب جاز كده وأولع في نفسي. جلست على الأرض لكن عايدة دخلت: إنتي إزاي يا مجنونة تقولي الكلام ده قدام الغريب، بدت عايدة عدائية حتى إنني خِفت وهي تنظر إلى في قسوة وبرود وزاد وجهها صفرةً، ثم ابتسمت الأم ونظرت إلى عايدة في خبث، وأخذت تغني:
بعد بيتنا ببيت كمان حلو ساكن من زمان.
وأخذت ترقص وتصفق بيدها، وتدور في الغرفة، وعايدة تُومئ لي بعين صغيرة في مكر وخبث لذيذين. هل ابتسمت لي، أم أنا الذي تخيلت ذلك، ثم قالت: أنا مش عارفة بتوع القصة بيكتبوا حاجات كده. مطت شفتيها: قصص وحشة يا ماما، قلة أدب خالص.
أخذت أقهقه ونسيت إحباطاتي ومذلتي وهواني وكيف أنني في سبيلي إلى التشوه والتفريغ من الداخل، وتساءلت من أين ينبع العنف في الداخل وكيف يكون وجه بهذه البراءة والوداعة بهذه القسوة، أتأمل الوجوه وأنا أعرف أنني أخدع بطريقة متكررة لإيماني بالوجه وأن هذا الوجه هو الكاشف الوحيد عن داخل الشخص ولذلك دائما ما أدقق في الوجة شكل الجلد، الأنف، نظرة العين، طبقات الصوت وفي النهاية فراستي دائما فاشلة وكل الذي وثقت فيه من خلال قراءتي لوجهه خاب أملي فيه، نسيت ماذا فعلوا معي وأخذت أروي حكايات لا رابط بينها، وهي تنظر إلى في لا مبالاة حتى التزمت الصمت، فتحت التلفزيون ورفعت الصوت، وأخذت تنظر إليه، وأنا هارب بعيني إلى الفراغات، حتى أنني غفوت وصحوت على ضوء قوي، كانت كاميرا سينمائية تدور موجهة أضواءها نحو جثث الخال، الأم، عايدة. وقد تعفنت، وديدان صغيرة عيونها زجاجية تخرج من الجثث، بحزمة ضوء قوية نحوي، لتبعدني شيئًا فشيئًا.
