محمد محمود غدية - طيور الآسى

لم تجد عملا بعد التخرج، سوى ذلك المكتب الذى يعمل فى طباعة وتصوير المستندات والكتابة على الكمبيوتر، تفتح المكتب الساعة التاسعة صباحا وحتى الخامسة مساء، كل صباح وهى خارجة من المنزل، توزع الإبتسامات على عم عيد صاحب الصالون الذى يرفض تحديثه، وفكرى صاحب عربة الفول، أثناء إرتشافهم للشاى والقهوة لزوم الإصطباحة، عشر سنوات أضيفت لعمرها، تتأمل كل يوم وجهها الذى يفقد نضارته فى المرآة فتحزن، تصطدم بنفس الوجوه كل يوم،
دون تبديل أو تغيير،
- ياهناه اللي يتجوزها ست بيت شاطرة ولهلوبة، كثيرا ماتكرر الأم هذه الجملة، لأم حسن الدلالة والخاطبة، التى لم تقصر وعملت اللي عليها وزيادة، والتى أحضرت ثلاثة عرسان، رفضتهم الأم اثنين منهم متزوجين والثالث أرمل فى سن والدها،
- ليه ياام حسن هى بنتى وحشة دى زينة البنات ومعاها شهادة جامعية ألف واحد يتمنوها، صرخت الإبنة هما فين ؟ تتآسى البنت على عمرها الذى يذهب، وإبتسامتها التى فارقتها، مفيش غير صبحى صاحب ورشة ميكانيكا السيارات اللى على ناصية الشارع،
يكبرها بعشرة أعوام، وملابسه دائما ملوثة بالشحوم والزيوت، لا يحمل مؤهلا يدوب يفك الخط،
وهى عملت إيه بالمؤهل ؟
كل يوم يصبحها بنكتة، تؤجل الضحك عليها حتى تغادره،
لم يسبق له الزواج و قد فاتحها أكثر من مرة، وهى تبتسم دون إجابة، شهادتها الجامعية تزين حائط منزلها فى برواز أنيق، كل يوم تتأملها ويعتصرها الألم،
فاتحت أمها التى تركت لها القرار، وبقليل من الدلال ألقت بشباكها على صبحى الميكانيكى، الذى تزوجها لتنجب له بعد عام توأم سبحان المصور، وكأنهما تعويضا
عن السنوات المنصرمة، وهى لاتصدق نفسها، صبحى مش مخلى فى نفسها حاجة حنين ومؤدب
ياااه قالتها فى تنهيدة طويلة، عشر سنوات وطيور الآسى تحلق فوق رأسها، قرارها الصائب بالتخلى عن شهادتها والزواج من صبحى إبن حارتها الطيب ووالد طفليها، جعل طيور الآسى تحلق بعيدا .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى