ليس هناك تدبير مسبق..
نعم هذه هي الحقيقة..
هذه الأشياء لا تحدث وفق خطة..
أن يحك النهار ظهره فجأة بالدنيا، فتشرق الشمس، ويستيقظ الخلق، وتتفتح الأزهار، وتستدير الأوجه الكئيبة من الأرض، وتعطينا ظهرها، وتبتسم الحياة فجأة ابتسامة خجلى، متعجلة، وتحين منها لنا نظرة عطوف، ويدها تربت على أكتافنا في حنان.
كل شيء بدأ عندما قررت أن أتوقف عن رفع التراب والرمل على ظهري، والصعود بهما إلى أعلى طوابق البنايات التي أشارك في تشييدها ضمن فريق ضخم، قررت أن أتوقف عن هذه الأعمال المهينة، عدت إلى البيت، وسط دهشة زوجتي، عندما فوجئت أنني لم أحضر يومية «البنا» المعتادة، خمسين جنيهاً، ياللحقارة، أرفع التراب والرمل، وشيكارات الأسمنت، مقابل 50 جنيهاً يومياً، رقم هزيل، هزيل حقّاً، كنت وغدّاً، غبيّاً، كل الشتائم القبيحة، تليق بهذا التفكير.
قالت لي زوجتي: من أين سنأكل؟
قلت: لا يهم، لن أنقل التراب من أعلى إلى أسفل مع شيكارات الأسمنت لأبني حيطاناً فاخرة يهنأ بها آخرون، لن ألعب هذه اللعبة القذرة بعد الآن.
لم تفهم زوجتي رغبتي في الالتحاق بعمل جديد لا تتسخ فيه يداي، ولا يغطي الغبار على رأسي، مضيت في الصباح إلى مديرة المكتبة الكبيرة المواجهة للبناء الذي كنت أعمل في تشييده، طلبت مقابلتها، إنها تصل كل صباح في سيارتها الصغيرة، تركنها على مبعدة من أعمال الإنشاءات التي قد تصيب سيارتها بسوء، تترجل منها في سرعة، وحماس، تحمل أوراقاً كثيرة، وحقيبتها المزركشة بألوان شبابية، تخطو في سرعة مرتدية «كوتشي» وبنطلون «جينز» أزرق، وبلوزة بيضاء حابكة، تكشف عن رشاقة وفتنة، طالما توقفت أراقبها، أثناء صعودي وهبوطي بشيكارات الأسمنت. نافذة مكتبها الزجاجية كانت تسمح لي بمراقبتها، كنت أراها تستقبل كثيرين، تكتب أوراقاً، توقع أخرى، آخرون ينحنون بجوارها، تناقشهم في غضب، أو في حدة، لم أرها تبتسم، لم أرها تضحك، أو تداعب أحدهم، دائماً كانت جادة، صارمة، على الرغم من شبابها الغض، وبسمتها الصباحية، والمسائية، كانت تستقبل الصباح ببسمة حانية، كما لو كانت تشكر الشمس على ربتتها الحانية على بشرتها، وتغادر مكتبها في المساء، ببسمة أخرى، كأنها تحيي الليل الذي رقد على الدنيا، منهكاً، فتشاركه تعبها، وتقول له: أنا أيضاً متعبة مثلك.
كانت تعمل ساعات طويلة، وكنت أنتهي من التشييد والبناء ورفع شيكارات الأسمنت العديدة، في الخامسة، فأظل راقداً على بطني، فوق أحد الطوابق المواجهة لنافذة مكتبها أرقبها، حتى تنتهي من عملها، وتجمع أوراقها، كانت تحين منها نظرة نحو مرآتها، تتأمل ملامحها المجهدة، في نهاية كل يوم، وتبتسم أيضاً، لم أكن أعرف سر ابتسامتها، على الرغم من إنهاكها الواضح، لكنني كنت متأكداً أنها ربان سفينة تلك المكتبة الضخمة، التي يعمل فيها عدد كبير من الشبان والفتيات، لم أكن أعرف كيف أتقدم للعمل معها، كيف أقنعها أنني يمكنني أن ألعب دوراً ما، في بيع الكتب التي تتكدس على أرففها، أظن أن إجهادها كان يرجع لرغبتها في تحقيق أعلى مبيعات كل شهر، كي تقنع الجميع بجدية استمرارها في وظيفتها، كنت أشعر بعنائها، لكنها لم تكن تشعر أن هناك من يرقبها من البناية المقابلة، ويتمنى أن يقترب منها.
في الصباح الذي قررت فيه أن أكف عن رفع الرمل والزلط لبناء العقارات، مضيت إلى مقر عملها، كنت أشعر أنني سأفشل، قادتني خطوات قلقة، متوترة، إلى بهو المكتبة، لم أكن أعرف اسمها، فقط أعرف ملامحها، لا أعلم كيف سأسأل عنها، بدأ المخاط من أنفي يسيل، كانت ملابسي التي أحتفظ بها للمناسبات الرسمية، تعاني من آثار انتهاكات في مناسبات أخرى، كان نسيج قميصي مهترأ، وياقته ظهر عليها محاوت الترقيع، بعدما أذابها عرقي شديد الملوحة، لماذا يستطيع قلبي أن يخفق بالرغبة في القرب منها، بينما الخمسون جنيهاً التي أتلقاها يومية، تكفي بالكاد لإطعام زوجتي، وأبنائي، ولا أستطيع أن أستبقي منها ما يكفي لشراء قميص جديد، خمسون جنيهاً في اليوم، ذلك يعني 1500 جنيه في الشهر، يكفي ذلك لشراء قميص بالتأكيد، وكذلك يكفي لشراء كوبين من الليمون المثلجين، في كافتيريا هادئة تطل على النيل، وكذلك يكفي هذا المبلغ أيضاً لتبادل كلمات الحب، التي يجب أن يتحرك بها الفم، لتتنفس دقات القلب هذه المشاعر، فتتزايد الدقات، وتعلو وتشبه إلى حد ما دقات طبول في الحرب، كنت واقفاً في هذه اللحظة أمام مكتبها، دلني العاملون في المكتبة عليها، عندما سألتهم وسط أفكاري عمن أتقدم له بطلب للعمل، لم ترفع عينيها عن أوراقها، قالت في آلية: ما هي سابق خبراتك؟
أحترت، ماذا أقول؟ قلت متلعثما: أستطيع أن أعمل في أي شيء، رص الكتب على الأرفف، تنظيفها وحراستها من هجوم الأتربة، يهمني فقط أن أكون هنا.. بالقرب من الكتب.
رفعت عيناها هذه المرة، قالت بدون ابتسامتها التي ألمحها دائماً، بينما تدلف في الصباح، أو تغادر في المساء: يهمك أن تكون بالقرب من الكتب؟ هذا ليس كافياً؟ يعمل هنا محاسبون؟ أو DATA INTRY، أو بائعون لديهم خبرة ومعرفة بهذه الكتب، وبما تحويه، هذه هي نوعية الوظائف التي يعمل بها الناس هنا، وهي كلها مستوفاة.
وحانت منها نظرات إلى ذراعي العضليتين، كانت آثار الرمل والتراب وشكائر الأسمنت بادية عليهما، جلدهما مشقق، وأظافري متسخة، نسيت أن أقصها، فتلألأت بين جنباتها بعض ذرات الرمل، وانعكست أضواء مصابيح مكتبها على بشرتي، فخمنت على ما أظن بنظراتها المتفرسة من أين جئت، كنت أتأمل نظراتها أثناء كلماتها التي تخرج مرتبة متراصة، من شفتين دقيقتين، كل تفاصيلها كانت متناغمة، كأحرف موسيقية في معزوفة تتراقص على سطور «النوتة» الأربعة، باغتني شعوران، أولهما أنها تدفعني من أعلى قمة هاوية، لا أعرف كيف أقنعها أن تعيني في وظيفة ما من هذه الوظائف التي ذكرتها، أو تخترع لي وظيفة ليست موجودة، كدت أقول إنني لست بحاجة للوظيفة في الحقيقة، بل بحاجة أن أكون بجوارها، أتأمل ملامحها، وأنعم ببسمتها كل صباح، وأسمع صوتها الذي لم أسمعه من قبل هذا اللقاء العاصف الذي تطردني فيه بدبلوماسية، الشعور الآخر الذي باغتني، أنني على وشك مغادرة مكتبها خائباً، محروماً للأبد من سماع صوتها، كنت كقنديل بحر عشقَ عصفوراً، لكن الموج حال بينه، وبين أن يقذفه في لحظة نوة غاضبة، إلى جذع الشجرة، حيث عش العصفور، هكذا لفظتني من مكتبها، للمرة الأخيرة حدقت في ملامحها، قلت وغصة تحبس الكلمات في صندوق حنجرتي: كنت أتمنى أن أعمل هنا، لأنني أعشق الكتب، وأتمنى أن أكون بجوارها دائماً.
هزت رأسها، لم تبتسم، لم تقل شيئاً، غادرت بخطى متثاقلة، في حارتي الضيقة حيث أسكن، تبدد الأمل نهائياً، في محاولات لفظها من ذاكرتي، كما لفظتني من رأسها، لم تعد هناك إمكانية أن تحدث معجزة ما، كان الظلام يخيم على حجرتي، زوجتي استقبلتني بملامح كابية، أدركت ما ترغب في قوله، كان واضحاً أن الصحون فارغة، وأنني بحاجة لمعاودة رفع التراب والرمل، وشكائر الأسمنت، والاكتفاء بمراقبتها وهي تعمل، وتبتسم ابتسامتين، إحداهما صباحية تشكر فيها الشمس على ربتتها الحانية، والأخرى مسائية منهكة تحيي فيها الليل الذي رقد على الدنيا منهكاً.
* المصدر مجلة الدوحة
نعم هذه هي الحقيقة..
هذه الأشياء لا تحدث وفق خطة..
أن يحك النهار ظهره فجأة بالدنيا، فتشرق الشمس، ويستيقظ الخلق، وتتفتح الأزهار، وتستدير الأوجه الكئيبة من الأرض، وتعطينا ظهرها، وتبتسم الحياة فجأة ابتسامة خجلى، متعجلة، وتحين منها لنا نظرة عطوف، ويدها تربت على أكتافنا في حنان.
كل شيء بدأ عندما قررت أن أتوقف عن رفع التراب والرمل على ظهري، والصعود بهما إلى أعلى طوابق البنايات التي أشارك في تشييدها ضمن فريق ضخم، قررت أن أتوقف عن هذه الأعمال المهينة، عدت إلى البيت، وسط دهشة زوجتي، عندما فوجئت أنني لم أحضر يومية «البنا» المعتادة، خمسين جنيهاً، ياللحقارة، أرفع التراب والرمل، وشيكارات الأسمنت، مقابل 50 جنيهاً يومياً، رقم هزيل، هزيل حقّاً، كنت وغدّاً، غبيّاً، كل الشتائم القبيحة، تليق بهذا التفكير.
قالت لي زوجتي: من أين سنأكل؟
قلت: لا يهم، لن أنقل التراب من أعلى إلى أسفل مع شيكارات الأسمنت لأبني حيطاناً فاخرة يهنأ بها آخرون، لن ألعب هذه اللعبة القذرة بعد الآن.
لم تفهم زوجتي رغبتي في الالتحاق بعمل جديد لا تتسخ فيه يداي، ولا يغطي الغبار على رأسي، مضيت في الصباح إلى مديرة المكتبة الكبيرة المواجهة للبناء الذي كنت أعمل في تشييده، طلبت مقابلتها، إنها تصل كل صباح في سيارتها الصغيرة، تركنها على مبعدة من أعمال الإنشاءات التي قد تصيب سيارتها بسوء، تترجل منها في سرعة، وحماس، تحمل أوراقاً كثيرة، وحقيبتها المزركشة بألوان شبابية، تخطو في سرعة مرتدية «كوتشي» وبنطلون «جينز» أزرق، وبلوزة بيضاء حابكة، تكشف عن رشاقة وفتنة، طالما توقفت أراقبها، أثناء صعودي وهبوطي بشيكارات الأسمنت. نافذة مكتبها الزجاجية كانت تسمح لي بمراقبتها، كنت أراها تستقبل كثيرين، تكتب أوراقاً، توقع أخرى، آخرون ينحنون بجوارها، تناقشهم في غضب، أو في حدة، لم أرها تبتسم، لم أرها تضحك، أو تداعب أحدهم، دائماً كانت جادة، صارمة، على الرغم من شبابها الغض، وبسمتها الصباحية، والمسائية، كانت تستقبل الصباح ببسمة حانية، كما لو كانت تشكر الشمس على ربتتها الحانية على بشرتها، وتغادر مكتبها في المساء، ببسمة أخرى، كأنها تحيي الليل الذي رقد على الدنيا، منهكاً، فتشاركه تعبها، وتقول له: أنا أيضاً متعبة مثلك.
كانت تعمل ساعات طويلة، وكنت أنتهي من التشييد والبناء ورفع شيكارات الأسمنت العديدة، في الخامسة، فأظل راقداً على بطني، فوق أحد الطوابق المواجهة لنافذة مكتبها أرقبها، حتى تنتهي من عملها، وتجمع أوراقها، كانت تحين منها نظرة نحو مرآتها، تتأمل ملامحها المجهدة، في نهاية كل يوم، وتبتسم أيضاً، لم أكن أعرف سر ابتسامتها، على الرغم من إنهاكها الواضح، لكنني كنت متأكداً أنها ربان سفينة تلك المكتبة الضخمة، التي يعمل فيها عدد كبير من الشبان والفتيات، لم أكن أعرف كيف أتقدم للعمل معها، كيف أقنعها أنني يمكنني أن ألعب دوراً ما، في بيع الكتب التي تتكدس على أرففها، أظن أن إجهادها كان يرجع لرغبتها في تحقيق أعلى مبيعات كل شهر، كي تقنع الجميع بجدية استمرارها في وظيفتها، كنت أشعر بعنائها، لكنها لم تكن تشعر أن هناك من يرقبها من البناية المقابلة، ويتمنى أن يقترب منها.
في الصباح الذي قررت فيه أن أكف عن رفع الرمل والزلط لبناء العقارات، مضيت إلى مقر عملها، كنت أشعر أنني سأفشل، قادتني خطوات قلقة، متوترة، إلى بهو المكتبة، لم أكن أعرف اسمها، فقط أعرف ملامحها، لا أعلم كيف سأسأل عنها، بدأ المخاط من أنفي يسيل، كانت ملابسي التي أحتفظ بها للمناسبات الرسمية، تعاني من آثار انتهاكات في مناسبات أخرى، كان نسيج قميصي مهترأ، وياقته ظهر عليها محاوت الترقيع، بعدما أذابها عرقي شديد الملوحة، لماذا يستطيع قلبي أن يخفق بالرغبة في القرب منها، بينما الخمسون جنيهاً التي أتلقاها يومية، تكفي بالكاد لإطعام زوجتي، وأبنائي، ولا أستطيع أن أستبقي منها ما يكفي لشراء قميص جديد، خمسون جنيهاً في اليوم، ذلك يعني 1500 جنيه في الشهر، يكفي ذلك لشراء قميص بالتأكيد، وكذلك يكفي لشراء كوبين من الليمون المثلجين، في كافتيريا هادئة تطل على النيل، وكذلك يكفي هذا المبلغ أيضاً لتبادل كلمات الحب، التي يجب أن يتحرك بها الفم، لتتنفس دقات القلب هذه المشاعر، فتتزايد الدقات، وتعلو وتشبه إلى حد ما دقات طبول في الحرب، كنت واقفاً في هذه اللحظة أمام مكتبها، دلني العاملون في المكتبة عليها، عندما سألتهم وسط أفكاري عمن أتقدم له بطلب للعمل، لم ترفع عينيها عن أوراقها، قالت في آلية: ما هي سابق خبراتك؟
أحترت، ماذا أقول؟ قلت متلعثما: أستطيع أن أعمل في أي شيء، رص الكتب على الأرفف، تنظيفها وحراستها من هجوم الأتربة، يهمني فقط أن أكون هنا.. بالقرب من الكتب.
رفعت عيناها هذه المرة، قالت بدون ابتسامتها التي ألمحها دائماً، بينما تدلف في الصباح، أو تغادر في المساء: يهمك أن تكون بالقرب من الكتب؟ هذا ليس كافياً؟ يعمل هنا محاسبون؟ أو DATA INTRY، أو بائعون لديهم خبرة ومعرفة بهذه الكتب، وبما تحويه، هذه هي نوعية الوظائف التي يعمل بها الناس هنا، وهي كلها مستوفاة.
وحانت منها نظرات إلى ذراعي العضليتين، كانت آثار الرمل والتراب وشكائر الأسمنت بادية عليهما، جلدهما مشقق، وأظافري متسخة، نسيت أن أقصها، فتلألأت بين جنباتها بعض ذرات الرمل، وانعكست أضواء مصابيح مكتبها على بشرتي، فخمنت على ما أظن بنظراتها المتفرسة من أين جئت، كنت أتأمل نظراتها أثناء كلماتها التي تخرج مرتبة متراصة، من شفتين دقيقتين، كل تفاصيلها كانت متناغمة، كأحرف موسيقية في معزوفة تتراقص على سطور «النوتة» الأربعة، باغتني شعوران، أولهما أنها تدفعني من أعلى قمة هاوية، لا أعرف كيف أقنعها أن تعيني في وظيفة ما من هذه الوظائف التي ذكرتها، أو تخترع لي وظيفة ليست موجودة، كدت أقول إنني لست بحاجة للوظيفة في الحقيقة، بل بحاجة أن أكون بجوارها، أتأمل ملامحها، وأنعم ببسمتها كل صباح، وأسمع صوتها الذي لم أسمعه من قبل هذا اللقاء العاصف الذي تطردني فيه بدبلوماسية، الشعور الآخر الذي باغتني، أنني على وشك مغادرة مكتبها خائباً، محروماً للأبد من سماع صوتها، كنت كقنديل بحر عشقَ عصفوراً، لكن الموج حال بينه، وبين أن يقذفه في لحظة نوة غاضبة، إلى جذع الشجرة، حيث عش العصفور، هكذا لفظتني من مكتبها، للمرة الأخيرة حدقت في ملامحها، قلت وغصة تحبس الكلمات في صندوق حنجرتي: كنت أتمنى أن أعمل هنا، لأنني أعشق الكتب، وأتمنى أن أكون بجوارها دائماً.
هزت رأسها، لم تبتسم، لم تقل شيئاً، غادرت بخطى متثاقلة، في حارتي الضيقة حيث أسكن، تبدد الأمل نهائياً، في محاولات لفظها من ذاكرتي، كما لفظتني من رأسها، لم تعد هناك إمكانية أن تحدث معجزة ما، كان الظلام يخيم على حجرتي، زوجتي استقبلتني بملامح كابية، أدركت ما ترغب في قوله، كان واضحاً أن الصحون فارغة، وأنني بحاجة لمعاودة رفع التراب والرمل، وشكائر الأسمنت، والاكتفاء بمراقبتها وهي تعمل، وتبتسم ابتسامتين، إحداهما صباحية تشكر فيها الشمس على ربتتها الحانية، والأخرى مسائية منهكة تحيي فيها الليل الذي رقد على الدنيا منهكاً.
* المصدر مجلة الدوحة