ماءالعينين بوية - هوية حروب واستبداد

معظم هذه الحروب هي وضيعات تصادم هوياتي، الخوف من الآخر، يقابله الحفاظ على الذات، حتى الديمقراطيات الكبرى؛ في لحظة من التايخ، باتت تتحدث عن عرقها المقدس، يتصاعد اليمين لأن هناك احساس ما بخطر يعصف بكيان رسمته قرون، الانفتاح الغربي على الآخر بتنوعه، أيقظ شعور هوية أوربية لعنتها الدساتير و الحداثة الليبرالية، المهاجرون حين باتوا يصلون إلى السلطة، حين يتكاثرون، حين يدينون بمعتقدات غير ما تراه الكنيسة...أمور عدة رفعت من قوة اليمين ليتطرف و يقطف أصوات كتلة مهمة من الأصوات الغربية.....
في أوكرانيا مثلا، تجمع مرتزقة ليدافعوا عن الغرب من زحف روسي بربري، بنظر الاعلام هؤلاء بمرتبة النبلاء، منظر يذكرنا بالأفغان العرب و حربهم ضد الروس ثم انتقالهم للبوسنة، مع اختلاف في المسميات لدى الاعلام الغربي.
السلاف قادمون، بوتين نفسه يرى في أوكرانيا دولة قومية متطرفة تهضم حقوق الأقليات الروسية في هذه البلاد....قوميتان تتصادمان، رغم انتمائهما لعرق واحد، ربما الكنيسة، ربما العقيدة السياسية، ربما بوتين يطمح إلى ما وراء كييف...
كما اجتمع الغرب ليدافع عن كييف؛ قد يجتمعون يوما للدفاع عن أثينا في أي صراع مستقبلي مع تركيا...هذه البؤر الهوياتية، تعج بالحروب كل ما تعاظمت قوة و نفوذ طرف من الطرفين، وغالبا ما تستيقظ الحروب مع حاكم مستبد، أو حاكم طموح، فهي ملاذه أحيانا لتجييش العامة حول معتقد يوحدهم، لا شيء أجود من صناعة عدو وجودي...
يضع الحكام كراسيهم على هذا الصراع، ليعيش التعساء حطب هذا التدافع، نعرات هشة تتناقل من دائرة إلى أخرى، دول عدة تغيب عنها قاطرة النماء و الأمن و التقدم، فقط لأنها تعيش وهم صراع ثنائي، ينتقل من منصة إلى منصة، أسبابه تتقادم، غير أنها تتأجج مع كل نزوة....
من آسيا إلى افريقيا ، الاستعمار ترك مخلفاته، التاريخ و الجغرافيا و الدين، علات وضعت شعوبا ضد شعوب، الصومال و الحبشة، نموذجا، باكستان و الهند، دول جنوب و وسط افريقيا بقبائلها...دول شمال افريقيا...لائحة طويلة لدول و قوميات تتعايش تارة و تتناحر تارة، والغلبة لمن يستحوذ و يتمدد، تختفي معالم و تنصهر أخرى...أمثلة لدورات التعايش و التنوع الذي يؤتي بثماره فتتشكل حضارات تؤسس لنهضة علمية و اقتصادية و اجتماعية...أمثلة عديدة لهذا الاختلاف النافع....العيش المشترك مع تقبل الآخر يخلق مساحة من الابداع، حيث دورة الحياة تتلقم بتنوع مصادر عيشها....
منطق الخوف لا ينتج تعايشا، الاقصاء و التطرف يخلق و يصنع عصبيات تتصادم، هذه الحروب لا تقتل أشخاصا بقدر ما تدمر دولا و حضارات، أقبح شيء في دورة الدول أن تتحول إلى دول فاشلة، الصومال منذ عقدين أو أكثر وهي تعيش حالة من الفوضى؛ العراق سوريا و دول عديدة...كلفتها أشهر حروب سنوات و سنوات من التخلف و الاندحار.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى