قرص الزهر وصاح: شيش بيش.
قلت لنفسى: ياولد….. الأيام تكر، وأنت قد كبرت…. شعر الرأس تساقط ، وما تبقى فقد لونه الأسود، أصبح بنيا كلون أسنانك التى سودها الدخان….. لعله لم يعد يظهر للناس – فى هذا الزمان – حين يشيبون شعر أبيض.
أعلنها مبتهجا: دبش.
قلت لنفسى: يا ولد… الأيام تكر والفصول تتعاقب، وأنت دائما “ فى النازل” ، قد جاوزت الخامسة والثلاثين، ولم يعد فى العمر قدر ما فات… فافعل شيئا.
قال بفتور: جهار دو.
قلت لنفسى: يا ولد…. الف حسرة على شبابك المهدر وعمرك المسفوح على جسر البلادة…. هل ستظل دائما كما أنت: موظفا مغمورا، تفر من البطالة بالمهقى ويطاردك الشيطان فى كل مكان بأرداف النسوة ؟
ضحك: هبيك.
قلت لنفسى: يا ولد.. ها هى أزمان قد أدبرت، وأزمان جاءت ذات قوام متميع لالوان لها ولا رائحة….. وأحلامك وأوهامك جميعها قد تساقطت واحدا أثر واحد… ولم تبق سوى غصة كئيبة يزداد احساسك بها كلما آويت الى فراشك وحيدا فى الليلات الباردة.
قال: دو، يك.
قلت لنفسى: يا ولد… لاشئ فى حياتك يبعث على الفخر أو المسرة… كنت طفلا عاديا، ثم فتى عاديا، ثم شابا عاديا…. وها انت تكتهل مضرجا بالاعتيادية دون أن يحدث لك، أو تصنع أنت بنفسك شيئا عظيما بخلدك ويبقى سيرتك… والشئ الأكثر ادرارا للمرارة هو أنك فعلا قد تقبلت ذلك.
قالها بتحد: ستأكلها مرس.
قلت لنفسى: يا ولد.. حقا ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، ولكن الا يدرك المرء شيئا مما يتمنى؟.. الصحاب القدامى بعضهم صار غنيا، وبعضهم أصبح له المركز….
والجميع أصبحت لهم كروشا صغيرة مستديرة تجبر الناس على تبجيلهم.. وأنت الخائب من دون الجميع… لا مال نلت، ولا منصب بلغت… حتى كثرة جلوسك على المقعد فشلت فى أن تصنع لك كرشا.
نطق بحماس: دوبارة.
قلت لنفسى: يا ولد…. الأيام تسح كدموع “ ولية” بكاءة… أصبح للزمن مرارة كوب الشاى القاتم الذى اعتدت أن تجرعه عقب تناول الغذاء
….. لا شئ مما يحدث فى العالم أصبح يثير فيك الانتباه….. ولا تحوى ذاكرتك الخربة أية لمحة قد تحمل ولو قليلا من العزاء… مضى زمن الانصات للأغنيات العاطفية… فر زمن قراءة الصحف والاستماع الى نشرات الأخبار….. أصبحت لا أكثر من كتلة متلبدة بعد ما فات اوان التمنى والرجاء.
قال: ستشرب العشرة.
قلت لنفسى: يا ولد.. “ اللى ما تعرفش ترقص تقول الأرض عوجة”… وأنت صرت نواحا شكاء، تقطيبة ما عدت تبسطها ولو ألقى على سمعك ألف ملحة…
عبثا تفتش فى حياتك عن مأساة أو ظل لها، يبرر احساسك الدائم بالحزن….
فافعل شيئا، أخرج من تلك الدائرة الملعونة…. أرفضها وتوكل.
قرص الزهر وصاح يائسا: جهار ، سه.
قلت لنفسى: تفرج يا ولد….. ها انت تحقق انتصار مجيدا ، فتمسك صديقك فى “ الخشب” وتكسب “ العشرة “ !
* مجلة الإنسان والتطور
قلت لنفسى: ياولد….. الأيام تكر، وأنت قد كبرت…. شعر الرأس تساقط ، وما تبقى فقد لونه الأسود، أصبح بنيا كلون أسنانك التى سودها الدخان….. لعله لم يعد يظهر للناس – فى هذا الزمان – حين يشيبون شعر أبيض.
أعلنها مبتهجا: دبش.
قلت لنفسى: يا ولد… الأيام تكر والفصول تتعاقب، وأنت دائما “ فى النازل” ، قد جاوزت الخامسة والثلاثين، ولم يعد فى العمر قدر ما فات… فافعل شيئا.
قال بفتور: جهار دو.
قلت لنفسى: يا ولد…. الف حسرة على شبابك المهدر وعمرك المسفوح على جسر البلادة…. هل ستظل دائما كما أنت: موظفا مغمورا، تفر من البطالة بالمهقى ويطاردك الشيطان فى كل مكان بأرداف النسوة ؟
ضحك: هبيك.
قلت لنفسى: يا ولد.. ها هى أزمان قد أدبرت، وأزمان جاءت ذات قوام متميع لالوان لها ولا رائحة….. وأحلامك وأوهامك جميعها قد تساقطت واحدا أثر واحد… ولم تبق سوى غصة كئيبة يزداد احساسك بها كلما آويت الى فراشك وحيدا فى الليلات الباردة.
قال: دو، يك.
قلت لنفسى: يا ولد… لاشئ فى حياتك يبعث على الفخر أو المسرة… كنت طفلا عاديا، ثم فتى عاديا، ثم شابا عاديا…. وها انت تكتهل مضرجا بالاعتيادية دون أن يحدث لك، أو تصنع أنت بنفسك شيئا عظيما بخلدك ويبقى سيرتك… والشئ الأكثر ادرارا للمرارة هو أنك فعلا قد تقبلت ذلك.
قالها بتحد: ستأكلها مرس.
قلت لنفسى: يا ولد.. حقا ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، ولكن الا يدرك المرء شيئا مما يتمنى؟.. الصحاب القدامى بعضهم صار غنيا، وبعضهم أصبح له المركز….
والجميع أصبحت لهم كروشا صغيرة مستديرة تجبر الناس على تبجيلهم.. وأنت الخائب من دون الجميع… لا مال نلت، ولا منصب بلغت… حتى كثرة جلوسك على المقعد فشلت فى أن تصنع لك كرشا.
نطق بحماس: دوبارة.
قلت لنفسى: يا ولد…. الأيام تسح كدموع “ ولية” بكاءة… أصبح للزمن مرارة كوب الشاى القاتم الذى اعتدت أن تجرعه عقب تناول الغذاء
….. لا شئ مما يحدث فى العالم أصبح يثير فيك الانتباه….. ولا تحوى ذاكرتك الخربة أية لمحة قد تحمل ولو قليلا من العزاء… مضى زمن الانصات للأغنيات العاطفية… فر زمن قراءة الصحف والاستماع الى نشرات الأخبار….. أصبحت لا أكثر من كتلة متلبدة بعد ما فات اوان التمنى والرجاء.
قال: ستشرب العشرة.
قلت لنفسى: يا ولد.. “ اللى ما تعرفش ترقص تقول الأرض عوجة”… وأنت صرت نواحا شكاء، تقطيبة ما عدت تبسطها ولو ألقى على سمعك ألف ملحة…
عبثا تفتش فى حياتك عن مأساة أو ظل لها، يبرر احساسك الدائم بالحزن….
فافعل شيئا، أخرج من تلك الدائرة الملعونة…. أرفضها وتوكل.
قرص الزهر وصاح يائسا: جهار ، سه.
قلت لنفسى: تفرج يا ولد….. ها انت تحقق انتصار مجيدا ، فتمسك صديقك فى “ الخشب” وتكسب “ العشرة “ !
* مجلة الإنسان والتطور