كريم ناصر - أيّها التمثالُ فأنت لستَ لي

أيّها التمثالُ فأنت لستَ لي

لعلّك لا تحبّ السمندل

(1)
كيف أقبل أن تأكلَ الأفعى الأرانب،
الويل للتنانين
للضباعِ
للسنانير
لنجومِ الوهاد.
(2)
ما نفع المطر في الصيف،
لا أرخبيلَ يعصمني من سرابه،
لا أظنّكَ تعرف حين أراقَ المعلّمُ
دمَ أياد عبد الدين.
(3)
لا تشرقُ الشمسُ في المدن،
هكذا ـ بعيداً عن الرنين ـ
سأتلفُ الأجراسَ على تلّةٍ عالية
أو على شجرةٍ في جزيرة.
)4)
أ هكذا لا أعرفُ لمن أبوح بأسراري؟
ها هو ماءُ الأمطار
يجرفُ الجرار.
(5)
علامَ تدلقُ النيرانَ
في خريفِ عمرك؟
فلتحرقك الصواعق
يا جمرة تعاني الألم.
(6)
فلتزهرِ الداليةُ في البُرج،
حينما فلقَ الحارسُ القواقعَ
نثرت القصب،
فلا أنفّذ أمراً ولن أكسرَ ظهري.
(7)
لا أفرح بغزوِ القراصنة،
كأنَّ العصافيرَ كُرات في الريح،
ما أشقى الموت في صحراء.
(
😎

في المنخفضِ ثعابينُ
وأرتالُ أرانب،
في الحظيرةِ قطيعُ خنازير،
في الواحةِ جثثُ أحصنة
وفي قلبي يزهرُ الحبّ.
(9)
لم يشطفِ المرايا
لم يذكرْ حلمةً أو ذكرى،
لقد قاءَ على البارجةِ دماً،
فدبَّ كسُلَحفاة
هو.
(10)
كمن يشدّ عضدَ الوردة
ويزجر الغربانَ في المساء،
سأغوي الغديرَ ليلفظَ ضفادعه.
(11)
لا تغرفُ الحياةُ الكسَل،
ولا تنضبُ الينابيعُ
على جبلٍ مسرور..
إنّك تدخل البُيوتَ ولا تغور فيها
قل:
مَن استلَّ من البحرِ المِعى؟
(12)
لن أتبعَ المطر،
لن أتوارى عن الرمل
كإباءِ الزوبعة
تمضي لتهبّ في النهاية.
(13)
كيف ألثمُ فمكِ يا حسناء
لأطفئَ نارَ محاسنك؟
آهٍ
أين أسرجُ فرسي؟
(14)
سأخرجُ لأبحث عن أفعىً نهشتني
في بركة،
كم رجوتك
ليتك زرعت الأرائكَ
وكسرت العصا..
لا تذهب.
(15)
لن أهدهدَ صيفَك في صحراء،
لن أمرّغَ خصرَك الناحل
في الوحل.
(16)
قد أخشى النمرةَ في المرسى،
قد أخشى سيلاً يندلق،
سأتبعُ أثرَ الغزالةِ لأرثَ غابة.
(17)
لماذا تنهبُ المياهُ المضيق
وتحدّقُ الصقورُ إلى قلبي؟
فلا أسيرُ صاغراً
ولن أغامرَ على جبل.
(18)
لا تختضبُ الحسناءُ بالحنّاء،
هكذا
نعظَ التمثالُ من وراء الرمال،
كقطٍّ ثرثارٍ خرجَ في الليل.
(19)
سمعت القمر يركبُ البحر،
سمعت صهيل حصانك،
سمعت النسر يلقطُ الثعابينَ في البرك.
(20)
ما من طائرٍ يشقُّ البُحيرةَ
ويهدمُ المغاور،
فلا تثأرْ من غزال.
(21)
صار قوامكَ مرجاناً،
لعلّك لا تحبُّ السمندل..
لا تصعقك الصواعق.
(22)
لا تلوّحْ للقطارِ بمنديلٍ أحمر،
فالوحُوش على السكك..
أ تنقصك سكّة يا أخي؟
(23)
أكلني النمر
وكأنّما الشمسُ لا تبزغُ
في الغابة،
تلك كانت محنة الجسد،
فلن أكرمَ نسراً.
(24)
لا تقتلْ غزلاني
كأنّك لم تكتفِ بالدماء؟
لو تسلك طريقَ الجسر
فتلحق بالصقور.
(25)
سأنحت تمثالاً في الكُوّة،
حتى لا تنقص جذوري
وأشقى في خَصْرِ خيزُرانة.
ليت قلب السمكة ورقة
(1)
دخلتُ القصرَ لأزجرَ حرّاسك،
لم تكنِ الشمسُ ذُبالة قنديل
ولم تركد مياهُ المستنقعات.
(2)
مشّطتُ شعرَ الليمون في الوهاد..
كلّما انبلجَ الصبح
حادَ التمثالُ عن منصّته.
(3)
لا تنادِ الغيلانَ في الأصيل،
إلّا حين تكون الغزلانُ
في مأمن.
(4)
ستضيعُ الأفئدةُ في ليلِ الصحراء،
يا قمرَ البنات لا تبرحْ قلبي.
(5)
حرام عليك تقطعُ الدالية..
حرام عليك لا ترضب الرضاب..
لا تتركِ السمكةَ تزلقُ من يدك،
ستنهبكَ العواصفُ
كما نهبَتِ الغيلانَ في الصيف.
(6)
تقدّمْ لأرقش جبينكَ يا أمير البحر
تقدّم.
(7)
لماذا تفحُّ الأفاعي
ولا تنزل قطرةُ مطر؟
لقد أكلَ الزقزاقُ ظهرَ التمساح،
ونقّبَ النمرُ عن جرحه،
أيّها التمثالُ فأنت لستَ لي
ليتني توقّفت عن مدائحك.
(
😎

فلن أتوارى عنكَ أيّها المسافر،
ها قد أضحى الطريقُ مرسى،
فخذْ حصانَ المزرعة
وخذِ الحمائم.
(9)
كأنَّ النسرَ يكسرُ جمجمتي،
هلمَّ نترك المدينةَ يا أخي
هنا تطحنُ الرحى الصفائح.
(10)
أرى زوبعةً تتمرّغ في الدم،
زوبعةً تدور
ففلقَتِ التمثال وأبرأتْ زهرةَ الصيف.
(11)
لِمَ تسعلُ العجوزُ ولِمَ تسعلُ النجمة؟
كأنَّ قلبَ المرأةِ قيثارة،
كأنَّ المرجَ منخفضُ رياح.
(12)
كلّما غمرَتني مياهُ القرصان،
تفتّحتْ وردةٌ عن طحلب
لأنَّ الكوسجَ كانَ عاقلاً فلم يبرحِ الدم.
(13)
فرَّ الوعلُ في الضباب،
نفقَ الحصانُ في لبِّ الشجرة
لِمَ تتكاثرُ الفئرانُ وتموتُ الحمائم؟
لِمَ لا يدحرجُ الجعلُ بنادقه؟
(14)
ليس في الغيضةِ ما يصيدُ الصيّاد،
فما لبث أن اصطادَ وحشاً،
أمّا الأسد فتبختر
أمّا البحر فثارَ بغتةً.
(15)
لصوصٌ ينتحلون ملامحَ فُرسان
في وادي الأُسُود،
ماسورة البُندقيّةِ فضاء،
فلن أتوارى عنكم في الشدائد.
(16)
عندما أراقتِ القيثارةُ أنغامها،
أفضى القمرُ إلى حجرِ حسناء،
فلن تعومَ ريشةٌ في الغدير.
(17)
إنفجر كوكبُ الماء
فلن أعومَ في مستنقع،
ولن أزجرَ زُريقاً ينقرُ ورقةَ الذهب.
(18)
يدي تتلألأ
أمّا روحي فتطايرتْ شظايا.
(19)
ألا تكفّ عن الجلجلةِ
يا جرسَ أعدائي،
فلمن تهذي تحت الجسر؟
ظننتكَ لا تدور ولا تحرقُ قلبي.
(20)
هذا قدري وهذا نهاري،
ليت قلبَ السمكةِ ورقة،
أغرق في اليمِّ ولا أخشى الكواسج،
كمن يبحثُ عن عظمِ هدهد
في أوقيانوس.
(21)
ليس رأسي كومةَ عظامٍ
أو رماد حرائق،
ما من سندبادٍ يشقُّ القمر،
ما بالك لا تألفُ الصورة؟
(22)
سيضمرُ قلبي كحبّةِ رمان،
هنا تهدمُ العواصفُ المنائر،
وتشبُّ النيرانُ في القصورِ
وفي أغوارِ العفاريت.
(23)
لو تذبل السنابلُ فتموت النخلة،
الماءُ في القلب
كـغراموفون لا يطرب
كمَحَارةِ أُذنٍ لا تقهرُ الصوت.
بقلم الشاعر الكبير كريم ناصر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى