فتحي مهذب - البراهين مكسورة الخاطر.

فعلا الجنون في حجرتنا.
تارة يتمرأى وطورا يختفي.
أحيانا يصعد من أخمصي قدمي
إلى حديقة رأسي.
يعمل النار في نظام الأشياء.
يضطهد المنطق الجالس بهدوء تام.
كما لو أنه بابا من القرون الوسطى.
يطارد فراشات مخيلتي المصطفقة.
يهشم بلور ذاكرتي بجزمته المريعة.
فعلا الجنون في حجرتنا.
أحيانا أعقله بحبال العقل المستدقة.
لئلا يؤذي إبني الذي جن الأسبوع الفائت
الذي يضحك طويلا.
يحلب سيجارته بفم شبه أدرد.
يفرك مرآة وينادي
أخرجي يا حبيبتي
لنحمل المستقبل إلى الكنيسة
لنحمل جرحانا إلى يسوع.
لم يعد ثمة متسع من الوقت.
المايسترو مغرورق بالفراغ.
والبراهين مكسورة الخاطر.
الدوري متجمد على عمود التليغراف.
إبني يتملى كتاب حياته العدمي
خطوطه المسمارية المركبة.
إبني غيمة حزينة
سقطت من تابوت زوجتي الراحلة.
لم يحملها روائي واحد إلى المستشفى.
آه أيتها الغيمة التي تسكب جنازها
في جرن العتمة.
بينما العالم ماض في عبثه اليومي.
فعلا الجنون يكبر معنا في البيت
يتيما مثلنا ومنكسرا طوال اليوم
لا يأكل الفراولو والحمص المقلي
لا يصغي إلى قرقعة عجلات الريح.
لا يكتب بل يمزق ريش دموعنا بأظافره الطويلة.
يسرق أفكار الجيران برشاقة فهد.
الأفكار التي تعنى بشؤون الدفن
وأبجديات الآخرة.
الجنون ينام معنا على سرير خشبي.
دائما يطل من زجاج أعيننا الزائغة
ضاحكا من تزاحم الفلاسفة
في كهف الحقيقة.
أحيانا يفتح النار على الأفكار
التي ترعرعت في إكواريوم الرأس.
وكلما إبتعد قليلا
نقرع النواقيس عاليا
لإعادته إلى بيتنا.
لا نطيق الحياة بمنأى عن وشوشاته.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى