إسلام العيوطي - أم راقية.. وطفلة حانية

لا أدري يا رفيقة دربي وحبيبتي المقربة متى اخترقتِ قلبي؟! ومتى تلاقت أرواحنا؟!
نقاط تبحث عن حروف لها تائهة في حروف أخرى، أرتجف شوقا كالقلم بين أصابعي حين يسطر لكِ تلك الكلمات، يتهاوى إليكِ قلبي ومن قبله عقلي، إليكِ يا من على سطور النثر والشعر كنت ملهمتي ونبض قافيتي،
فأنتِ أقرب من يواسيني في شجوني، فخبريني متى تواعدنا ومتى اتفقنا وأصبحنا روحاً واحدة في جسدين؟!

جُملنا المكتوبة على أوراق الخريف تكسو الأرض كما لو كانت أوراقاً مبعثرةً وحروفاً تائهةً على قارعة الطريق،
لا يأبه إليها أحد فهي لا تعني شيئاً للمارة على الإطلاق، لكنها بالنسبة لي و لكِ تنتظر الربيع كي تزهر وتثمر من جديد، فتصنع بستانا من الأمل في غد مشرق مليء بالتفاؤل والإيمان بالله عز وجل.

فما لكِ في قلبي "حياة تلو حياة" دائما ما تخونني الكلمات، ويعتريني الصمت، وإن كنت لا أجد غضاضة في التعبير بتلقائية شديدة عما يجول بخاطري وأشعر به في خلجات نفسي وروحي، فالإحساس الصادق دائما ما يصل ولا تعتريه العثرات.

سأخبركِ بأنكِ أول الحرف ومنتهاه. نعم، لا تتعجبين فأنتِ من ملكت علي الحياة، فأنتِ تسكنين بين ثنايا السطور التي أكتبها إليكِ، وعملا بمبدأ "اقتحموا من تُحبون"
لا تتركوهم يُعانون الغرق وبأيديكم طوق النجاة، لعلكم وقعتم في حب أناسٍ يمتلكون الكثير من الخجل، الكثير من الحساسية المُفرطة والخوف، من أجل هذا فأنا دائما ما أحاول أن أقتحم قلبك الصغير سواء أكان ذلك بالكلام أو بمشاعر يسودها العطف والحنان.

فأنتِ يا صغيرتي نبض الحياة، وأنتِ من أضاءت لي الكون بنور الإله الذي وهبني إياكِ بعد طول معاناة؛ فأتيت أنتِ كي تطيبين الجراح وتعيدين البسمة إلى الشفاه، فلا تعاتبيني على حبي الزائد لكِ، فلا تعلمين ما أحدثتِهِ في قلبي،

فكيف لي أن أكون بين أناس لا تعنيني ولا تحتويني؟! وقد احتواني قلبك الصغير، وهذا حقا يكفيني.
إليكِ أيضا يا طفلتي الصغيرة، الجميلة، الراقية، الرقيقة والحانية، يا من ملكتِ سويداء قلبي وتوسدتي فؤادي،
حين يضمني حضنك أشعر بأن العالم بأسره ضمني ضمة حانية، يتهاوى إليها قلبي ومن قبله عقلي وجميع جوارحي ووجداني، فأشعر بحنان وراحة نفسية ليس لها مثيل في الوجود وكأنني ملكت الكون كله دون منازع،
مخطئ من قال أن الابن هو من يحتاج حضن الأم، بيد أن الأم هي من تحتاج بشدة إلى حضن أبنائها حتى تستطيع أن تتجرع مرارة الحياة بنفس راضية، فحينما تسألني ابنتي عن شعوري وهي تحتضنني أجيبها بأنني أجد فيه حنان أمي الذي بت أفتقده منذ أمد بعيد، يا له من إحساس لا يوصف عندما تضع طفلتي كفها الصغير على رأسي وقد تلاشى الصداع وهدأت النفس وأنست الروح بها، وكأنها ملاك بريء طاهر تردد بعض آيات القرآن وكأنها ترقيني، فأشعر بأن الحزن ينجلي والألم يتلاشى ويتسلل حبها ليغمرني بفضل الله ويرعاني.

فاللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك أن منحتني كل هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، وشكرا لك يا صغيرتي على هذا الشعور النبيل الذي يحتويني كلما ضاقت بي الدنيا بما رحبت فلا أجد ما يؤنس روحي سوى قربي من ربي وشكره لما من به علي من نعم؛ فأنت هبة الرحمن وأنا دائمًا وأبدًا أستودعك أنتِ وإخوتك الله الذي لا تضيع عنده الودائع، الله أسأل أن يحفظكم جميعًا بحفظه ويكلؤكم بعينه التي لا تنام، اللهم آمين يا رب العالمين.




1667926537002.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى