تتلقى التهاني من المدعوين ، باسمة الثغر ، تملؤها فرحة عارمة، لزواج أخر أبنائها، لقد سبقته فى الزواج أخته الوحيدة وشقيقان، أحست اليوم أنها قد
أكملت رسالتها التى انتظرتها طويلاً بقبس من صبر وكثيرِ من ضغوط مارستها بتعنت على شعورها كأنثى، الأن فقط أتمت ما أملت فيه، الأن فقط تستطيع كل شيء أرادته.
استقبلت المدعوين بدموع فرحة، وأسارير منفرجه.
وقفت بجانب العريس طوال الوقت، حدثها زوجها معنفاً : ماذا بك؟ ماذا أصابك؟ لماذا تقفين طوال الوقت بجانب العريس ؟
أهذه أول فرحة لك؟ ماذا بكِ؟
انتظرت إلى أن أنهى حواره ثم علقت ضاحكة بصوت مسموع : الأن قد أكملت رسالتي، إن فرحتي اليوم لا تعادلها فرحة ، اليوم سعادتي قد أكتملت لسببين اولهما ؛ هو أتمام زواج أخر أبنائي،
ثم أبتسمت وأشاحت بوجهها بعيداً ناحية المدعوين .
سألها عاقدا حاجبيه: وثانيا ؟
نظرت إليه باسمة هادئة ولم تجب على سؤاله بل رمقته شذرا ، وتركته منصرفة لاستقبال أحد أقاربها .
أنتهت حفلة زفاف أخر الاولاد، وبعد مراسم التهنئة بالزواج،
ومرور شهرٍعلى الزواج، دلف الزوج إلى المنزل ، لم يجد الزوجة، بحث عنها عند
أبنائه الأربعه فلم يعثر عليها ، بحث عنها عند أخواتها الذكور والإناث ؛ فوجدها عند أحدهم، هاتفها ونهرها بشدة وطلب منها سرعة العودة إلى المنزل .
قالت له فى حدة : لن تطأ قدمي منزلك مرة أخرى .
فقال لها في صرامة افعلي ما تشائين.
مرت الأيام والشهور واحتار الزوج لأمر هذه الزوجة محدثاً نفسه: ماذا أصابها ؟ ولِمَ كل هذا العِنْادُ فى عدم العودة ؟ لمْ أتعود منها سوىَ الطاعة طوال ثلاثين عاماً !
ماذا بها ؟ لقد عرج جميع من أرسلتهم إليها بدونها !
قرر محادثتها على الهاتف: وسألها هل جننت؟ لماذا ترفضين العودة؟ أما أرسلت لك كي تعودي إلى منزلك؟ لماذا ترفضين؟ لقد تخطيت سن الدلال ؟ أما تعلمين كم عمرك الأن ؟!
سوف آتي إليكم ، سوف وتأتين معي.
ذهب الزوج إلى زوجته عند أحد أخواتها، جلس يتحدث إليها : أريد تفسير لبقائك هنا؟
نظرتْ إليه محدثة: أما علمت إلى الأن لماذا تركتُ لك كلَّ شيء، تعلم كما يعلم الجميع أننى لا دخل لي، ولا مأوى عندي، ومع هذا تركت لك كل شيء هربا من سطوتك، وجبروت الفاظك .
قاطعها: الأن تتذكرين سطوتي بعد مرور ثلاثين عاماً على زواجنا ؟!
هل تعلم:
أن بتر القلب بتر للوجع،
نعم بعد كل هذا الوقت أفارقك، أعلم كما تعلم أنني حاربت كل من عارضني كي أرتبط بك لأنني أحببتك أكثر من نفسي، نفسي التى ذبحتها بسيف لسانك الحاد أمام جميع زوارنا ، وكرامتي التى تفننت فى بعثرتها أمام ذويك، مما جعلهم يذبحون كرامتي فى كل وقت نجتمعع فيه، وعندما استنكرُ أفعالهم يتعللون بأنها مُذحة ،
أردف الزوج : لقد جننت !
قالت : لقد صبرت طويلاً، تجرعت كؤوس المرارة من أفعالك؛ التى تعبت من إيجاد مبرر لها.
قال فى حدة: وما هى؟
أردفت : لقد كان سيف لسانك الحاد يمزق كبريائي فى كل وقت ، كل وقت تنعتني، وتصادر رأيي ، وتتعمد إهانتي ولا تعبأ بالمكان ولا بالحضور ، دائما تسفهنى، تنهرني لأتفه الأسباب ، كل يوم كنت تستأصل جزءاً من قلبي، إلى أن صرتُ بلا قلب، كثيرا كنت تترك لى بضعة جنيهات وأعلم أنك ترتاد أفخم المطاعم؛ لِماذا هنت عليكَ؟!
لمْ اشكِ أو أبال أو أعترض فقط من أجل أبنائي.
أردف : والحب؟ والعشرة؟
قالت: ذلك الذي قديماً ألفتُ الاعتكاف بذكراه كل مساء، ليعتصر الشوق صبراً،
أمّلِاً أن يدفع عن قلبي برّد فتورك، بقبس من الماضي،
ذلك الذي رفض الموت قهراً،
لقد أبت انوثتي أن تخذلني، ومنعني في جناتك زهداً.
فما كان لعقلي الكبير الصغير- إلاَّ ان يرضي بقبح عاطفتك، قدراً له،
فقر الشعور لديك لشوقي الكفيف خليلاً.
قال الزوج فى حدة وصرامة: والحل؟
أردفت : أما وقد ملأت جعبتي بفيض من قسوة ، إهانة ، سخرية أمام جميع أقراننا، وختمت هذا بإهانتك لى أمام زوجة ابنك ولطمت وجهي حتى سال الدم من فمي .
الأن فقط أنطقها بملء فمي وأنا لادخل لى ، ولا مأوى عندى وفي هذه السن الحرجة سأترك لك كل شيء وأنا الفائزة؛ طلقنى.
فاطمة مندي
أكملت رسالتها التى انتظرتها طويلاً بقبس من صبر وكثيرِ من ضغوط مارستها بتعنت على شعورها كأنثى، الأن فقط أتمت ما أملت فيه، الأن فقط تستطيع كل شيء أرادته.
استقبلت المدعوين بدموع فرحة، وأسارير منفرجه.
وقفت بجانب العريس طوال الوقت، حدثها زوجها معنفاً : ماذا بك؟ ماذا أصابك؟ لماذا تقفين طوال الوقت بجانب العريس ؟
أهذه أول فرحة لك؟ ماذا بكِ؟
انتظرت إلى أن أنهى حواره ثم علقت ضاحكة بصوت مسموع : الأن قد أكملت رسالتي، إن فرحتي اليوم لا تعادلها فرحة ، اليوم سعادتي قد أكتملت لسببين اولهما ؛ هو أتمام زواج أخر أبنائي،
ثم أبتسمت وأشاحت بوجهها بعيداً ناحية المدعوين .
سألها عاقدا حاجبيه: وثانيا ؟
نظرت إليه باسمة هادئة ولم تجب على سؤاله بل رمقته شذرا ، وتركته منصرفة لاستقبال أحد أقاربها .
أنتهت حفلة زفاف أخر الاولاد، وبعد مراسم التهنئة بالزواج،
ومرور شهرٍعلى الزواج، دلف الزوج إلى المنزل ، لم يجد الزوجة، بحث عنها عند
أبنائه الأربعه فلم يعثر عليها ، بحث عنها عند أخواتها الذكور والإناث ؛ فوجدها عند أحدهم، هاتفها ونهرها بشدة وطلب منها سرعة العودة إلى المنزل .
قالت له فى حدة : لن تطأ قدمي منزلك مرة أخرى .
فقال لها في صرامة افعلي ما تشائين.
مرت الأيام والشهور واحتار الزوج لأمر هذه الزوجة محدثاً نفسه: ماذا أصابها ؟ ولِمَ كل هذا العِنْادُ فى عدم العودة ؟ لمْ أتعود منها سوىَ الطاعة طوال ثلاثين عاماً !
ماذا بها ؟ لقد عرج جميع من أرسلتهم إليها بدونها !
قرر محادثتها على الهاتف: وسألها هل جننت؟ لماذا ترفضين العودة؟ أما أرسلت لك كي تعودي إلى منزلك؟ لماذا ترفضين؟ لقد تخطيت سن الدلال ؟ أما تعلمين كم عمرك الأن ؟!
سوف آتي إليكم ، سوف وتأتين معي.
ذهب الزوج إلى زوجته عند أحد أخواتها، جلس يتحدث إليها : أريد تفسير لبقائك هنا؟
نظرتْ إليه محدثة: أما علمت إلى الأن لماذا تركتُ لك كلَّ شيء، تعلم كما يعلم الجميع أننى لا دخل لي، ولا مأوى عندي، ومع هذا تركت لك كل شيء هربا من سطوتك، وجبروت الفاظك .
قاطعها: الأن تتذكرين سطوتي بعد مرور ثلاثين عاماً على زواجنا ؟!
هل تعلم:
أن بتر القلب بتر للوجع،
نعم بعد كل هذا الوقت أفارقك، أعلم كما تعلم أنني حاربت كل من عارضني كي أرتبط بك لأنني أحببتك أكثر من نفسي، نفسي التى ذبحتها بسيف لسانك الحاد أمام جميع زوارنا ، وكرامتي التى تفننت فى بعثرتها أمام ذويك، مما جعلهم يذبحون كرامتي فى كل وقت نجتمعع فيه، وعندما استنكرُ أفعالهم يتعللون بأنها مُذحة ،
أردف الزوج : لقد جننت !
قالت : لقد صبرت طويلاً، تجرعت كؤوس المرارة من أفعالك؛ التى تعبت من إيجاد مبرر لها.
قال فى حدة: وما هى؟
أردفت : لقد كان سيف لسانك الحاد يمزق كبريائي فى كل وقت ، كل وقت تنعتني، وتصادر رأيي ، وتتعمد إهانتي ولا تعبأ بالمكان ولا بالحضور ، دائما تسفهنى، تنهرني لأتفه الأسباب ، كل يوم كنت تستأصل جزءاً من قلبي، إلى أن صرتُ بلا قلب، كثيرا كنت تترك لى بضعة جنيهات وأعلم أنك ترتاد أفخم المطاعم؛ لِماذا هنت عليكَ؟!
لمْ اشكِ أو أبال أو أعترض فقط من أجل أبنائي.
أردف : والحب؟ والعشرة؟
قالت: ذلك الذي قديماً ألفتُ الاعتكاف بذكراه كل مساء، ليعتصر الشوق صبراً،
أمّلِاً أن يدفع عن قلبي برّد فتورك، بقبس من الماضي،
ذلك الذي رفض الموت قهراً،
لقد أبت انوثتي أن تخذلني، ومنعني في جناتك زهداً.
فما كان لعقلي الكبير الصغير- إلاَّ ان يرضي بقبح عاطفتك، قدراً له،
فقر الشعور لديك لشوقي الكفيف خليلاً.
قال الزوج فى حدة وصرامة: والحل؟
أردفت : أما وقد ملأت جعبتي بفيض من قسوة ، إهانة ، سخرية أمام جميع أقراننا، وختمت هذا بإهانتك لى أمام زوجة ابنك ولطمت وجهي حتى سال الدم من فمي .
الأن فقط أنطقها بملء فمي وأنا لادخل لى ، ولا مأوى عندى وفي هذه السن الحرجة سأترك لك كل شيء وأنا الفائزة؛ طلقنى.
فاطمة مندي