محمد محمود غدية - الطف الكائنات

المدرسة الإبتدائية على أطراف القرية، البنات والبنين يلعبون فى فناء المدرسة الواسع ومعهم مدرسة التربية الرياضية، شربات بنت مجتهدة ومتميزة فى لعبة كرة السلة، رغم ضآلة جسدها الذى لايبين إلا إذا تكلمت، لا تستأثر بالكرة أثناء اللعب، تعطيها للأقرب حولها، والتى كثيرا مايرونها وهى تكتب واجباتها على قفص من جريد النخل، أثناء مساعدتها لوالدتها التى تبيع الطيور فى السوق، بعد إنتهاء يومها الدراسي، تفرح حين تحمل القفص الخالى من الطيور، والشمس تلملم أثوابها فى رحلة العودة، من أين أتى لبائعة الطيور، كل هذا الرضا والإبتسام، رغم قسوة الأيام ؟ التى سددت لها اللكمات فى رحيل زوجها المفاجىء وإرث البنات، كل ليلة تشرب بائعة الطيور مع بناتها الونس والدفء والحب انتظارا ليوم جديد يحمل الخير لهم،
شربات الواسعة الحدقتين وشاحبة الوجنتين، تحيط بعينيها هالة زرقاء تنم عن فرط الآسى والتعب والهم، تجاورها شهيرة ذات وجه خمري متقد، فيه الكثيرمن إمارات العزة والرقة والبشاشة، يجمعهما فصل دراسي واحد، من سنة أولى وحتى الصف الخامس، لتشابه حروفهما الأولى، صداقاتهما مطر منعش يطيب للإنسان أن يتبلل به فى كل الفصول، العيد على الأبواب وشهيرة تفرغ حصالتها أمام والدتها التى طلبت منها أن تشترى بالنقود ثوب وحذاء جديد لصديقتها شربات الباكية دون دموع، حين تأتى فى العيد بثوبها القديم وحذائها البالى والممزق، ماآقسى أن نشعر بالضيق، ورحابة المكان من حولنا تضيق بنا، الصداقة سند فى الشدة،
بكت الأم التى إحتضنت إبنتها
قائلة لها : لن أنسى مساعدتها لك حين تعثرتي وسقطي فى حفرة توصيل الغاز، وكيف إتسخت ملابسها وهى تخرج حقيبتك من الحفرة وتنظف جرحك،
- نقودك لا تكفى، سأكملها من معى، شكرا لقلبك الطيب والنبيل، محبتى لك ولصديقتك، حقيقى ماقاله صلاح جاهين :
البنات شربات وألطف الكائنات .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى