محمد محمود غدية - وجع فى الذاكرة

1
وسط ضوضاء ولعب الأولاد الذى
لا يهدأ، توقف عن قراءة الجريدة، طواها ووضعها فى جيب البالطو، بعد أن أغلق باب الشقة خلفه،
- إختارته طاولة ركنية مهملة فى مقهى، علها تمسح عنه بعض ضوضاء وفوضى البيت، الذى مايلبث أن يعود اليه، بعد أن يفرغ من قراءة الجريدة .
2
حين كان يشغل منصب وكيل الوزارة، قبل إحالته للمعاش، كانت تحوطه كوكبة من المنافقين والمهرجين،
هذا ينحنى حتى تلامس جبهته الأرض، وآخر يلقى خطبة عصماء فى مدح معالى الوكيل، تمتلئ حجرته كل صباح بباقات الورد، ذهب الكرسى ومعه بصقة الرياء والنفاق .
3
إختار من يقاربه فى السن مثله، وجلس جواره فى القطار، يرتدى نظارة زجاجية سميكة لضعف بصره، وفى يده جريدة، فى الأغلب لا يقرأ منها سوى العناوين الكبيرة، ورغم تشابه الأحداث اليومية المفجعة فى العالم، فإنه لم يقوى على مقاطعة الجريدة بعد أن اصبحت عادة بدأت من وقت عمله فى إحدى الهيئات الخدمية، وحتى إحالته على المعاش، تحدث إلى جاره عن تباعد الناس والأهل والأصحاب، باإنتهاء المصالح،
حتى الأولاد تزوجو وتباعدو، شاركه جاره الرأى، وزاده من الهموم الكثير، فى عراك الأولاد للإستحواذ على الميراث، وهو لم يمت بعد، رغم ضياع كل مدخراته على تعليمهم وزواجهم، ماأبشعها من حياة، يبدو أنهما من نفس البلدة، التى توقف عندها القطار،
نزلا معا مقررا إصطحاب جاره لمنزله وإحتساء فنجان شاى معا، والإتفاق على لقاءات قادمة، بعد أن أنس صحبته، ومشاركتهما للهم الذى يعتصرهما،
فى المنزل وجد صورة تشبهه، وصالون عتيق الطراز سبق له رؤيته، هل أخطأ جاره العنوان، الذى أشار فى فرح إلى ألبوم الصور وفيه طفولة تشبهه بين ترحيب بالضيف،
- تفتح الباب، فتاة تكسوها الملاحة تقول : إنت جيت يابابا ؟
يقول الأب فى حيرة ودهشة : رحبى معى بصديق القطار، بين إبتسامة الإبنة التى إعتادت مثل هذا الموقف، أنه لا ضيف ولا أحد هناك .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى