د. محمد عباس محمد عرابي - وصف الزهور في شعر الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي

وصف الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي الزهور في شعر ه (1) فبين أن الزهور شذية ،عذبة ،ندية كما تحدث ووصف الزهور الذابلة ،ومما جاء في هذا الوصف :أن في كلِّ الزُّهور شَذَاً، وأن قوافل الرجال رأتْ فوقَ النُّجوم الزُّهْرِ حصناً، و أن الألفاظ العذبة كزهر الربيع وندى الزهور، وأن كف كافل الأيتام لا تنبت إلا الزهور الندية، من مات طفلها صغيرا في عمر الزهور، وبين شاعرنا القدير أن الشعر يرسم من أشجار الباحة وزهورها ما يستثيرُ السّواقيا، وبين أن الزهور الشذية الشادية تملأ كف كافل اليتيم ، وتحدث عن ذبول زهور المحبة في القلب، وبين أن زهور (الشِّعبِ) تركض في دم الشاعر ،وفيما يلي بيان ما قاله في ذلك:

قوافل الرجال رأتْ فوقَ النُّجوم الزُّهْرِ حصناً

بين شاعرنا القدير الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن قوافل الرجال رأتْ فوقَ النُّجوم الزُّهْرِ حصناً حيث يقول في قصيدة موازين الرجال:
تسير بها الأَوائل والتَّوَالي
وترفع بيننا أسمى مثالِ
وتتَّخذ الرِّياحَ لها بساطاً
تطير به إلى رُتَب المعالي
سحائبُ من عقيدتنا، سقتْنا
بماءٍ من مبادئنا زُلالِ
ونَبْعٌ لم يزلْ ثَرّاً غنيَّاً
يغرِّد خِصْبُه فوقَ التِّلالِ
ونهرٌ لم يزلْ يجري نقيَّاً
يُسَلْسِلُ ماؤُه خَرَزَ الرِّمالِ
قوافل، ما مشتْ فيها مطايا
على رملٍ، ولا خُدِعَتْ بآلِ
ولا تخشى مواجهةَ الرَّزايا
ولا تخشى العَناءَ ولا تُبالي
رأتْ فوقَ النُّجوم الزُّهْرِ حصناً
له بابٌ من الرُّكنِ الشمالي
ومن شُرُفاته برزتْ وجوهٌ
تحدِّثنا بأسرارِ الجَمَالِ
هنالكَ حدَّثَ التاريخُ عنَّا
حديثَ حقيقةٍ مثلَ الخيالِ
وليَّ العهدِ، في بلدٍ أمينٍ
تَلأْلأُ فيه أَوسمةُ الجَلاَلِ



الألفاظ العذبة كزهر الربيع وندى الزهور:

تحدث الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي في قصيدة "تغريد" عن الألفاظ العذبة فبين أنها كزهر الربيع وندى الزهور حيث يقول :

تغريد…

غرّد بذكرِ اللهِ في الآفاقِ

واصدحْ بلحنِ مكارمِ الأخلاقِ

غرّدْ بأطيَبِ ما يُقالُ وزِدْ على

معناهُ معنى الحمدِ للخلّاقِ

غرّدْ بألفاظٍ كأنّ حروفَها

زَهْرُ الرّبيعِ ، نَدِيّةَ الأَوراقِ

وكأنها صَوْبُ الغَمامِ إذا همَى

وندَى الزهورِ، وبَسمةُ الإشراقِ



كف كافل الأيتام لا تنبت إلا الزهور الندية

يبين شاعرنا القدير أن كف كافل الأيتام لا تنبت إلا الزهور الندية حيث يقول :
قالوا: اليتيمُ، فقلتُ: أَيْتَمُ مَنْ أرى
مَنْ كان للخلُقِ النَّبيل خَصيما
قالوا: اليتيمُ، فقلتُ أَيْتَمُ مَنْ أرى
مَنْ عاشَ بين الأكرمينَ لَئيما
كم رافلٍ في نعمةِ الأبويْن، لم
يسلكْ طريقاً للهدى معلوما
يا كافلَ الأيتام، كفُّكَ واحةٌ
لا تُنْبِتُ الأشواكَ والزَّقُّوما
ما أَنْبَتَتْ إلاَّ الزُّهورَ نديَّةً
والشِّيحَ والرَّيحانَ والقَيْصُوما
أَبْشِرْ فإنَّ الأَرْضَ تُصبح واحةً
للمحسنين، وتُعلن التكريما
أبشرْ بصحبةِ خيرِ مَنْ وَطىءَ الثرى
في جَنَّةٍ كمُلَتْ رضاً ونَعيما



الزهور الشذية الشادية تملأ كف كافل اليتيم

بين الشاعر في قصيدة نظرة في شموخ اليتيم أن الزهور الشذية الشادية تملأ كف كافل اليتيم حيث يقول :



انظرْ إلى وجه اليتيمِ، ولا تكنْ
يرعى الحنانُ، فؤادَه المكلوما
إلا صديقاً لليتيمِ حميما
وارسمْ حروفَ العطف حَوْل جبينهِ
فالعَطْفُ يمكن أنْ يُرى مرسوما
وامسح بكفِّكَ رأسه، سترى على
كفَّيكَ زَهْراً بالشَّذَا مَفْغُوما
ولسوف تُبصر في فؤادكَ واحةً
للحبِّ، تجعل نَبْضَه تنغيما
ولسوف تبصر ألفَ ألفِ خميلةٍ
تُهديك من زَهْر الحياةِ شَميما
ولسوف تُسعدكَ الرياضُ بنشرها
وتريكَ وجهاً للحنانِ وسيما
انظرْ إلى وجه اليتيم وهَبْ له
عَطْفاً يعيش به الحياةَ كريما
وافتحْ له كَنْزَ الحنانِ، فإنما
لولا الحنانُ لَمَا رأيتَ سعادةً
لولا السماءُ لَمَا رأيتَ نجوما
لولا الرّياحُ لَمَا رأيتَ لَواقحاً
لولا البحارُ لَمَا رأيتَ غيوما
لولا الغصونُ لما رأيتَ ظِلالَها
لولا الرعودُ لَمَا سمعتَ هَزيما
لولا الربيعُ لما رأيتَ زُهورَه
تشدو، ولا لامَسْتَ فيه نَسيما
يا كافلَ الأيتامِ، كأسُكَ أصبحتْ
مَلأَى، وصار مزاجُها تسنيما



في كلِّ الزُّهور شَذَاً:

بين شاعرنا القدير أنه في كلِّ الزُّهور شَذَاً حيث يقول :

أعَبْدَ اللَّهِ ما كلُّ المرَايا
تُرينا صورةَ الوجه المثالي
ولا كلُّ الغيومِ تُثير بَرْقاً
يحرِّك وَمْضُه شَغَفَ الجبالِ
وفي كلِّ الزُّهور شَذَاً، ولكنْ
قليلٌ من شذا الأَزهارِ غالي
هي الأمجادُ، تعرف حين تسعى
لغايتها موازينَ الرِّجالِ



مواساة من مات طفلها صغيرا في عمر الزهور:

واسى الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي من مات طفلها صغيرا في عمر الزهور حيث يقول :

لملمي حزنك هذا وافتحي باب الأمل

نحن لا نملك تأخير الأجل

ليت لي طولا

لكي امسح هذا الحزن عنك

يا صغيرا مات في عمر الزهور

يا صغيرا ضم في جنبيه

وجدان كبير



الشعر يرسم من أشجار الباحة وزهورها ما يستثيرُ السّواقيا:

بين شاعرنا القدير أن الشعر يرسم من أشجار الباحة وزهورها ما يستثيرُ السّواقيا حيث يقول: هي الباحةُ الخضراء أسعدتُ قلبها

بشعرٍ أصيلٍ يَستحِثُّ القوافيا

يناجي جبالاً شامخاتٍ بلحنه

ويسقي بإيقاعِ الحروفِ الروابيا

ويرسم من أشجارها وزهورها

ومن غيمِها ما يستثيرُ السّواقيا

فتجري بماء المُزْنِ وهي سعيدةٌ

وحَسبُك ماء المُزْنِ ينساب صافيا

يكفيك أنك مسلمُ

عند الإله مُكَرّمُ

تسمو بروحك شامخاً حتى تغار الأنجمُ

بالله تأنس فالمدى

في راحتيك مُلَمْلَمُ



ذبول زهور المحبة في القلب

ويتحدث في قصيدة (هبني فمًا يشدو)عن ذبول زهور المحبة في القلب فيقول :

لِمَ هكذا تقسو على مَنْ قلبه ** مأواك، هذي شيمة الجبناءِ

أذبلت في قلبي زهور محبتي ** وحصدتها بمناجل البغضاء (2)



زهور (الشِّعبِ) تركض في دم الشاعر:

بين الشاعر في قصيدة "بوابة الشعر" أن زهور (الشِّعبِ) تركض في دم الشاعر حيث يقول :

هنا حيث يغتر النسيم بنفسه ** وينشر في الآفاق رائحة العطر

هنا في رُبَى الزيتون واللوز غرّدتْ ** بلابل شوقي فاستراح لها صدري

هنا كانت الآكام ترفع رأسها ** شموخًا وإدلالا بأشجارها الخضر

هنا كان جدي يحرث الأرض كلما ** شدا الغيم في الآفاق أغنية القطر

ويبذر باسم الله قمحًا ،فما ترى ** سوى بركات الله في ذلك البذر

هنا يفتح الماضي ذراعيه لهفة *** وتفتح كفُّ الشعر بوابة الشعر

تظل زهور (الشِّعبِ) تركض في دمي ** وتخلط أنفاسي برائحة العطر (3)



(1)ينظر مقال الباحث : الأزهار في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي ) محمد عباس محمد عرابي - - الأزهار في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي

ومقال : الأزهار في ديوان عناقيد الضياء للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي


(2)عبد الرحمن العشماوي :ديوان (مراكب ذكرياتي )، قصيدة(هبني فمًا يشدو)،ص58

(3)عبد الرحمن العشماوي :ديوان (مراكب ذكرياتي )، قصيدة "بوابة الشعر" ،ص 53

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى