علي البدر - وحيدُ زَمانِهِ.. قصة قصيرة

ماذا دهاك أيها النحس؟ أقلب صفحاتك واتمعن بكلماتك وأنت تربطني بعقود أكلت ولازالت تلتهم سنيني. صوت ينعكس صداه في أعماقي ويأبى فراقي لكنني لم أتعود عليه. لا أحبه رغم أنه صوت إنسانة أحبها.
- لم يمض إلا شهر واحد على صرختك الأولى لنتفاجأ بموت أبيك وبعد أسبوعين من موته دهست سيارة مسرعة أخيك. ولن تمضي سنة واحدة على ولادتك ليموت عمك الذي كان يعيلنا بعد موت أبيك. وها انك الان. تتغيب كثيرا وراسب في معظم الدروس. يا إلهي.. الجميع يقولون أنك عاقل ومهذب ولم يعلموا أن النحس ملتصق على جبينك وباتت العشيرة تخاف منك.
حملته برفق وراحت يدي تتلمس نعومته، فسرَت في جسدي ارتجافة خجل وتقصير. لابد أن اعتذر لك الان. أجل لابد أن تسامحني لأجل تلك المعانات المغروسة بين ثناياك. ستكون يوما رمزا للصدق والتحدي وأنا أعدك وبكل ثقة. لنذهب اليه وسترى ما يسعدك. إنه يعرفك وقد وعدني خيرا يوما ما.
- أنت تعلم يا أستاذ أنني رفضت طبعه وتوزيعه في مكتبتي!
- بالتأكيد لسبب لم يقنعن في وقتها. أنا مؤلفه وأعرف ماذا غرست في أعماقه. نحن نكتب ما نؤمن به من أفكار، تبني ولا تهدم. قيم تساهم بالإصلاح ولا تفسد.
- لا عليك يا أستاذ . لا تحمل هما سأقوم بطبعه الان على نفقتي وسنقتسم الوارد سوية بإذن الله، رغم عدم احتوائه على قصة حب واحدة. أعدك أن كل نسخه ستنفذ خلال أيام. أيام فقط.
- كل قصه حب بل عشق نقي يثير الأمل والقيم ولن تجد ما في بالك أبدا..
وبعد شهر، كان منشغلاً بتوزيعه بأماكن لافتة للنظر، محاولاً بيعه ولكن دون جدوى. مفاجأة صعقتني، عندما وجدت معظم طالبات وطلاب المدارس القريبة يحملونه، يوسطه بوسترٌ ملونٌ لامرأة بشعر كستنائي وثوب أبيض يكشف وبصورة فاضحة معظم مساحة صدرها. رَحَّبَ بي بصورة غير مألوفة وبدا وكأن الأرض لن تسعه.
- مبارك لك يا أستاذ. لقد نجح كتابك ولن تقترض بعد الان. أطبعه ثانية أرجوك. كما ترى. العشرات فرحين وهم يحملون كتابك.
- الحمد لله. هذه نتيجة صبري ومعاناتي. جيلٌ واعٍ لأيامٍ تبشر بالخير. ولكن قل لي.
- تفضل قل ما عندك أيها الأديب المشهور.
- ماذا عملتَ لكي يتسابق الآخرون على شراء كتابي؟
- لن أبيعهم بوستر نانسي، رغم توسلاتهم، إلا والكتاب معه.

علي البدر/ العراق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى