نباتى، لا يأكل اللحم ولا البيض، لا يشرب الحليب، لايتعاطى أيا من منتجات الألبان، ويتجاهل وجود النساء تماما، منذ ثلاثين سنة، لهذا بقى أعزب، بينما يقترب الآن من الخمسين، ولا أحد يعرف تفسيرا لفرط أناقته التى يوليها أقصى اهتمامه وينفق الكثير عليها. منذ ثلاثين سنة كان عاشقا فى عمر الصبا لصبية تماثله فى العمر، صغيران يهيمان كل منهما بالآخر، هيام أول الهمس وأول اللمس وأول النشوى وأول التحليق وأول الخصام وأول الصلح بعد الخصام، خصام سريع وصلح سريع مثله. كانا فى زهرة العمر. يومها تخاصما فى الطريق، فتركها تمشى أمامه كسيفة البال بانكسار وحزن، وانعطف هو يبتعد عنها فى طريق جانبى، لكن قلبه لم يكف عن التقافز فى صدره رغبة فى اللحاق بها، فكان يمشى خطوتين ويتوقف ويستدير مفكرا فى اللحاق بها، لكن عناد الصبا كان يغالبه، يسرع باتجاهها خطوتين ثم يتوقف، يكابر ويكرر الخطوتين ويتوقف، ويتوقف أخيرا فيبهته المنظر.
رأى الشارع الذى تمشى فيه وقد امتلأ بالبقر، قطيع من البقر الأصفر المهرول فى هذا الشارع المؤدى إلى المسلخ، حيث يساق القطيع إلى الذبح، يهرول باتجاه الذبح ويفيض على جانبى الطريق ولا يترك للماشين فى الشارع إلا فرصة الالتصاق بالحيطان فوق الرصيف. لسعه خاطر أسود، فجرى حتى دخل الشارع ليرى كم هو بعيد امتداد سير هذا القطيع، ويراها هناك فى نهر الشارع شاردة غير منتبهة لما يتدفق وراء ظهرها. ويصرخ مناديا إياها أن تصعد إلى أقصى الرصيف وتلتصق بالجدران. سمعته لكنها لم تتبين مايقوله لها عبر هدير زحف البقر، وفاجأها تقدم القطيع نحوها فارتبكت، وبدلا من أن تلوذ بأقصى الرصيف اندفعت فى ارتباكها صارخة إلى وسط الشارع. صرخت تناديه باسمه وهى تغرق بين أمواج البقر الكاسحة، وصرخ يناديها باسمها طالبا منها أن تجرى إلى الأمام وتتجه إلى الأجناب، لكنها كانت تهوى صارخة باسمه، وهو باسمها يصرخ ويشق موج البقر إليها بسن قلم لم يكن معه وسيلة غيره. كان يطعن أجناب البقر لتفسح له الطريق فتضطرب الأبقار فى هرولتها مطبقة عليه، تسحق جنبيه وهو يطعن بجنون، فيستحيل سن القلم إلى شفرة ماضية.
تصبغه دماء البقر، ويشعر بتحطم أضلاعه وهو يواصل الصراخ باسمها فلا ترد، ولا يبصر فوق رءوس الموج البقرى أى أثر لها.
مضى قطيع الأبقار المهرولة إلى الذبح وانجلى الأسفلت عنها أمامه، كان يسعل دما من حطام أضلاعه التى تطعن رئتيه، فيختلط دمه بدم البقر المطعون، ثم يختلط دمه بدمها بدم البقر إذا يراها وقد انسحقت على الأسفلت ملطخة بالطين والدم والروث.
نسيت أن أذكر إلى جانب نباتيته، وأناقته المفرطة، وإعراضه عن النساء، أنه يبدو على الدوام وكأنه منقوع فى العطور، أقوى وأغلى أنواع العطور.
رأى الشارع الذى تمشى فيه وقد امتلأ بالبقر، قطيع من البقر الأصفر المهرول فى هذا الشارع المؤدى إلى المسلخ، حيث يساق القطيع إلى الذبح، يهرول باتجاه الذبح ويفيض على جانبى الطريق ولا يترك للماشين فى الشارع إلا فرصة الالتصاق بالحيطان فوق الرصيف. لسعه خاطر أسود، فجرى حتى دخل الشارع ليرى كم هو بعيد امتداد سير هذا القطيع، ويراها هناك فى نهر الشارع شاردة غير منتبهة لما يتدفق وراء ظهرها. ويصرخ مناديا إياها أن تصعد إلى أقصى الرصيف وتلتصق بالجدران. سمعته لكنها لم تتبين مايقوله لها عبر هدير زحف البقر، وفاجأها تقدم القطيع نحوها فارتبكت، وبدلا من أن تلوذ بأقصى الرصيف اندفعت فى ارتباكها صارخة إلى وسط الشارع. صرخت تناديه باسمه وهى تغرق بين أمواج البقر الكاسحة، وصرخ يناديها باسمها طالبا منها أن تجرى إلى الأمام وتتجه إلى الأجناب، لكنها كانت تهوى صارخة باسمه، وهو باسمها يصرخ ويشق موج البقر إليها بسن قلم لم يكن معه وسيلة غيره. كان يطعن أجناب البقر لتفسح له الطريق فتضطرب الأبقار فى هرولتها مطبقة عليه، تسحق جنبيه وهو يطعن بجنون، فيستحيل سن القلم إلى شفرة ماضية.
تصبغه دماء البقر، ويشعر بتحطم أضلاعه وهو يواصل الصراخ باسمها فلا ترد، ولا يبصر فوق رءوس الموج البقرى أى أثر لها.
مضى قطيع الأبقار المهرولة إلى الذبح وانجلى الأسفلت عنها أمامه، كان يسعل دما من حطام أضلاعه التى تطعن رئتيه، فيختلط دمه بدم البقر المطعون، ثم يختلط دمه بدمها بدم البقر إذا يراها وقد انسحقت على الأسفلت ملطخة بالطين والدم والروث.
نسيت أن أذكر إلى جانب نباتيته، وأناقته المفرطة، وإعراضه عن النساء، أنه يبدو على الدوام وكأنه منقوع فى العطور، أقوى وأغلى أنواع العطور.