د. محمد عباس محمد عرابي - أنوار الفجر في شعر الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي

الفجر رمز للضياء، فببزوغ نور الفجر تصحو الدنيا على شقشقة العصافير، وتغريد الطيور معلنة بدء البهجة والسعادة للبشرية جمعاء مكللة بالحيوية والنشاط، وأجواء الفجر الشاعرية تحفز الشعراء لوصف ملامح جمال الكون في الفجر، وأثر الكون على الطبيعة والأحياء، وقد تحدث الشعراء عن ذلك، ومن أبرزهم الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي، ويعرض هذا المقال لبعض ما قاله عن نور وأنوار الفجر فقد تحدث عن:

طَلْعةُ الفجرِ وتباشير ونور الصباح، و تقديم التحية للفجر المنير، و الفجر الذي يلقي سهم النور في صدر الظلام، و محاولة الفجر تجاوز ظلمة الليل والفجر الذي يجلب النور للأرض، و مولد الفجر الذي يجعل الدياجي تهرب، ونور الكهوف يعم، وعن ابتهاج وضحك أنوار الفجر، و الفجر المغرد الذي يزداد في عين الحياة سطوعًا في (طيبة الطيبة)، و نور الفجر الذي يحرك مقلتي الشاعر، و الفجر الذي يفرش النور على درب القلم، وانحسار ظلمة الليل بخروج نور الفجر، و نور الفجر الذي يغسل أجفان القرية، و نور الفجر الساطع كنور القرآن ،و مزج نور الفجر الصافي بالألحان، وفيما يلي بيان ما قاله في ذلك:

- طَلْعةُ الفجرِ وتباشير ونور الصباح:

تحدث الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي عن طَلْعةِ الفجرِ وتباشير ونور الصباح حيث يقول:‬

في طَلْعةِ الفجرِ ما يُشْجي المُحبِّينا

‏ويَمنحُ الشَّوقَ في الأعماقِ تَمْكينا

‏إذا تَنفَّس في الآفاق حوَّلَها

‏فَيْضًا من النور دَفَّاقًا يُرَوِّينا



*تحية الفجر المنير:

حيَّا الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي الفجر المُنير الذي ينير الأفق حيث يقول:

سلامٌ أيها الفجرُ المُنيرُ

‏من الأعماقِ، أنتَ به جديرُ

‏سلامٌ كالنّدى في الروضِ لمّا

‏تُسَرُّ به وتنتعشُ الزهورُ

‏أَزفُّ به إليكَ نسيمَ حُبٍّ

‏يطيبُ على نسائمِه البُكورُ

‏سلامٌ يا صباحَ الخيرِ مني

‏تُغرّد حينُ تسمعه الطيورُ

‏جرى لي منه بالقرآن نهرٌ

‏نقيٌّ ماؤه ماءٌ نميرُ

‏وبالأذكارِ طِبتَ لنا صباحاً‬‬

‏نردّدها فتنشرحُ الصدورُ

‏ونسعدُ بالصلاةِ على نبيٍّ

‏كريمٍ، في القلوبِ له حضورُ

‏سلامْ كابتهاجِ الأُفقِ لمّا

‏يَفيضُ على الخلائق منه نُورُ



الفجر يلقي سهم النور في صدر الظلام

بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن الفجر يلقي سهم النور في صدر الظلام، حيث يقول في قصيدة (الرياح الموسمية):

(الرياح الموسمية)

هي ساقت موكب الهجرة محفوفًا ..

بأنوار النبوة

ثم ساقت موكب الفتح الذي عاد ..

بإصرار وقوة

(الرياح الموسمية)

نقلت صوت بلال حين نادى بالأذان

وسرتْ في جنح ليل الخوف إحساس أمان

وأرتْنا من خيول الفتح ...

ما كان قوي المتن مشدود العنان

(الرياح الموسمية)

علمتنا لغة الحب وإيقاع السلام

علمتنا ..

كيف نسمو بالطموحات إلى أسمى مقام

أخرجتنا من سراديب الظلام

علمتنا ..

كيف يرمي الفجر سهم النور.

في صدر الظلام

فتعلمنا وأثلجنا صدور الخيل بالركض على درب الكرام

وتوكلنا على المولى، ووجهنا أمانينا.

إلى حسن الختام (1)



محاولة الفجر تجاوز ظلمة الليل:

تحدث شاعرنا الدكتور العشماوي في قصيدة " ربما ينفع الشعر " عن محاولة الفجر تجاوز ظلمة الليل حيث يقول:

سأرسل شعري، ربما ينفع الشعرُ وعندك يا ربّي الكفايةُ والأجرُ

أري الليل ممتدًّا كأن ظلامه حواجز لم يسطعْ تجاوزها الفجرُ (2)



‏ الفجر يجلب النور للأرض

وها هو شاعرنا يبين أن الفجر يجلب النور للأرض حيث يقول:

وإذا الفجر يجلب النور للأر

ض ويلقي على الوجود بيانه

وإذا الناس يرفعون جباها

بعد دهر من ذلة واستكانهْ

يا ربوع الحجاز أزهر روض

بعد أن أذبل الهوى أغصانه

غردي يا طيوره وتغني

بأمانيه وانسجي ألحانه

وانثري يا رياح في كل وجه

كالح رمل ذلة ومهانهْ

تصبح الأرض رحبة بالتآخي

وبروح العداء كالزنزانة (3)



بمولد الفجر تهرب الدياجي ويعم نوره الكهوف:

بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن صالح العشماوي أنه بمولد الفجر تهرب الدياجي ويعم نوره الكهوف حيث يقول في قصيدة هطل الغيث بعد طواف العمرة:

ها هنا البيت سوف تهوى قلوبٌ** وستمتد بالحنان كفوف

هطل الغيث فالحياة ربيع **مشرئب يفر منه الخريف

ولد الفجر فاهربي يا دياجي ** واستضيئي بنوره يا كهوف ُ

ها هنا البيت كما أتاه سعيدٌ** وشقي ومثقل وخفيف

يستوي فيه سيد ومسود ** وقوي مسلط وضعيف

ها هنا تسعد القلوب وتصفو ** ويبل الصدى وتقرى الضيوف

تتلاشى كل المظاهر عندي **حين تصطف الصلاة الصفوف (4)



انحسار ظلمة الليل بخروج نور الفجر

وتحدث شاعرنا أيضًا عن انحسار ظلمة الليل بخروج نور الفجر

حيث يقول في قصيدة من هاهنا مر تاريخي:

من هاهنا مر تاريخي، فرحت به** وصحت باليأس، يا جدرانه انصهري

يا ظلمة الليل مد الفجر قامته**يا موجة الحزن في أعماقنا انحسري

يا روضة الشعر هذا الفجر يخرج من **أصلاب ليلتنا السوداء فازدهري

من هاهنا مر تاريخي، فتحت له** باب السؤال فأرخى طرفه الأثري (5)



الفجر المغرد يزداد في عين الحياة سطوعًا في (طيبة الطيبة):

في قصيدة (طيبة) بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن الفجر المغرد يزداد في عين الحياة سطوعًا في (طيبة الطيبة)، حيث يقول:

هل أنت في حلم يمر سريعا**لما دعاك إليه جئت مطيعا؟!

هذي أمامك طيبة ورحابها**قد بوركت في العالمين ربوعًا

هذا قباء، أما رأيت البدر في**ساحاته لما استتم طلوعا؟!

أوما رأيت الوجه وجه محمد** أوما رأيت مقامه المرفوعا؟!

أوما سمعت هتاف أنصار الهدى**ما زال في أذن المدى مسموعا؟!

أوما تشاهد روضة من جنة**مخضرة أوما تحس خشوعا؟!

أوما ترى جذع اليقين قد ازدهى**وامتد عبر الكائنات فروعا؟!

أوما تشم المسك في أرجائها**أوما تشاهد خندقا وبقيعا؟

أوما ترى الفجر المغرد لم يزل **يزداد في عين الحياة سطوعًا؟!

مالي أراك وقفت وحدك جامدا**ما بال عينك لا تفيض دموعًا

هذي المدينة قد تألق فوقها**تاج يرصع بالهدى ترصيعًا

هذي سقيفتها تلوح أمامنا**فنرى بها شمل الرجال جميعًا

هذا هو الوادي المبارك لم يزل**في الحب في زمن الجفاف ربيعًا

هذا هو الجبل الأشم كأنه**يصغي ليسمع شعرك المطبوعا!

أحد يحب رسولنا ونحبه**ما زال رمزا للوفاء بديعًا

ما أنت في حلم فهذي طيبة**قد أوقدت للتائهين شموعا

هي مأزر الإيمان في الزمن الذي **يشكو بناء المكرمات صدوعًا (6)



نور الفجر يغسل أجفان القرية :

تحدث الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي في قصيدة (بروق الواسطية ) عن نور الفجر يغسل أجفان القرية ، حيث يقول :

فديتك يا واسطية عقد الزمن..

فديتك..

ما أجمل الصوت ينثر عطر الحروف علينا

يمر بها من طريق القُبل

فديتك..

ما أجمل الصوت يملأ كل الفراغات حولي

وينسج ثوب الأمل

فديتك..

ما أجمل الصوت يفتح بوابة الفجر..

يغسل بالنور أجفان قريتنا النائمة (7)



نور الفجر يحرك مقلتي الشاعر:

بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن نور الفجر يحرك مقلتي الشاعر، حيث يقول:

يا صاحب الحرف المسجى عند باب القافية

يا صاحب الحرف المعطر بالألم

يا من يغرد في أناملك القلم

ابذر لنا في أرض لهفتنا بذور الذكريات

اشرح لنا لغة الأماني الغاديات الرائحات

معنى اشتعال الصمت والظلماء والبيداء

...يا صاحب الحرف المرفرف فوق أهداب

القصيدة

وهج الصحراء لم يزل لغة فريدة

أو ما ترى ...؟!

الفجر حرك مقلتين

والشمس مدت راحتين

وأراك ترسم لوحتين

أو ما ترى البطحاء ترسم

حين تضحك للمدى غمازتين؟

أو ما رأيت "حراء "يفتح للهدى

بوابتين ؟

اقرأ...! (8)



الفجر يفرش النور على درب القلم:

فقد بين شاعرنا أن الفجر يفرش النور على درب القلم حيث يقول :

أنت للشعر نغم

أنت فجر ..

يفرش النور على درب القلم

أنت .. ما أنت؟؟

شذا .. نفح خزامي يملأ النفس رضا

يمحو الألم

نور الفجر في السطوع كنور القرآن:

بين الشاعر أن نور الفجر في السطوع كنور القرآن حيث يقول :

إنه الفجر، كيف تنسون فجراً

ساطعَ النور، في الكتاب المبين؟!

في هُدَى الأنبياء من عهد نوح

وختاماً بالصادق المأمون؟



مزج نور الفجر الصافي بالألحان:

في قصيدة (أنشودة القرية ) تحدث الشاعر عن مزج نور الفجر الصافي بالألحان فيقول :

سلي

الفجر الذي كنا

نسابقه إلى

الوادي

ونمزج نوره الصافي

بألحان سكبناها

تُغيض البلبل

الشادي (9)



ضحك أنوار الفجر:

فقد تحدث شاعرنا عن ابتهاج وضحك أنوار الفجر حيث يقول:

سلي حراء عن الفجر الذي ضحكت **أنواره فأزالت ظلمة الغار

سليه عن ومضات منه نافذة **إلى القلوب التي تهفو إلى الباري. (10)





(1) عبد الرحمن العشماوي، (أنت لدينا متهم) قصيدة (الرياح الموسمية)، ص115،116

(2)نفسه، ص117

(3) عبد الرحمن العشماوي، ديوان (مراكب ذكرياتي)، الرياض، مكتبة العبيكان ،1424هـ، ص122-125

(4) عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء، قصيدة هطل الغيث بعد طواف العمرة)، ص60-61

(5) قصيدة من هاهنا مر تاريخي " ص84 -85

(6) عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء، قصيدة (من ها هنا مر تاريخي)، ص86

(7)عبد الرحمن العشماوي ،(أنت لدينا متهم) قصيدة " (بروق الواسطية ) ،ص97

(8) عبد الرحمن العشماوي، عناقيد الضياء، ص93

(9)عبد الرحمن العشماوي : (ديوان يا ساكنة القلب )، قصيدة (أنشودة القرية )،ص17

(10) عبد الرحمن العشماوي، تسألني ليلى، ص155

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى