عصري فياض - الاستقلال!!!

نفض عنه الفراش مسرعا للقيام بالضوء قبل ان تبزغ شمس الخامس عشر من تشرين ثان، نقر الصلاة كعادته بركعات سريعة، ونهض، وشقَّ الحصالة البلاستيكية بالسكين، واخرج ما فيها وعدها بنهم، وخرج الى السوق يبحث عن شراء لوازم هذا اليوم المتميز، حتما سيحضر لأطفاله وزوجته فطورا افضل، وحلويات ، وفاكهة ، ووو...، فما جمعه لذلك اليوم طلية السنة ألفائتة، يغطي نفقات يوم احتفالي...
الحوانيت تأخرت اليوم عن الافتتاح مبكرا نظرا للعطلة الرسمية،وقبل ان تحل الساعة العاشره،كان قد استقل سيارة عمومية مع احماله عائدا الى البيت...
دخل المنزل، وأكياس الهدايا وما جمع من طعام وغيرها تثقل يديّه... نادى ابناءه نضال ... تحرير.. نصر... فداء
:- تعالوا يا با ساعدوني جيبوا بقية الاغراض من باب الدار
تخنصرت زوجته ام نضال مستغربة وهي تقول:
- لليش كل هاظ يا زلمة ؟؟
فقال لها : اسكتي اليوم عيد الاستقلال خلي الاولاد يتبحبحوا...
فقالت : عزّا .. والديّن الى عليك ؟؟
فقال : اسكتي،قلتلك اسكتي.. بدك تنزعي فرحتنا اليوم يوم استقالالنا؟!، خذي هاي الافطار اليوم شاورما .. يا الله عيشوا وافرحوا... احنا مستقلين اليوم...
نفضت يدها ودخلت مطبخها البائس لإعداد الإفطار، فجاء باقي الاولاد بالإغراض وشرعوا بتفتيح الاكياس والتسابق على امتلاك محتوياتها من حلوى وفواكه، و العاب نارية سيطيرها ابو نضال مساء من فوق سطح منزله الايل للسقوط
لحظات علت مكبرات الصوت ببيان يشير لارتقاء شهيد... قال الناعي ان محمد ابن ابو السعيد قد استشهد قبل قليل على الحاجز القريب من البلدة وهو ذاهب للجامعة...
صمت الجميع صمت القبور.. صرخت ام نضال فالشهيد من اقربائها... واغرورقت عينيّ ابو نضال.. اما نضال فقد رمى ما بين يديه واندفع نحو وسط البلد، تبعه نصر وتحرير وفداء الذي ركض نحو الباب وعاد واخذ الالعاب النارية ليستخدمها في المواجهات المفترضة التي حتما ستحصل في يوم الاستقلال الاغر...
لم يعد هناك احد يتناول الافطار المتميز.. ولا الحلوى اللذيذة، ولا يفرح بالألعاب النارية كباقي شعوب العالم.... فالاستقلال كذبة وحلم من احلام الوهم الذي نعيش ما دام المحتل يسكن قوتنا وخبزنا وأنفاسنا.
عصري فياض

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى