محمد الرياني - حُمرة الورد

لم يَعد للورد عندي قيمة ، وزعتُ ورودَ الحديقةِ الواسعةِ ، تركتُ أغصانَها تذبل ، عاتبوني لأنني أزهقتُ النفَسَ الجميلَ والرائحةَ العطرة، لم أُلقِ بالًا لكلماتِ العتاب، ولم أستمع لصيحاتِ الاستنكار، كلُّ ذلك لايهمني، نفَقَ بعضُ الوردِ واختلطَ بذراتِ التراب، ولحقتْ به الأغصان، حضر بعضُ الشامتين ليجمعوا الورودَ اليابسةَ والأغصانَ الذابلةَ قبل أن تكون ترابًا، وقفتُ وقفةَ المتفرجِ على الذين أخذوا بقايا الماضي وأنا أبتسمُ وهم يشتعلون غضبًا من الذي ضحى بأزهارِ حديقته، حضرتْ هي لترى مشهدَ الختام ، بدتْ مثلَ أزهارِ حديقةٍ قدمتْ من كوكبٍ سحريٍّ ، ابتسمتْ والحاضرون يحملون آخرَ ماجمعوه ، ألقوه بلا شعور ، وقفتْ وسطَ أطلالِ الحديقة ، تبادلتْ مع أشعةِ الشمسِ الوهَج، سكبتْ على جنباتِ الوردِ كلَّ عطرها، فرُّوا من المكان قبل أن تسقطَ قلوبُهم من روعتها، لوحتُ لهم بيدي وأنا أستروحُ من ظلالِ المكانِ شذىً جاءت به معها ، قلتُ في نفسي الآن بناتُ الحيِّ يتنفسون معي من شذاها، قذفتُ على النوافذِ القريبةِ ببعضِ الأغصانِ اليابسةِ كي تنغلقَ النوافذ ، لا أريدُ لأنفاسِها أن تتسربَ مني نحو المختبئاتِ في الخدورِ فيسرقنَ ريحَها، قالت لي بثقة : كلُّ حُمرةِ وجهي من أجلك، لاتبخل على الأُخرياتِ بتسللِ نسماتٍ شاردةٍ غادرتني ، تنفستُ بعمقٍ، طلبتْ مني أن أساعدها بزرعِ الحديقةِ من جديد ، اطمأننتُ وانثنيتُ معها نسقي الوردَ ، كنتُ أدندنُ مع العصافيرِ ورائحةُ الماءِ تنسابُ بشذى ريحِها

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى