رغم حالتها الصحية الصعبة؛ نزلت للمنطقة التجارية بالقاهرة؛ لتبتاع لحفيدها هدية، هاتَفته أمس أثناء حفل عيد ميلاده، وعدها بزيارتها.
في محل الهدايا، تُطالع وجه ابنها الوحيد على التلفاز مع نبأ سفره ضمن وفد رسمي لدولةٍ الصراعُ فيها وصل لحد القتل دون تفرقة.
شعرت بغُصة في قلبها، وتسارعت ضرباته، دوامةٌ سحيقةٌ تشُدها لأسفل، قدميها لا تقوىان على حملها، صداع شديد يؤثر على الرؤية، لوحت بيدها في الهواء تبحث عن ما تستند عليه، قبل أن تسقط تلقفتها الأيادي، أجلسوها فوق الأرض.
تحسست حاجاتها، اختفت حقيبة يدها وبها هاتفها النقال وأوراقها الشخصية، وهدية حفيدها، لم يتركوا لها غير كتابٍ كانت تحمله ملقً بجوارها.
لا تتذكر أرقام الهواتف، أخبرت الملتفين حولها باسم ابنها، لكنها لم تستطع إخبارهم بعنوانه.
رغم جمالها ووضعها الاجتماعي، صمدت في وجه عواصف الأهل الذين طالبوها بأن تتزوج.
تتيه فخرا بإنجازاته ومركزه المرموق.
تاقت لزيارة بيته، رغم أنه يقطن في نفس المدينة، اختلقت له الأعذار في إخفاء عنوانه عنها، يزورها كلما سنحت الظروف،
ومضات من البريق الفضي تشاغل عينيها، انبثق منها طائرٌ شفاف يشع بضوء أبيض، ضحك لها، تَعرِف عينيه، لم تغب عنها نظراته، تاهت فيها كما كانت تتيه في حياته، جاء ليصحبها، فرد جناحيه، يضمها لصدره،
تشتاق إليه، حبة من عقدها تسللت لصدرها، أيقنت أنه ينفرط.
ضحكات ابنها تختلط بأصوات الملتفين حولها.
ـ ست كبيرة ما لهاش نزول لوحدها.
ـ ربنا أعلم بها.
تملكتها الحيرة، أتصعد معه؟ وتفارق ابنها !، تشبثت جاهدة لتبقى:
ـ ما زال صغيري في حاجة إلي.
نسمة صيفٍ جميلة تملأ صدرها، حملتها جناحاها لأعلى، يسبح حولها محبون غابوا عنها من زمن، وسطهم يبتسم، يأخذ بيدها، يرفع الطرحة البيضاء عن وجهها، قبَّل جبينها، تحررت نورانية ككل المحيطين بها، نظرت لأسفل، جسدها مسجً على الأرض، يلتف الناس حوله.
وقع وكيل النائب العام:
تستخرج لها شهادة وفاة وتدفن في مقابر الصدقة.
بقلم: سيد جعيتم
جمهورية مصر العربية
في محل الهدايا، تُطالع وجه ابنها الوحيد على التلفاز مع نبأ سفره ضمن وفد رسمي لدولةٍ الصراعُ فيها وصل لحد القتل دون تفرقة.
شعرت بغُصة في قلبها، وتسارعت ضرباته، دوامةٌ سحيقةٌ تشُدها لأسفل، قدميها لا تقوىان على حملها، صداع شديد يؤثر على الرؤية، لوحت بيدها في الهواء تبحث عن ما تستند عليه، قبل أن تسقط تلقفتها الأيادي، أجلسوها فوق الأرض.
تحسست حاجاتها، اختفت حقيبة يدها وبها هاتفها النقال وأوراقها الشخصية، وهدية حفيدها، لم يتركوا لها غير كتابٍ كانت تحمله ملقً بجوارها.
لا تتذكر أرقام الهواتف، أخبرت الملتفين حولها باسم ابنها، لكنها لم تستطع إخبارهم بعنوانه.
رغم جمالها ووضعها الاجتماعي، صمدت في وجه عواصف الأهل الذين طالبوها بأن تتزوج.
تتيه فخرا بإنجازاته ومركزه المرموق.
تاقت لزيارة بيته، رغم أنه يقطن في نفس المدينة، اختلقت له الأعذار في إخفاء عنوانه عنها، يزورها كلما سنحت الظروف،
ومضات من البريق الفضي تشاغل عينيها، انبثق منها طائرٌ شفاف يشع بضوء أبيض، ضحك لها، تَعرِف عينيه، لم تغب عنها نظراته، تاهت فيها كما كانت تتيه في حياته، جاء ليصحبها، فرد جناحيه، يضمها لصدره،
تشتاق إليه، حبة من عقدها تسللت لصدرها، أيقنت أنه ينفرط.
ضحكات ابنها تختلط بأصوات الملتفين حولها.
ـ ست كبيرة ما لهاش نزول لوحدها.
ـ ربنا أعلم بها.
تملكتها الحيرة، أتصعد معه؟ وتفارق ابنها !، تشبثت جاهدة لتبقى:
ـ ما زال صغيري في حاجة إلي.
نسمة صيفٍ جميلة تملأ صدرها، حملتها جناحاها لأعلى، يسبح حولها محبون غابوا عنها من زمن، وسطهم يبتسم، يأخذ بيدها، يرفع الطرحة البيضاء عن وجهها، قبَّل جبينها، تحررت نورانية ككل المحيطين بها، نظرت لأسفل، جسدها مسجً على الأرض، يلتف الناس حوله.
وقع وكيل النائب العام:
تستخرج لها شهادة وفاة وتدفن في مقابر الصدقة.
بقلم: سيد جعيتم
جمهورية مصر العربية