ظلت رسالة وداعه الأخيرة عالقة في ذاكرتي ، قال بكثير من الفقد واليأس : قدري ان اترك مدينة حبي الأول والأخير في مثل هذا اليوم القائظ ، الى الأبد ، تركتها بلا أسئلة ، الأقدار رتبت لي موعدا مع المستقبل بحسابات الزمن خارج هذا المكان .. كل شيء فيه يعيدها إلي ، و كل زاوية منه تشي بها ، قال : سآوي إلى اقصى مكان يبعدني عنها ، يستحثني لأن أتصالح مع أقداري ، سأبحث عن وسيلة مقنعة للعيش بسلام.
ماكنت انتظره بيأس يفاجئني بما يشبه الشك والحيرة ، غشيتني فرحة بحجم حزمة ضوء قادمة من نجم بعيد متقد باللمعان ...حدث مفاجئ (خربطني) رقم مجهول يصلني في زحمة مشاغلي التي تقتص جل يومي، ولا تنتهي حتى ترديني طريح التعب والارهاق ، كان الوقت عصرا، جاء صوته مثخنا بالوهن سألني: عرفتني؟
من الوهلة الأولى لم استبن ملامح صوته الذي كان قبلا يضخ فينا الحياة حد الجنون ، انصت مستمعا لكلماته المبعثرة ، غير مصدق ، نعم هذا صديقي الغائب بلا عودة منذ سنين ، سريعا نفضت عن ذاكرتي غبار الزمن ، صفا لي صوته ورق أكثر لحظة قال (أقبل جبينك) هذا الوسم الذي كان يميزه حالما يستخفه الاعجاب بشيء ما ، أعاده إلي تماما وأزال من رأسي غبش الشكوك ، آل صوته الى حشرجات ، تستبطن وجعا مكبوتا فشل في مقاومة سطوته ، تنتهي كلماته بكحة حرشاء تبتر نهايات الجملة ، انقطع صوته ب (أرجوك سامحني) الو الو الو .. طنين .. انقطع الاتصال ، بتر كل أمل بعودة صوته إلي ، بدا لي مستحيلا ، يشبه تماما رحيله المفاجئ ، كان على شفا البوح.. كلمات ثقيلة أراد أن يزيحها عن قلبه المترع بالأوجاع ، عاودت الاتصال به مرارا وتكرارا ، حتى استبد بي اليأس ، بعثت له برسالة كتبتها بعينين تذرفان الدموع ، اخبرته فيها عن حبيبته التي سحبت من بين يديه عنوة وزوجت راغمة برجل ساوم عليها وكسب الرهان ، أخبرته أنها لم تدم معه طويلا ، وأنها حالما أعاد إليها حريتها طفقت تبحث عنه ، أخبرته بأنها اتهمتني بالكذب فقط لأني لم أدلها عليه ، لم تصدق مع كل الأيمان المغلظة بأن أخباره قد توارت مع الطائرة التي حلقت به نحو البعيد المجهول ، أخبرته عن مرضها المفاجئ وموتها السريع .. كتبت رسالتي بكلمات مفخخة بالحزن ، علها تفجر مشاعره المكبوتة، وتعيد صوته الواهن الي ، ليستكمل بوحه الموجوع ، كل ما كنت أخشاه أن يطويه الغياب، ويستبد بي اليأس مرة أخرى، انتظرت صوته اياما تلتها شهور ، وأنا اراقب شاشة محمولي ، وارهف سمعي لكل رنة تصلني ، علها تعيده إلي في منتصف ليل بارد ، وتحديدا عند الساعة الثانية صباحا ارتعش محمولي برسالة انقبض منها قلبي ، والتهمت صدري حرقة كاوية ، قرأت الرسالة على وجل ، تدافعت الدموع تنهمر من عيني ، وأنا أدعو له بالرحمة.
محمد المزيني – السعودية
ماكنت انتظره بيأس يفاجئني بما يشبه الشك والحيرة ، غشيتني فرحة بحجم حزمة ضوء قادمة من نجم بعيد متقد باللمعان ...حدث مفاجئ (خربطني) رقم مجهول يصلني في زحمة مشاغلي التي تقتص جل يومي، ولا تنتهي حتى ترديني طريح التعب والارهاق ، كان الوقت عصرا، جاء صوته مثخنا بالوهن سألني: عرفتني؟
من الوهلة الأولى لم استبن ملامح صوته الذي كان قبلا يضخ فينا الحياة حد الجنون ، انصت مستمعا لكلماته المبعثرة ، غير مصدق ، نعم هذا صديقي الغائب بلا عودة منذ سنين ، سريعا نفضت عن ذاكرتي غبار الزمن ، صفا لي صوته ورق أكثر لحظة قال (أقبل جبينك) هذا الوسم الذي كان يميزه حالما يستخفه الاعجاب بشيء ما ، أعاده إلي تماما وأزال من رأسي غبش الشكوك ، آل صوته الى حشرجات ، تستبطن وجعا مكبوتا فشل في مقاومة سطوته ، تنتهي كلماته بكحة حرشاء تبتر نهايات الجملة ، انقطع صوته ب (أرجوك سامحني) الو الو الو .. طنين .. انقطع الاتصال ، بتر كل أمل بعودة صوته إلي ، بدا لي مستحيلا ، يشبه تماما رحيله المفاجئ ، كان على شفا البوح.. كلمات ثقيلة أراد أن يزيحها عن قلبه المترع بالأوجاع ، عاودت الاتصال به مرارا وتكرارا ، حتى استبد بي اليأس ، بعثت له برسالة كتبتها بعينين تذرفان الدموع ، اخبرته فيها عن حبيبته التي سحبت من بين يديه عنوة وزوجت راغمة برجل ساوم عليها وكسب الرهان ، أخبرته أنها لم تدم معه طويلا ، وأنها حالما أعاد إليها حريتها طفقت تبحث عنه ، أخبرته بأنها اتهمتني بالكذب فقط لأني لم أدلها عليه ، لم تصدق مع كل الأيمان المغلظة بأن أخباره قد توارت مع الطائرة التي حلقت به نحو البعيد المجهول ، أخبرته عن مرضها المفاجئ وموتها السريع .. كتبت رسالتي بكلمات مفخخة بالحزن ، علها تفجر مشاعره المكبوتة، وتعيد صوته الواهن الي ، ليستكمل بوحه الموجوع ، كل ما كنت أخشاه أن يطويه الغياب، ويستبد بي اليأس مرة أخرى، انتظرت صوته اياما تلتها شهور ، وأنا اراقب شاشة محمولي ، وارهف سمعي لكل رنة تصلني ، علها تعيده إلي في منتصف ليل بارد ، وتحديدا عند الساعة الثانية صباحا ارتعش محمولي برسالة انقبض منها قلبي ، والتهمت صدري حرقة كاوية ، قرأت الرسالة على وجل ، تدافعت الدموع تنهمر من عيني ، وأنا أدعو له بالرحمة.
محمد المزيني – السعودية