محمد محمود غدية - الركض خلف الذكريات

فى صالون العقاد لوحة لطبق مملوء بالفاكهة الطازجة رائعة الألوان تبهر النظر،
أعجبت بها من هام بها وأحبها، والتى كان يداعبها بأنها تشبه طبق الفاكهة،
إنتابه الغضب حين إكتشف أن هناك آخر تحبه،
طلب من الفنان الذى رسم اللوحة، إضافة الذباب حولها لترى حبيبته الإضافة الجديدة باللوحة وتصلها الرسالة،
ويعيش العقاد راهباً للفكر دون زواج،
طعم التفاحة ليس فى التفاحة وليس فى فم أكلها وإنما فى إجتماعهما معاً، كذلك الثنائية الفريدة بين الرجل والمرأة،
المرأة اللينة المستعصية والنحلة التى تفرز عسلاً، وتلدغ كل من يقترب منها، وإسألوا الذكور فى مملكة النحل،
آدم حين أنس فى نفسه الوحشة خلق الله له حواء، الفرملة التى تحافظ على الرجل من السقوط فى هاوية الشرور،
يسير بتمهل نحو الخمسين، يكبح دموعه التى لو إنهمرت فى هدوء لرطبت قسوة اللحظة التى يحياها وحيداً،
أقسى شعور حين يسيطر الملل فلا يملك المرء رده، الكتابة وحدها تعينه على الإحتفاظ بمسافة مأمونة بينه وبين الواقع، حتى لا ينكسر القلب،
ماأبشع أن يمضى العمر ويموت الإنسان منفرداً لا يبكيه أحد !
يراها فى أعماق فنجان قهوته وبين لفيف دخان سجائره
فى المقهى تعرفها الطاولة والمقعد والنادل الذى كان يأتى بقهوتها دون أن تطلبها، فى غيابها ظلت الحلم الذى يتولد عنه نيران لا تنطفئ هى المرأة الوحيدة التى إستطاعت تحريك ردراته نحوها،
أشياء كثيرة تبدلت فى غيابها، لم يعد يطربه خرير الماء وحفيف أوراق الشجر، حتى رائحة الورد لم تعد تثرى مشاعره،
تخفف المقهى من رواده،
بعد أن طوق الليل الأماكن والملامح، لم يتوقف عن الركض خلف أحصنة الذكريات التى هربت من حقوله فى سنوات الشباب،
يجاهد فى إنتزاع سكونه، بعد أن حط الألم على جسده، مستنداً إلى ما تبقى،
ليصل إلى غرفته الباهتة الضوء، والتى رسمت على جدرانها خرائط البؤس، والمسكونة بالغياب .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى