د. زياد العوف - فنّ القصّة القصيرة

لقد بدا لي في زحمة ما يُكتَب ويُنْشَر في أيامنا هذه من نصوص نثريّة سرديّة يحلو لأصحابها من شُدَاة الأدب أن يطلقوا عليها اسم القصّة ، وهي على التحقيق ليست كذلك.
أقول: لقد بدا لي أنّه من الأهمية بمكان أنْ نذكّر بأهم الخصائص والمقوّمات التي تجعل من النّص السردي قصّة فنّية ، مؤكّدين في الآن ذاته على التطوّر الطبيعي للفنون الأدبية ؛ إذ إنّ التطور سنّة طبيعية لا ينكرها عاقل .
لكنّ التطوّر المدروس المبنيّ على العلم والمعرفة شيء.
والتخبّط على غير هدى بدعوى التطور شيء آخر .
إنّنا لا نريد ولا نستطيع أنْ نحجر على أحد، كلّ ما نسعى إليه
هو أنْ نؤكّد على الأسس الجوهريّة لفنّ القصّة .
من المعروف أنّ السرد النثريّ ينطوي على ألوان من القَصَص
الأدبي ، هي : الرواية والقصّة والقصّة القصيرة، وما يُسمّى القصة القصيرة جدّاً .
مقالي هذا معنيّ بالقصة القصيرة وحدها، متجاوزاً بعض الخلافات فيما يخصّ تسميات الفنون القصصية الأخرى التي
تمّت الإشارة إليها آنفاً .
يعود ظهور ( القصة القصيرة) بوصفها فنّاً أدبياً محدّداً إلى أواخر القرن التاسع عشر، وقد بلغت النضج الفنّي مع الكاتب الفرنسي ( موباسان) ، حيث وجد فيهاالفنّ المناسب لتصوير حدث معيّن غير ذي صلة بما قبله وما بعده . وكذلك محاولة استكشاف الحقائق من الأمور والأشياء العادية المألوفة .
-مقوّمات القصّة القصيرة
يرتكز هذا الفن على ركيزتين أساسيتين ، هما :
- بناء القصّة
- نسيج القصّة
وهما عنصران متكاملان؛ حيث إنّ القصة القصيرة كيان ذاتي
مستقلّ لا يمكن تجزئته إلى بناء ونسيج قصصي إلا بهدف البحث والدراسة .
يقوم ( بناء القصة) على :
- رواية خبر له معنى أو أثر كلّي ينتج عن تتابع تفاصيله وعناصره وفق نظام محدّد .
- تصوير الحدث في إطار زماني ومكاني محدّد ، بما يعلّل حيثيات وقوعه وأسبابها.
- شخصيات تقوم بأعمال ذات معنى؛ بحيث تقوم الأحداث والشخصيات على خدمة المعنى طوال القصة . الأمر الذي يؤدي إلى إحكام بناء القصة .
- على ( القصة القصيرة) أن تصوّر حدثاً كاملاً يجلو موقفاً معيّناً في حياة شخصيات القصة ، بمايكشف مدلول أو مغزى القصة . ومن هنا تتأتّى أهمية ما يُسمّى( لحظة التنوير) ؛ إذ هي التي تمثّل بؤرة خيوط حَدَث القصة .
-نسيج القصّة :
وقوامه اللغة القصصية المتميّزة القائمة على السرد والوصف والحوار، وتسهم جميعها في خدمة ( الحدث) وتأكيد عناصر القصة بما يمنحها كيانها المتميّز .
* للتّعمق في الموضوع يمكن الرجوع إلى مؤلّفات كلّ من :
- الدكتور محمّد مندور
- الدكتور رشاد رشدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى