غياث المرزوق - مَشَاهِدُ مِنَ ٱلْجَحِيمِ ٱلْدِّمَشْقِيِّ -1- «مَشْهَدُ ٱلْحَيَاةِ»

/... اَلْحَيَاةُ،
هٰذِي ٱلْحَيَاةُ، ٱلَّتِي لَا تُمْتَحَنْ،
لَا تَسْتَحِقُّ ٱلْعَيْشَ،
لَا فِي ٱلْجِنَانِ وَلَا فِي ٱلْدِّمَنْ!
سقراط


(1)

– «مَشْهَدُ ٱلْحَيَاةِ» –

/... قَالَتْ لَهُ:
«أَرَاكَ كَمَنْ يَحْمِلُ الدُّنْيَا عَلى كَتِفَيْهِ،
وَهْوَ كَظِيمٌ كَظِيمْ.
هَلْ تَخَـافُ مِنْ شَبَحِ المَوتِ، حَقًّا؟».

/... قَالَ لَهَا:
«لَا أَظُنُّ أَنَّ المَوْتَ يُخِيفُنِي كَشَبَحٍ،
إِنْ جِئْتِ للقَوِيمْ:
فَلَا وُجُودَ لَهُ بَتَّةً مَا دُمْتُ مَوْجُودًا،
وَمَا دَامَ مَوْجُودًا، كَذَاكَ، لا وُجُودَ لِي.
لِمَاذَا، إِذَنْ، أَخَافُ مِنْ شَبَحٍ،
لَا وُجُودَ لَهُ بَتَّةً مَا دُمْتُ مَوْجُودًا؟».

***

/... وَلٰكِنْ،
لِمَاذَا شَدَدْتَ الجَنَاحَ وَقَوَّضْتَ
/... عُشَّكَ
فِي غَفْلَةٍ مِنْ دُنَايْ؟
إِذَا كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي بِطَيْفِكَ
أَحْمِلُ نِصْفَ أَنَايْ

***

/... تَمَاهَيْتْ،
تَمَاهَيْتُ فِي نِصْفِكَ البَابِلِيِّ
/... بَعِيدًا
عَنِ الحَافِلاتِ وَحَوْبِ الزَّمَانِ
لِأرْفُو جُرُوحِي
وَهَا أَنْتَ تَسْمُو عَلَى صَخَبِ
/... ٱلْمَوْجِ
كَيْمَا تَلُوذَ بِصَمْتِ المَكَانِ
وَكَيْمَا أَرَاكَ بِمِرْآةِ رُوحِي
/...
كَمَا النَّسْرِ، وَدَّعْتَ
قِمَّتَكَ، الآنَ، قَبْلَ الأوانِ
لِتَبْسُطَ ظِلَّكَ
أَوْسَعَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى
فِي فَيَافِي نُزُوحِي

***

/... تَرَكْتَ،
تَرَكْتَ بِلادًا تُرَاوِدُ قَابِيلَ
عَنْ نَفْسِهِ
/... مرَّةً،
مرَّتينِ، وَأَلْفَاْ
وَهَابِيلُ يَعْوِي مَدَى اللَّيْلِ
زُلْفًا، وَزُلْفَاْ
وَيُطْلِقُ أَشْلاءَهُ كَالخَذُوفِ
/... ٱلْأَثِيرَةِ
نَحْوَ رَعِيلِ ذِئَابٍ مُبَرْقَعَةٍ
مِنْ أَمَامٍ
وَسِرْبِ خَنَازِيرَ بَرِّيَّةٍ
مِنْ وَرَاءْ

***

/... تَرَكْتَ
بِلادًا،
بِلادًا،
تُقَدِّمُ قُرْبَانَها لِلشُّمُوسِ
/... ٱلْأَخِيرَةِ:
شَابًّا يَشُبُّ بَرَاكِينَ جِيلٍ
وَشَابَّةَ عَصْفٍ جَمِيـــلٍ
وَزُغْرُودَتَيْنِ مُدَوْزَنَتَيْنِ
صَبَاحَ مَسَاءْ

***

وَكُنْتَ تُشَمِّرُ عَنْ سَاعِدَيْكَ
/... لَجُوجًا
وَتَرْكَبُ ظِلَّكَ رَغْمَ انْشِطَارِ
ٱلْخَلَايَاْ
وَتُبْعِدُ عَنْ مَاءِ وَجْهِكَ أَشْبَاهَهُنَّ
/... خَدُوجًا
لِتَكْسِرَ، تَكْسِرَ طَوْقَ المَسَافَةِ بَيْنَ
ٱلْرَّعَايَاْ
/...
وَمَا بَيْنَ قَلْبَيْنِ صِنْوَيْنِ مِنْ حَجَرٍ
أَوْ سُحَامٍ يُؤَرِّخُ مَجْزَرَةً،
/... ثُمَّ مَجْزَرَةً،
/... ثُمَّ مَجْزَرَةً،
تَسْتَطِيلُ عَلى بَرْزَخِ الرَّمْلِ،
وَالرَّمْلِ،
وَالرَّمْلِ،
مَسْفُوحَةً
فِي العَرَاءْ

*** *** ***

دبلن (إيرلندا)،
أيار (مايو) 2012

/ عن الحوار المتمدن

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى