إيناس القمرشاوي - أمِّي نازكُ

بوجهينِ أسمريِنِ نحيفينِ
والدِي، صلاح الدين
مسجلٌ بالهويةِ عاملٌ مزارعٌ
ويقولُ معلمو الصَّفِ ساخرينَ أنَّه محاربٌ.
وأمِّي نازكُ
ويقولُ معلمو الصفِّ ساخرينَ أنَّها شاعرةٌ.
كانَا يرتديانِ ثيابًا على ثيابٍ
رغم حرارة الجو في تموز
لتقيهما الغبار ولفح السمس.
وجهان كالحانِ قستْ على تقاسيمها سنواتُ تعبِ مجرةٍ شقيانة
وجهانِ وسيمانِ للغايةِ.
كانا يرفعانِ وجهيهِما كلما ألقيَا الهشيمَ في الهواءِ؛
يراقبانِ البذورَ والغلةَ تتهاوى.
راحت أمي تغني للريحِ كما تغنِّي للأولادِ
تحثُّها على الهبوبِ،
كمَا تحثُّهمْ على النومِ،
يا هوا ووهوف ع الغلة، طَلّع قَشها وهات القمحة نتهنى..
يا نوم الهنا تعال لعندو، لعيون حبيبي وهااادهدو سِنة..
يا هوا ووهوف ع الغلة آآآه وهااد هدووسِنة..

كَدأبِ المُزارعينَ كانَ يدخنُ حتى في مرضهِ الأخيرِ.
كدأبِ المُزارعينِ تحسبهُم مساميرَ صلبٍ وقد بلغ الإرهاقُ بأجسادِهِم مداه.
كَدأبِ الفلاحينِ، تَحْسَبَهُم بأيادٍ خشنةٍ مغلفةٍ بالطين، لكنهم كَشجرِ كافورٍ عصيةٍ رقبتها على المنشار.
كَدأبِ الفلاحاتِ أجسادُهُنَّ عتيدةٌ كَالأوتادِ مغروسةً بينَ الصخورِ
كَدأبِ الفلاحات تصير قلوبهن نجمة
بين الغمامِ فتضيءَ.
قال لما بدت له عيناي:
يا آلهة النداءِ والصَدِّ
كمَا السمس التي لفحتْ والديك
ما زلتِ تحملين رمحَكِ وتدافعينَ عن غابَتكِ

كَوالديكِ
عيناكِ تلمعانِ كَالفلاحين
عيناك تلمعان كَالمجانين
محاربة وتكتبُ الشعرَ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى