بهاء المري - عندما يَرعَى الذئاب!

من الوقائع ما يُوشك أن يُرسِّب في وجدانك أننا نعيش في مجتمع مُتهالك وآيل للسقوط، على الرغم من أنه لا يوجد مجتمع بلا جريمة، وأن هناك الكثير والكثير، لم يسقطوا بين براثن الاتهام. ولكنك في النهاية تتملكك الدهشة وتشعر بالرعب ولو للحظات.
جَنَّ عليها الليلُ ولم يَعُد زوجها عند مُنتصفه كما اعتاد، الشتاءُ قارس، وصَوت هُطول الأمطار والرَّعد جعلا رهبةً شديدة لم تَعتدها من قبل تدُبُّ في أوصالها.
ساوَرَها القلقُ لتأخره، أجرَت اتصالًا به، فأجابها بقُرب عودته، وأردفَ بأنَّ صديقه سَيَحضُر خلال دقائق، فلتُضيِّفهُ كالعادة حتى يعود.
فور إغلاق الهاتف سمِعَت طرْقًا خفيفًا على الباب، هو صديقه الذي لا ينفكُّ عنه في أغلب الأوقات، لم يكن أمر حضور الصديق مُستَغربًا في مثل هذا الوقت، فقد اعتادا التلازم ليل نهار، لا يُفرِّقهما سوى ساعات النوم، وأزْكَى هذا التلازم، أنَّ عملًا واحدًا في مصنع واحد يجمعهما ذهابًا وإيابًا، فلا يكادان يفترقان.
كم استقبلَتْه في بيتها حتى في غياب زوجها إلى أن يعود الأخير، ولم يَبدُر منه يومًا ما يُوغِر صَدرها، ولا ما يَجعلها ترفض استقباله أو تخشاه.
دخل صديق زوجها كالعادة، قَصَدَ ذلك المَكان المُخصَّص لاستقبال الضيوف، استأذنته؛ لتُعِدَّ له مشروبًا، لكنه على غير عادته طلب منها أن تُجالسه، لم يفعلها من قبل. ألجمتها المفاجأة استدارت إليه مُتجهمةً وتيار من الخَوف المفاجئ بدأ يسرى في أوصالها، لم تَنبِس بكلمة، وكأنَّ صَمتها يَعنى هاتِ ما عِندك.
انفرجت شفتاه عن ابتسامة ماكرة، لمع في عينيه مَكْر الخيانة، تسَارعت دقات قلبها، ضغطت أحد فكَّيها على الآخر في حركةٍ لا إرادية، راح ينطق بعبارات غزَل صريح في مَفاتِن جِسمها، خرَجَت عن صَمتها كالبركان المُنفجر، صرخت فيه: ماذا دَهاكَ هذه الليلة، أجُنِنتَ؟ أم أنَّكَ سكران؟
انتفض من مجلسه، انقضَّ عليها كالثور الهائج، قاومتهُ، تَغلَّبَ عليها، شَقَّ قُبُلَها، دفعته دفعةً قوية، لَصَقتهُ بالحائط المقابل، صرخت صرخة مُدوِّية، انفتَح الباب في لمح البَصَر، وجدت زوجها من خَلفها، يَسُدُّ فاها بكف يده، انفلتت من بين يديه، تُحملقُ فيه بشدة، وهي تَرتجف، تُتمتم بكلماتٍ، لا تُريد مقاطعها أن تكتمل: "هو الذي... أنا فوجئتُ بأنه... هو... أنا... لا أدرى ما... " ثم انهارت لتدخل في نَوبةٍ من النَّحيب.
راح يهدئ من رَوعها، ضمَّها إلى صدره، وهو يرَبتَ على كتفيها، أنِسَت إلى أنه يُصدقها، هدأت قليلًا.
جلس الصديق في مقعده وابتسامة باهتة على شَفتيه، تَبَادَل مع زوجها نظراتٍ غريبة، وابتسامات صامتة، واجَهتهُ بنظرة حادة وعيَنين، قد اتسعتا لا إراديًا، فَهِمَ زوجها النظرة، تَبَسَّم في وجهها أخبرها بهدوء:
- أنا الذي طلبْتُ منه ما فَعل!
دفعته هو أيضا دَفعة قوية، فقدت على إثرها السيطرة على أعصابها، بصقَت في وجهه، أطلقت صرَخات مُدوية، مَلأ الصُّراخ أرجاء المكان، تجمع الجيران، أبصروا قُبلَها، وقد شُقَّ، فأظهر ثدييها، تحفظوا على صديق الزوج، عبثًا حاوَل َالزوج ثنيهم عن إبلاغ الشرطة.
ثم تتكشف بقية الوقائع، كانا قد اتفقا على تبادُل الزوجات وفاز زوجها ببدء المَاراثون مع زوجة صديقه، بَيْدَ أنه لم يَقوَ على إخبارها بما اتفقا عليه، فأوكل إليه المُهمة على أن يكون تحت حراسته خارج باب الشقة إلى أن ينتهي الصديق من مأموريته المُتفَق عليها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى