أ. د. عادل الأسطة - "مفاتيح البهجة": النكبة المستمرة

[HEADING=2]- "مفاتيح البهجة": النكبة المستمرة [/HEADING]
ما هي مفاتيح بهجتنا نحن الفلسطينيين ؟
" مفاتيح البهجة " سيرة روائية لكاتب القصة القصيرة عمر حمش المولود في قطاع غزة / مخيم خان يونس - إن أحسنت التذكر .
أصدر الكاتب ما لا يقل عن ١٠ مجموعات قصصية وهذا العمل ثاني عمل له طويل نسبيا إذ يقع في ١١٦ صفحة من الحجم المتوسط .
يمتد زمنه الروائي من ١٩٤٨ إلى ما بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ وبداية المقاومة في غزة ويتوقف عند بداياتها .
هل المقاومة ردا على الهزيمة هي مفتاح البهجة أم أن مفاتيح بهجتنا كانت في أعيادنا قبل ١٩٤٨ ونحن على أرضنا ، فالجدة تروي للحفيد عن احتفالات أهل مجدل عسقلان قبل الهجرة وما كانت تولده من بهجة في نفوس كثيرين .
تنتهي الرواية بمقاومة مسلحة للاحتلال ولكن والد السارد له رأي آخر ، فبعد نكبة ٤٨ وهزيمة ٦٧ يفقد الأمل بحلول تأتي من الخارج ولا يعود يعول على أحد .
والحل ؟
الحل أن نزوج بناتنا لصبياننا ونتكاثر ونبقى صامدين على أرضنا ونحن وأبناء العمومة والزمن طويل .
مقالي الأحد القادم لدفاتر الأيام الفلسطينية عن " مفاتيح البهجة " وتواصل حكاية الحكاية .
عادل الاسطة
مساء الخير
خربشات ٢٧ / ١٢ / ٢٠٢٢

***

- " مفاتيح البهجة " : عام جديد والنكبة مستمرة

" مفاتيح البهجة " عنوان رواية الكاتب الغزي عمر حمش المولود في ١٩٥٣ ، وقد صدرت عن مكتبة " كل شيء " في حيفا في العام ٢٠٢٢ ، وتقع في ١١٤ صفحة من الحجم المتوسط ، وفيها يواصل السارد رواية حكاية اللجوء والشتات الفلسطيني الذي ابتدأ في ١٩٤٨ ، اللجوء الذي مر به الأجداد والآباء وولد فيه الأبناء . هكذا تروي الجدة ما مرت به ويروي أيضا الأب والعم ما مرا به ليواصل الحفيد والابن رواية الرواية ويضيف إليها تجربته :
" هاجر جدك إلى الخليل من بعد طردنا من المجدل " و" دفنوه ثم طردونا كلنا ، وكانت طردتنا الثانية " ثم يقول الأب ما ألم به حتى وصل إلى تلال غزة " وجدت الخلق يبحثون عن الخلق ، وعوائل تسأل عن مفقوديها ، وكنت هائما ، حتى وجدتهم تحت شجرة السدر " . كانت الحكاية حين سردها الأب لا تبعد عن زمن سردها " سوى بضع سنوات فقط " ، وحين تقع هزيمة ١٩٦٧ ويحتل القطاع يذهب الأب ، مع ابنه ، إلى مخيم خان يونس ليعرف ما ألم بأخيه ، وحين يلتقيان يسرد الأخ على مسمعهما حكاية نجاته وأخيه وأبيه قبل ١٩٤٨ من الضبع ، فالضبع هو من خاف حين انثنى " أبوك ... قبالته كضبع أشد ، بل قل كأسد عيناه تحدقان في عينيه ... قال عمي هذا وبه ختم .. " .
" مفاتيح البهجة " إن أردنا تجنيسها فهي سيرة روائية لعائلة فلسطينية هجرت من قريتها المجدل ، والعائلة هي عائلة الكاتب نفسه ، وهي تتقاطع مع روايات عديدة كتبها روائيون لجأت أسرهم إلى قطاع غزة من يافا ومجدل عسقلان وقرى مجاورة ، ومن هؤلاء ربعي المدهون وغريب عسقلاني وعبدالله تايه وعاطف أبو سيف . إن بعض قصص وروايات الأسماء المذكورة تتخذ من النكبة موضوعا لها فتسرد ما حدث في حينه وتروي جانبا من حياة اللاجئين في مدنهم وقراهم قبل أن يصيروا لاجئين ، ويتواصل السرد عبر الزمان وقد يمتد في قسم منها إلى انتفاضة الأقصى . تماما كما تتقاطع بعض أحداث " مفاتيح البهجة " مع أعمال فلسطينية عديدة خارج قطاع غزة ، فما روي فيها عن نكسة حزيران واحتلال القطاع وما عاشه أهله في الأشهر الأولى يتشابه تشابها كبيرا وما ورد في أعمال أدبية تناولت الفترة نفسها وعاش كتابها وأهلهم التجربة نفسها .
في نهاية ٧٠ القرن ٢٠ طلب مني المرحوم محمد البطراوي " أبو خالد " بعض قصصي القصيرة عن المخيم ليصدرها في مجموعة مع بعض قصص غريب عسقلاني عن مخيمات غزة ، وقد كان قصده أن تري القصص واقع المخيمات في الضفة والقطاع : هل ثمة تشابه وتقاطعات ؟
وأنت تقرأ ما روته الجدة في " مفاتيح البهجة " عن حياتها وحياة أسرتها في مجدل عسقلان تتذكر ما كتبه ربعي المدهون في روايتيه " السيدة من تل أبيب " و " مصائر " وكتابه " طعم الفراق " .
وأنت تقرأ ما رواه سارد " مفاتيح البهجة " عن أجواء حزيران في قطاع غزة وأيام الاحتلال الأولى تقرأ شبيها له في قصصنا ونصوصنا . كما لو أن التحربة واحدة ، ولم أشعر شخصيا باختلاف عما عشته وأهلي ومررنا به وعبرت عنه في " ثلاثة أيام حزيرانية في حياة يوسف . م " من مجموعة " وردة لروز ... وردة لفائزة " وفي " حزيران الذي لا ينتهي " ، ولعل الكتابة عن حضور هزيمة حزيران في أدبنا خلال الأعوام العشرة الأخيرة تستحق وحدها كتابة .
فيما كتبه عمر حمش وما كتبته أنا وما كتبه غيري نقرأ عن الأجواء التي شهدتها الضفة الغربية وقطاع غزة قبل الهزيمة : الفرح والنشوة وانتظار العودة القريبة ، ثم الصدمة التي سببتها الهزيمة وانقلاب الفرح إلى ترح والشعور بالذل والهوان والتعرض للضرب والتفتيش والإهانة والاعتقال وكيس الخيش ممثلا في أشخاص كانوا يعيشون بيننا وإذا هم يهود أو متعاونون معهم كانوا يرصدون حركات أبناء شعبنا ؟ ( كتب عن كيس الخيش إميل حبيبي ، وهنا أيضا أشير إلى رواية كامل أبو صقر " فتى الغور ٦٧ " التي صدرت أيضا في ٢٠٢٢ وترصد أجواء حزيران المشابهة لما ورد في " مفاتيح البهجة " ) .
تقف أحداث هذه السيرة الروائية بعد أشهر قليلة من حزيران ٦٧ ، فلا يمتد زمنها الروائي إلى ٧٠ القرن ٢٠ ، وتنتهي ببدء عمليات المقاومة الفلسطينية ، فمعلم اللغة العربية الذي لم يستسغ الهزيمة وفوجيء بوقوعها يحمل السلاح ويغدو مطاردا .
ما يلفت النظر هو الطرح الذي يتبناه والد السارد لحل القضية الفلسطينية ؛ والد السارد الذي وعى النكبة وعاش الهزيمة وخبر إخفاق الحل العسكري . لقد رأى أن الحرب الإسرائيلية وحدت شعبنا ومع أننا هزمنا إلا أننا سنهزمهم ببقائنا . يخاطب الأب ابنه بالآتي :
" - اسمع . لا تنتظروا أحدا خارج حدودنا . تذكر .. تناسلوا فقط . املؤوها من البحر إلى النهر .. افهم .. زوجوا بناتكم بصبيانكم وسلموهم الطابو ، والمفاتيح إلى يوم يقضي فيه الله بيننا " .
في العام ٢٠١٦ كتبت " حزيران الذي لا ينتهي " ، وفي ١٩٦٧ كتب إميل حبيبي " سداسية الأيام الستة " وفي العام الماضي صدرت روايتان تأتيان على حزيران ، وللكاتب اللبناني إلياس خوري رأي هو أن النكبة مستمرة ولما تنتهي ، وها نحن نبدأ عامنا الجديد وما زلنا نعيش كوابيس ١٩٤٨ و ١٩٦٧ . لا النكبة انتهت ولا إزالة آثار العدوان تحققت ولم تتحقق أيضا نبوءة الشيخ بسام جرار بزوال الدولة في ٢٠٢٢ .
اليوم هو الأول من العام الجديد و " كل عام ونحن بخير عميم " .
عادل الاسطة Adel Osta
الثلاثاء والأربعاء ٢٧ و٢٨ / ١٢ / ٢٠٢٢ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى