عصام سعد حامد - محبة وحياء

امتنعت عني، حرمتني من حقي الشرعي..، لثلاثة شهور..، لا شيء يمنع من جانبي. تتهرب بأسبابٍ..، تتفنن فيها. حتى مللت، تجنبتها..، استبعدت فكرة إجبارها.. ( كل شيء بالخناق إلا فعل الحب فهو بالإتفاق )، خاصة أننا تزوجنا عن حب.. ما كان يشغلني. فيما بعد زواجنا..، بعد مفارقة الحياة، رحيلنا للأمجاد السماوية.. هل سندخل سوياً في ملكوت الله مع راعينا المسيح؟ بمعنى آخر. هل ستكون حليلتي أم سيكون لي حوريات، كما لإخواننا المسلمين؟.. هذا حقاً. ما كان يشغلني.
اليوم. وجدت ما يلهيني عنها.. إلهاءً قدريًا ، لم أتخيله يومًا .. كنت عائدًا من عملي، راكبًا سيارة أجرة، قائدها يستمع لأحد مشاهير القراء، المفروض أنني مجبر على الاستماع كالعادة، بصراحة. هذه هي المرة الأولى، التي لم أشعر فيها بالجبر، أنصت للشيخ وهو يتلو .. ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين.. ) شعرت بومضة.. أوقدت بصيرتي، شعرت بها صدقًا، استرجعت من خلالها آيات مشابهة من كتابنا المقدس، حتى تراءت لي.. وصية داوود لابنه سليمان عليهما السلام بقوله:
اعلم يا بني. أن خلاصة الأمر هي ( الله وتعاليمه)، شرد مني الفكر في اتجاهات.. لم أتخيل يومًا ، أنني سأفكر فيها. وصلت منزلي، كل كياني في اِنجذاب فكري.. دخلت مكتبي، أخرجت كافة الكتب، التي أريد سبر خبرها، بما علق في عقلي من هذه الآية، التي ألهبت ذهني، مخيلتي. مكثت أقرأ..، أبحث..، حتى ساعة متأخرة..، انتبهت لطرقات تنبيهية، ظننتها داخل وعيي، اكتشفت أنها لزوجتي. تستأذِن ..، معها غدائي، الذي لم أتناوله منذ الظهيرة. أعادت تجهيزه، بعدما نسيته ساعات..، لم أشعر فيها بجوع لانشغالي ، الذي لم يسبق لي الغرق فيه مطلقًا أو حتى غرقًا مشابهًا، سواءً في عملي أو حياتي.. كأنني مخطوف بإرادتي.. رأتني منشغلًا، أشفقت عليّ، تركتني فيما أنا فيه، أغلقت الباب.. تناولت ما أحضرت، أنا ألتهم الكلمات في الكتاب، الذي كان بيدي، عكفت باحثًا على الكمبيوتر، شبكة المعلومات.. الحق أقوله لكم.. لن أخجل من اعترافي ، بأنني ضبط نفسي، قريني.. متلبسًا، رغمًا عنا، بدون قصد.. صدقوني.. بلا وعي.. رددنا آذان الفجر خلف المؤذن ( الله أكبر الله أكبر)، خلفه بوعي ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله) بدموع وسعادة حقيقية. تفوق الدنيا كلها، أدركت دخولي ملكوت الحق من أوسع أبوابه، أوثق مفاتيحه، كررت الشهادة.. بإرادة حرة واعية، بنات العين منهمرة، منبهرًا بهذا النور، الذي تدفق داخلي، انبثق خارجي، أحاطني بهالة نورانية..، أعدت نطق الشهادة، تلذذت بها مرارًا وتكرارًا. بقلبي وعقلي وروحي وكافة جوارحي..، وعيت بكوني طيفًا نورانيًا.. ولإجهادي الفكري، الذي نال مني. لم أشعر بشيء، نمت بمكتبي، دون أن أدري، آتتني تهنئة من( فارس النور )، بصحبته أخيه عيسى المسيح، برفق:
- انهض ، تفقد زوجتك.
نهضت فرحًا منتشيًا، نظرت لساعتي، وجدتني بلغت ظهيرتي.. اتجهت لغرفة النوم، دفعت الباب.. وإذا به مغلق.. طرقته.. لم تستجب، كررته بوتيرة أعلى. ولا من مجيب، على حد علمي ويقيني. أنها لا تُقيِل.
شغلني الأمر، اختلست النظر من ثقب الباب، أذهلتني المفاجأة، التي رأيتها بأم عيني، لم أصدقها، ظننت أني ما زلت في رؤياي، التي رأيتها، للتأكد.. مسحت عيني بكلتا يدي، مرة أخرى، مصوبًا بصري عبر ثقب الباب. وإذا بها راكعة، استقامت، سجدت، كررت سجدتها، جلست.. لحظات، سلمت يمينًا ويسارًا، نهضت، استقبلت الباب، فتحت..
ــ أنا آسفة. كنت نائمة
ــ لا.. كنت يقظة
ــ ماذا تقصد؟
ــ رأيتك من ثقب الباب
ــ أنا أنا...
ــ لا داع.. أنت على الحق، سبقتِني إليه
ــ هل أنت..؟
ــ نعم. اتبعت رسالة فارس النور.. أيقظني بنفسه ومعه ابن أم النور عليهما الصلاة والسلام
وبدموعها
ــ أخيراً. استجاب الله لدعائي، دموعي..
ــ نعم..، عرفت . لمّ كنت ممتنعة عني؟ الآن. انت حليلتي في دنياي وآخرتي. بابتسامة عدنية، سعادة فردوسية، حضن سماوي، بمحبة وحياء شرعي
- وأنا قبلت

الكاتب/ عصام سعد حامد
مصر أسيوط ديروط

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى