جوهر فتّاحي - التوليب مانيا

التوليب مانيا، أو الهوس الخزامي، هيّ ظاهرة برزت في هولندا في القرن السابع عشر.

في ذلك القرن، عرفت هولندا زهرة التوليب لأوّل مرّة فانبهر الخاصّة والعامّة بالزّهرة العجيبة، النّادرة، الفريدة من نوعها، وأصبحوا مهووسين بها إلى درجة أنّهم تركوا زراعاتهم التي يتغذّون منها كلّ سنة واتّجهوا لزراعة الخزامى لغلاء سعرها.

بعد مدّة، غزت زهرة الخزامى الأسواق الهولنديّة، وفقدت ندرتها، وبالتّالي فقدت قيمتها ولم يعد أحد يلتفت إليها.

ولكن الكارثة الحقيقيّة التي حصلت هي فقدان كل أنواع الغذاء والأكل من الأسواق، لأنّ النّاس لم يزرعوا في سنتهم أكلا، بل زرعوا الخزامى المبهرة. فعاشوا مجاعة كبرى خلّدها التّاريخ.

بيت القصيد، جميل أن تهتم بالمهم، ولكن ليس على حساب الأهم. وعليك أن تتعلّم كيف تحسب، وتتحسّب، وتفرّق بينهما، وتعطي لكلّ منهما حقّ قدره، وفي وقته، قبل أن تتورّط وتحصل الكارثة، لأنّك حينها ستدفع ثمنا باهضا ويكون الوقت قد ولّى وانقضى.

الطريف المؤسف في قصّة الخزامى الهولنديّة هذه أنّها تعيد نفسها، مثلما التّاريخ يعيد نفسه على مذهب ماركس..

ولا أحد يتّعظ!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى