تعودنا في كل ليلة ما إن يأتي منتصف الليل حتى نغط في نوم عميق ، لكن الليلة الأمر مختلف تماما.!
تخيل جاءوا بإنسان إلى جوار منزلك وقاموا بتعذيبه ، ويظل يصرخ ويتألم طوال الليل فهل ستستطيع حينها أن تنام ، أو تجلس في بيتك براحة وهدوء ؟!
بالضبط هذا ما حدث ، لكن مع فارق بسيط وهو أن الذي يتعرض للتعذيب ويصرخ كلب .
دائما ما نسمع الكلاب وهي تنبح في الليل . هذا الكلب لا ينبح انه يتعذب ويئن بشكل حزين جدا ، صوته رغم أنه يزعجنا بشكل فظيع الا أنه يقطع القلب ، كأنه إنسان يبكي ويتألم .
صوته قوي ومزعج جدا لنا كأنه مربوط بجوار النافذة ، رغم أننا نسكن في الدور الثالث .!
طفلي ليث الذي كان دائما ما يشاهد برامج الكرتون في الهاتف ، ترك الهاتف جانبا رأيت الخوف في عينيه ، لديه مدرسة في الصباح ، لكنه لم يستطع النوم . قال :
- كيف أنام وأنا خايف من الكلب ؟
وأضاف :
- هل يضربونه يا بابا حتى يظل يبكي هكذا ؟
- لعله محبوس ويريد الخروج من غرفته . لا تخف .
اتصلت بالحارس كي أسأله عن قصة الكلب لكن هاتفه مغلق .
قالت الزوجة :
- ربما علق الكلب في الشبك الحديدي الذي يعلو سور الجيران .
فعلا هذا تفسير معقول .
قررت الذهاب لتحريره من الشبك ، سأكسب الأجر من الله بتحريره وسأرتاح من هذا الازعاج المخيف .
حين نزلت إلى الحوش علا صوته كثيرا لكني لم أره ، طرقت باب الجيران فلم يرد علي أحد ، بعد قليل جاء حارس منزلهم وأخبرني بأنهم ليسوا في المنزل ، وأضاف :
- اذا كنت تريدهم لأمر هام فهم في الفندق ، لقد غادروا بسبب إزعاج الكلب.
- لمن هذا الكلب المزعج ؟
- لخالد الحارس ، حبسه في غرفة الحوش ومضى .
- عليه غضب الله .
بحثت عن الحارس فلم أجده ، غرفته مغلقه وكذلك هاتفه .!
عدت إلى الشقة ، صوت الكلب ونباحه الممطوط كمعزوفة حزينة متواصلة أزعجنا وعذبنا بشكل لا يطاق .
وحدها الغرفة الصغيرة التي تقع ناحية الشارع إذا أغلقنا بابها بإحكام لا نسمع فيها صوت الكلب ، ولذا فقد انتقلنا كلنا اليها .
نمنا جميعا في تلك الغرفة الصغيرة ، كانت ضوضاء الشارع وأصوات السيارات والمارة أرحم الف مرة من صوت الكلب المحبوس .
في اليوم التالي بحثنا نحن سكان العمارة عن الحارس لكننا لم نجده ، أقترح البعض أن نكسر باب الغرفة ونطلق الكلب لكن البعض أكدوا على ضرورة إبلاغ قسم الشرطة ليتصرف ونخلي نحن مسئوليتنا ، سألنا القاضي الذي يسكن في العمارة معنا عن حكم القانون فقال :
- الضرر واضح لقد أزعج هذا الكلب السكان وأقلق سكينتهم لكن القسم سيعطي للحارس مهلة قبل التصرف ، سيحتاجون إلى إذن من النيابة .
قلت في نفسي :
- طالما أن سكان العمارة قد اختلفوا وانقسموا ، وطالما فيها إجراءات ونيابة فيبدو أن القضية ستطول .
لقد قررت أن أرحل مؤقتا من الشقة حتى تحل مشكلة الكلب .
في النهاية لن يظل هذا الكلب إلى الأبد ، سيظهر الحارس ويخرجه ، أو سيموت من الجوع ونتخلص من إزعاجه .
ولكي نوفر تكلفة الإقامة في الفندق ذهبت إلى بيت عمي ( والد الزوجة ) وبقينا ليومين .
عدنا إلى الشقة لنجد الكلب ما يزال يتألم ويصرخ بصوت مبحوح .
- الله أكبر عليك يا خالد أنت وهذا الكلب .
كنا بباب العمارة حين ظهر الحارس فهجمت عليه ولكن الزوجة حالت بيني وبينه .
صرخت فيه :
- ما هذا الذي فعلته فينا ، شردتنا بهذا الكلب المزعج لم يتركنا ننام أو نرتاح ساعة .
الكارثة أن الحارس لم يصدق ما أقول ، وسألني ببرود :
- أسألك بالله أزعجكم ؟!
قلت وأنا أمسك أعصابي حتى لا اشتبك معه :
- لا على العكس أطربنا بصوته الجميل ، متع أسماعنا وشنف آذاننا ، يا أخي هذا ليس كلبا هذا بلبل يغرد .!
أدرك أن صبري يكاد ينفذ فقال :
- بصراحة هذا الكلب جاء به صديقي من بريطانيا ولكن والده حلف ما يدخل الكلب بيتهم فاضطر صديقي يتركه عندي لفترة مؤقتة حتى يسافر .
وأضاف :
- أرجوكم حاولوا تتحملوا ازعاجه لعدة أيام من أجلي ، صديقى يعطيني كل يوم خمسين دولار لأشتري للكلب همبرجر وهوت دوج وبروست.
الان أنا اتغدى كل يوم لحم وأشتري قات فاخر بسبب هذا الكلب ، لقد رميت له بنصف كيلو لحم فلم يأكله ، كل يوم اشتري له برجر هذا كلب مدلل جدا ، لكنه لم يتعود على الحبس ولذا يظل ينبح .
عندما سمع ليث بالبرجر صاح :
- بابا انا اشتي برجر وبروست .
أجبته مازحا :
- وهل أنت كلب بريطاني حتى تأكل برجر وبروست ؟!
- هكذا إذن ، لقد بعتنا يا خالد وبالدولار .
- سامحوني ، أنا ظروفي صعبة ليت صاحبي يأخذني معه بريطانيا بدل هذا الكلب ، أنا مستعد أنبح كالكلب هو هو هو .
وضحكنا ..
وقطع حديثنا القاضي وبقية السكان فأسرع الحارس وأخرج الكلب وأعاده إلى صاحبه وكله ندم وحسرة على أيام العز والدولارات .
ولأول مرة منذ أيام تعود السكنية والهدوء إلى منزلنا.
***
تخيل جاءوا بإنسان إلى جوار منزلك وقاموا بتعذيبه ، ويظل يصرخ ويتألم طوال الليل فهل ستستطيع حينها أن تنام ، أو تجلس في بيتك براحة وهدوء ؟!
بالضبط هذا ما حدث ، لكن مع فارق بسيط وهو أن الذي يتعرض للتعذيب ويصرخ كلب .
دائما ما نسمع الكلاب وهي تنبح في الليل . هذا الكلب لا ينبح انه يتعذب ويئن بشكل حزين جدا ، صوته رغم أنه يزعجنا بشكل فظيع الا أنه يقطع القلب ، كأنه إنسان يبكي ويتألم .
صوته قوي ومزعج جدا لنا كأنه مربوط بجوار النافذة ، رغم أننا نسكن في الدور الثالث .!
طفلي ليث الذي كان دائما ما يشاهد برامج الكرتون في الهاتف ، ترك الهاتف جانبا رأيت الخوف في عينيه ، لديه مدرسة في الصباح ، لكنه لم يستطع النوم . قال :
- كيف أنام وأنا خايف من الكلب ؟
وأضاف :
- هل يضربونه يا بابا حتى يظل يبكي هكذا ؟
- لعله محبوس ويريد الخروج من غرفته . لا تخف .
اتصلت بالحارس كي أسأله عن قصة الكلب لكن هاتفه مغلق .
قالت الزوجة :
- ربما علق الكلب في الشبك الحديدي الذي يعلو سور الجيران .
فعلا هذا تفسير معقول .
قررت الذهاب لتحريره من الشبك ، سأكسب الأجر من الله بتحريره وسأرتاح من هذا الازعاج المخيف .
حين نزلت إلى الحوش علا صوته كثيرا لكني لم أره ، طرقت باب الجيران فلم يرد علي أحد ، بعد قليل جاء حارس منزلهم وأخبرني بأنهم ليسوا في المنزل ، وأضاف :
- اذا كنت تريدهم لأمر هام فهم في الفندق ، لقد غادروا بسبب إزعاج الكلب.
- لمن هذا الكلب المزعج ؟
- لخالد الحارس ، حبسه في غرفة الحوش ومضى .
- عليه غضب الله .
بحثت عن الحارس فلم أجده ، غرفته مغلقه وكذلك هاتفه .!
عدت إلى الشقة ، صوت الكلب ونباحه الممطوط كمعزوفة حزينة متواصلة أزعجنا وعذبنا بشكل لا يطاق .
وحدها الغرفة الصغيرة التي تقع ناحية الشارع إذا أغلقنا بابها بإحكام لا نسمع فيها صوت الكلب ، ولذا فقد انتقلنا كلنا اليها .
نمنا جميعا في تلك الغرفة الصغيرة ، كانت ضوضاء الشارع وأصوات السيارات والمارة أرحم الف مرة من صوت الكلب المحبوس .
في اليوم التالي بحثنا نحن سكان العمارة عن الحارس لكننا لم نجده ، أقترح البعض أن نكسر باب الغرفة ونطلق الكلب لكن البعض أكدوا على ضرورة إبلاغ قسم الشرطة ليتصرف ونخلي نحن مسئوليتنا ، سألنا القاضي الذي يسكن في العمارة معنا عن حكم القانون فقال :
- الضرر واضح لقد أزعج هذا الكلب السكان وأقلق سكينتهم لكن القسم سيعطي للحارس مهلة قبل التصرف ، سيحتاجون إلى إذن من النيابة .
قلت في نفسي :
- طالما أن سكان العمارة قد اختلفوا وانقسموا ، وطالما فيها إجراءات ونيابة فيبدو أن القضية ستطول .
لقد قررت أن أرحل مؤقتا من الشقة حتى تحل مشكلة الكلب .
في النهاية لن يظل هذا الكلب إلى الأبد ، سيظهر الحارس ويخرجه ، أو سيموت من الجوع ونتخلص من إزعاجه .
ولكي نوفر تكلفة الإقامة في الفندق ذهبت إلى بيت عمي ( والد الزوجة ) وبقينا ليومين .
عدنا إلى الشقة لنجد الكلب ما يزال يتألم ويصرخ بصوت مبحوح .
- الله أكبر عليك يا خالد أنت وهذا الكلب .
كنا بباب العمارة حين ظهر الحارس فهجمت عليه ولكن الزوجة حالت بيني وبينه .
صرخت فيه :
- ما هذا الذي فعلته فينا ، شردتنا بهذا الكلب المزعج لم يتركنا ننام أو نرتاح ساعة .
الكارثة أن الحارس لم يصدق ما أقول ، وسألني ببرود :
- أسألك بالله أزعجكم ؟!
قلت وأنا أمسك أعصابي حتى لا اشتبك معه :
- لا على العكس أطربنا بصوته الجميل ، متع أسماعنا وشنف آذاننا ، يا أخي هذا ليس كلبا هذا بلبل يغرد .!
أدرك أن صبري يكاد ينفذ فقال :
- بصراحة هذا الكلب جاء به صديقي من بريطانيا ولكن والده حلف ما يدخل الكلب بيتهم فاضطر صديقي يتركه عندي لفترة مؤقتة حتى يسافر .
وأضاف :
- أرجوكم حاولوا تتحملوا ازعاجه لعدة أيام من أجلي ، صديقى يعطيني كل يوم خمسين دولار لأشتري للكلب همبرجر وهوت دوج وبروست.
الان أنا اتغدى كل يوم لحم وأشتري قات فاخر بسبب هذا الكلب ، لقد رميت له بنصف كيلو لحم فلم يأكله ، كل يوم اشتري له برجر هذا كلب مدلل جدا ، لكنه لم يتعود على الحبس ولذا يظل ينبح .
عندما سمع ليث بالبرجر صاح :
- بابا انا اشتي برجر وبروست .
أجبته مازحا :
- وهل أنت كلب بريطاني حتى تأكل برجر وبروست ؟!
- هكذا إذن ، لقد بعتنا يا خالد وبالدولار .
- سامحوني ، أنا ظروفي صعبة ليت صاحبي يأخذني معه بريطانيا بدل هذا الكلب ، أنا مستعد أنبح كالكلب هو هو هو .
وضحكنا ..
وقطع حديثنا القاضي وبقية السكان فأسرع الحارس وأخرج الكلب وأعاده إلى صاحبه وكله ندم وحسرة على أيام العز والدولارات .
ولأول مرة منذ أيام تعود السكنية والهدوء إلى منزلنا.
***