رسائل الأدباء رسالتان بين محمّد إقبال والشيخ محمّد مصطفى المراغي

1-
بسم الله الرّحمن الرحيم

من الدكتور محمّد إقبال، إلى حضرة صاحب الفضيلة، العلّامة الشيخ مصطفى المراغي، شيخ الأزهر الشريف، أدام الله مجدَه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

إنَّ للأزهر الشريف مكانته السامقة في العالَم الإسلامي، وهو مَركزٌ عِلميّ وحيد، يهرع إليه كلّ ظمآن ليغترف من بحاره، ويرتشف من زخّاته، وهو المقصد عند كلّ حاجة علميّة ودينيّة، ولنا أيضاً حاجة إليكم.

ولقد أردنا أنْ نؤسِّس في قريةٍ من قرى الپنجاب إدارةً مهمّة لم يسبق إليها أحدٌ إلى الآن، ويكون لها شأن ما عدا المَعاهد الدينيّة الإسلاميّة إنْ شاء الله؛ ولذا نَطلب منكم التكرُّم بترشيح رجالٍ عدّة من الذين فازوا في العلوم الجديدة، مع عددٍ ممّن مهروا في العلوم الدينيّة، ممّن يتّصفون بالحكمة والوعي، ومستعدّون لصرْفِ وقتهم في خدمة الدّين الإسلامي، على أنْ نجعل لهم رواقاً متنحّياً عن شغب الحضارة الجديدة والثقافة الحديثة ليكون لهم مَركزاً علميّاً إسلاميّاً، ونرتِّب لهم فيه مكتبةً تشمل كلّ ما يُحتاج إليه من الكُتب الجديدة والقديمة، كما يُعيَّن لهم رئيسٌ كامل صالح، يكون مُتضلّعاً من علوم القرآن الكريم، ومُطَّلِعاً على مستجدّات العصر الحديث، ليُعلِّمهم روح كِتاب الله وسُنّة رسوله "صَلّى الله عليه وسلَّم"، ويُعاونهم على تجديد الفكر الإسلامي في مجالات الفلسفة والحِكمة والاقتصادات والسياسات، حتّى يُجاهدوا بعلمهم وبأقلامهم في سبيل تحقيق النهضة الإسلاميّة.

ولا يخفى على فضيلتكم ما لهذا الطلب من أهميّة؛ ولذلك أرجو منكم التكرّم بإرسال رجل عالِم مصري متنوّر على نَفقة جامعة الأزهر ليُساعدنا في تحقيق رسالتنا الواعدة، وينبغي أنْ يكون ماهراً في العلوم الشرعيّة وفي تاريخ التمدُّن الإسلامي، ويجب أيضاً أنْ يكون متمكّناً من اللّغة الإنكليزيّة.

"وبالإضافة إلى ذلك، فقد علمتُ من أعضاء البعثة المصريّة الذين تشرَّفتُ بلقائهم في الأيّام الماضية، أنَّ الأزهر ينوي ابتعاث بعض العُلماء والدُّعاة إلى أماكن عديدة في الهند. وأنا ألتمس إليكم بطلبي هذا، لافتاً إلى أنَّ إنشاء المركز الإسلامي كما ذكرتُ تفاصيله آنفاً، أوْلى وأهمّ من إرسال كثير من الدُّعاة والمبلّغين بهدف الدعوة والتبليغ فُرادى. وأنا أتوقّع أنَّ نور هذا الدّين الحقّ من خلال هذا المَركز سوف يسطع على جميع أنحاء الهند وأطرافها، وإذا وافقتم على هذا المشروع وعلى طلبي، سأكون شاكراً لكم. وأرجو إفادتي برأيكم بأقصى سرعة مُمكنة".

وتفضّلوا بقبول فائق التقدير والاحترام

والسلام

المُخلص

محمّد إقبال

2
رسالة شيخ الأزهر

مكتب شيخ الجامع الأزهر

حضرة الأستاذ الكامل، الدكتور محمّد إقبال

السلام عليكم ورحمة الله.

قرأت خطابكم المؤرَّخ 5 آب/ أغسطس سنة 1937، وسرَّني جدّاً ما عزمتُم عليه من إنشاء معهد يضمّ رجالاً مثقّفين على الطريقة الحديثة، ورجالاً مهروا في العلوم الدينيّة. وقد طلبتُم منّي إرسال عالِم على نفقة الأزهر يكون ماهراً في العلوم الشرعيّة وتاريخ التمدُّن الإسلامي، وقادراً على اللّغة الإنكليزيّة.

وإنّي آسف جدّاً، إذ أصرّح لكم بأنّه لا يوجد عندنا أحدٌ من عُلماء الأزهر قادرٌ على اللّغة الإنكليزيّة؛ فلَم تدخل اللّغة الإنكليزيّة الأزهر إلّا في السنة الماضية لطلّاب الكليّات. ولا أظنّ أنّي أستطيع إجابة طلبكم إلّا بعد عَودة البعثة التي أُرسلَت في العام الماضي إلى إنكلترا. وتراني هنا مستعدّاً لكلِّ ما أقدر عليه، وستجدني صريحاً معك غاية الصراحة في كلِّ ما تريد.

ولك تحيّاتي الخالصة

التوقيع "محمّد مصطفى المراغي"

21 آب/ أغسطس 1937.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى