د. محمد الهادي الطاهري - لقاء على غير موعد

بالأمس في ساحة واسعة قريبا من المدرسة، حيث درستُ وحيث تعلمتُ أصل القراءة وأصل الكتابة وأصل الحساب وقفت طويلا. على جنبات الطريق ألوف من الزائرين أتوا من زمان بعيد. هذا أبو بكر يمشي الهوينى. عصاه التي بيديه كمثل عصاة أبي وعيناه مثل أبي. حسبته هو. مشيت إليه وقبلته فاستفاق ومد يديه إليّ. سلام عليك بنيّ. من أين جئت؟ وظل السؤال يدور على شفتيه. وجاء رجال إلينا فصرنا فريقا طويلا عريضا. أبو بكر في غاية الاندهاش. ولا يدري كيف اجتمعنا بلا موعد. تنهّد تنهيدة زعزعتنا جميعا وقال: إذن هو طلحة جاء بكم وساق إلينا الرجال من كل فج عميق. وطلحة أوحى إليكم. لتأتوا جميعا وتشهدوا وقت الفوات. لا زرع في أرضنا يا رجال ولا ضرع فيها ولا شيء إلا بقايا حياة. أبا بكر لا تبتئس فها نحن جئنا وعما قريب تهب الرياح ويأتي السحاب. ستسمع صوت الرعود كما تسمع الآن دق الطبول. وعما قريب ترى النوء تمسح هذا الغبار وسوف يكون رخاء وسوف يكون نهار. أبو بكر في غاية الانتشاء. رأيته يقفز بين الصفوف ويعدو ويركب ظهر الحصان فتعلو الزغاريد في الجو ويعلو الرصاص. حصانه كاد يطير وما حط حتى رأينا السحاب يحط. ويمسح عنا الغبار. وكان نهار.
  • Like
التفاعلات: عصمت محمد بدل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى