مصطفى نصر - سعيد بكر

بداياته
ولد سعيد بكر في وكالة الليمون التابعة لحي بحري في 27/10/1947.
بدأ نشر أعماله في عام 1972بمجلة الطليعة التي كانت تصدرها مؤسسة الأهرام، ثم توالي النشر في جريدة العمال والكاتب والهلال وروز اليوسف والثقافة وأمواج .. وسرعان ما ظهرت قدرات سعيد بكر، واهتمامه باللغة، وتشكيلاته الفنية في قصصه. وتوالت أعماله القصصية والروائية.
استطاع سعيد بكر أن يمزج بين فن الكلمة والفن التشكيلي - الذي درسه وتخصص فيه - كنتْ تجد الألوان ساطعة بين سطور قصصه، وفي قصصه ورواياته تجد مواقف تشبه الإسكتشات التي يرسمها الرسامون .
حصل سعيد بكر على بكالوريوس فنون جميلة، وليسانس الآداب – قسم اللغة العربية.
الكتب التي أصدرها خلال حياته :
وأصدر خلال حياته الكتب الآتية:
البدء والأحراش رواية 1980.
ترنيمات قديمة ـ مجموعة قصصية ـ 1980.
تحت أقدام رمسيس ـ مجموعة قصصية ـ 1981
لمسات ـ رواية 1982.
عويل البحر "مجموعة قصصية" ـ 1983.
وكالة الليمون ـ رواية 1984.
الصعود على جدار أملس ـ مجموعة قصصية ـ 1986.
هزيمة فرس أبيض ـ مجموعة قصصية ـ 1989.
الفيافي ـ رواية 1990، 1993.
السكة الجديدة ـ رواية 4. الهيئة المصرية العامة للكتاب 199
الشمس لا تدخل القبو "مجموعة قصصية أصوات أدبية 1995
شهقة ـ مجموعة قصصية ـ دار الحضارة العربية 1998
متواليات باب ستة رواية روايات الهلال 2001
تحت السور ـ رواية إتحاد كتاب مصر 2003.
دستة شموع للعذراء ـ قصص قصيرة ـ مكتبة الأسرة 2003 .
بلاد الغربة ـ رواية 2007. ( صدرت بعد موته – على نفقة بعض أعضاء نادي القصة بالإسكندرية)
وترك رواية مخطوطة بعنوان "الباب الأخضر " . لم تنشر للآن .
00
تمسك سعيد بكر بالإسكندرية ولم ينتقل إلى القاهرة مثل الكثيرين من زملائنا مما أثر على مسيرته وشهرته، وهذا ما قاله عنه المرحوم على شلش في ندوة بقصر الحرية، قال ما معناه:
- لا أدري كيف يطيق أن يبقى في الإسكندرية وهو بهذه الموهبة الكبيرة؛ بعيدا عن أضواء القاهرة .
وأثر فيه أيضا سفره إلى الأراضي السعودية مرتين، في كل مرة أربع سنوات،عمل فيها مدرسا للرسم هناك .. ولولا هذا لحقق شهرة أكبر.
كان سعيد بارعا في كتابة القصة القصيرة، كان في أول حياته متأثرا بكتابات محمود عوض عبد العال ومحمد الصاوي، واستطاع أن يضيف لطريقتهما من عنده أشياء جديدة تخصه هو، ووجد تشجيعا من نقاد الإسكندرية ( الدكتور محمد مصطفى هدارة والدكتور السعيد الورقي والدكتور محمد زكريا عناني وشوقي بدر يوسف وعبد الله هاشم وغيرهم ) فقد فسروا طريقته الجديدة في الكتابة وشجعوه على المضي فيها، لكنه لم يكمل مشواره هذا، وغيّر طريقته؛ ربما أحس بأن هذا الطريق لا يؤدي إلى الشارع العمومي، وإنما يؤدي إلى حارة مسدودة. فكتب عن الحي الذي نشأ وقضى فيه طفولته وشبابه. وأعتقد أنه لو تمسك بطريقته الأولى في الكتابة لحقق لنفسه مكانة أكبر وأهم، فقد كان متفردا ومتميزا فيها، وكانت الضبابية التي يصنعها تمزج الحقيقية بالخيال، والواقع بالأسطوري..
الجوائز التي حصل عليها
نال جائزة التكريم في عيد الفن من الرئيس محمد أنور السادات عام 1979.
وجائزة محمود تيمور التابعة للمجلس الأعلى للثقافة عن مجموعته القصصية هزيمة فرس أبيض عام 1992
ونال جائزة الدولة التشجيعية عن روايته الفيافي عام 1993
وجائزة أندلسية عن مجموعته القصصية " شهقة " عام 1998 .
و نال جائزة التكريم من مؤتمر الأقاليم السابع عشر بالإسكندرية عام 2002 ، ودرع هيئة قصور الثقافة .
00
لم أكن قريبا من سعيد بكر. فالمنافسة بيني وبينه أبعدتني عنه. وقد حضرت مؤتمر أدبي في دمياط، كان يضم الكثير من كتاب الإسكندرية: عبد الله هاشم ومحمد عبد الوارث وسعيد بكر. وأحمد حميدة. ودخلنا جميعا مطعم هناك قبل ركوب السيارة التي ستوصلنا للإسكندرية. وعندما أنتهيت من تناول طعامي، قمت لكي أدفع الحساب. فإذ بأحمد حميدة يمسك يدي قائلا:
- ماذا ستفعل، ما دام سعيد بكر معنا، فهو الذي سيدفع.
ووجدت سعيد يوميء برأسه قائلا:
- أيوه.
كانت هذه هي طريقة سعيد بكر مع أصدقائه، ولأن المنافسة بيني وبينه كانت مشتعلة فلم أكن أعلم عنه هذا. وقد سرت مع أحمد حميدة يوما. فمد قدمه للأمام، لكي أرى حذاءه الجديد قائلا:
- لقد أشتراه لي سعيد بكر.
دخل سعيد محل أحذية ومعه عبد الله هاشم وأحمد حميدة ومحمد عبد الوارث. فاشترى سعيد حذاء. وقال للبائع:
- هات لهم أحذية.
فقال محمد عبد الوارث:
- لا، أنا عندي حذاء.
فاشترى سعيد حذائين لحميدة وعبد الله هاشم.
الندوة التي كانت سبباً في مرضه وموته
اقترب موعد الانتخابات في نادي القصة بالقاهرة، وأعلنوا عن ندوة لكتاب الإسكندرية، يلقي فيها كل منهم شهادة عن مسيرته الأدبية. وذلك لأن عددا كبيرا منهم أعضاء في النادي . ( كنوع من أنواع الدعاية لبعض المتقدمين للانتخابات)
بدأتْ الندوة، وكان صوت سعيد ثقيلا ومختنقا ومرتعشا، فقد أثرتْ بوادر الجلطة على طريقته في الحديث.
وبعد الندوة عاد إلى الإسكندرية. وفي محطة مصر؛ استقل سيارة ليصل إلى بيته في الهانوفيل، لكنه لم يستطع أن يصعد سلالم بيته، فنقلوه إلى المستشفي وبدأتْ رحلة العذاب إلى أن مات.
وقد حكت زوجته عن واقعة نادي القصة هذه؛ قائلة:
- إنه كان يكتب على الآلة الكاتبة في رواية، ويسهر طوال الليل، لكي يقدمها إلى نادي القصة لتطبع ضمن الكتب التي يصدرها النادي. كما أنه استيقظ عند الفجر وسافر إلى القاهرة، فذهب - كالعادة – إلى مجلس الثقافة في الأوبرا، ثم هيئة الكتاب، ثم هيئة قصور الثقافة .. إلخ (الرحلة التي يقوم بها – عادة - أدباء الأقاليم في القاهرة في كل زيارة) لكنها رحلة طويلة لرجل يشعر ببوادر جلطة. وتوفى الى رحمة الله في 25 ديسمبر 2007.
وقد نعاه الأستاذ محمد جبريل في مقالة له في جريدة المساء التي صدرت في السبت 29/12/2007 :
إذا كنت مبدعاً. فلابد أنك تعرفه. وإذا كنت محباً للفن الجميل فظني أنك تعرفه.
لم يكن سعيد بكر يكتب الرواية لمجرد الفضفضة. أو توهم الموهبة. أو مخاطبة قارئ تشغله التسلية. وإنما كان له مشروعه الابداعي الذي يحتضن المكان السكندري. والزمان الذي نحياه بكل مشكلاته وموروثه واستشرافه أفق البحر. كتب سعيد بكر العديد من الروايات التي تحمل عناوين شوارع وأحياء. لا لمجرد الانسياق وراء غواية المكان السكندري - وكم تأثر بهذه الغواية موهوبون. من أهمهم: محمد الصاوي ومصطفي نصر وأحمد حميدة وإبراهيم عبد المجيد وسعيد سالم وإدوار الخراط وغيرهم - وإنما لتشكيل عالم خاص. ومتفرد. يمتد برحابة الانسانية. وبالنظرة الشمولية التي تجيد رسم المشهد البانورامي. وتجيد - في الوقت نفسه - التقاط التفاصيل الصغيرة والمنمنمات. نال سعيد بكر جوائز مصرية وعربية. وحقق لنفسه مكانة بين جماعة المبدعين. بصرف النظر عن الجيل الذي نُسب إليه. وكان آخر لقاء بينه وبين مثقفي العاصمة حين ناقش نادي القصة إحدي رواياته. ولم يفطن الحضور إلي التخاذل الذي ران علي تصرفات سعيد بكر وصوته. لكنه استأذن في المغادرة. وسافر إلي الإسكندرية. لتفاجئه الجلطة التي ألزمته الفراش وجدران البيت. المفروض ان تتكفل الدولة بعلاج مواطنيها من الأمراض. وبخاصة ذات التكلفة العالية. وقد استغثنا. ورجونا. وتوسلنا. لإنقاذ سعيد بكر من مرضه الخطير.. وأذكر أني كتبت في هذه المساحة أناشد وزير الثقافة ومحافظ الاسكندرية واتحاد الكتاب. واثرياء بلادنا الذين يعلنون رعايتهم للثقافة والمثقفين. لكن أذن الطين ظلت متوائمة مع أذن العجين. فلا حس ولا خبر.. وبعزة نفس رفضت الفاضلة زوجته أن يشار من قريب أو من بعيد إلي تأثيرات المرض الذي عجزت الظروف القاسية عن مواجهته. واللامبالاة التي ألقته وراء ذاكرة الجميع. حتي معظم زملائه اكتفوا بالتحسر. دون ان يجاوزوه إلي الفعل الإيجابي. ولو بالكتابة في وسائل الإعلام. مثلما فعل مصطفي نصر وأحمد حميدة.. وتمنيت ان تنظم ندوة تسلط الضوء علي ظروف مرضه من خلال مناقشة إبداعه. يحشد لها أكبر عدد من القامات الابداعية والنقدية والفكرية. والإسكندرية - كما تعلم - لاتشكو قلة الاماكن التي تصلح لمثل تلك الندوة.. لكن المأساة - للأسف - ظلت علي استمرارها وتفاقمها. حتي فرضت النهاية الحزينة! الكثير من المواطنين - بصرف النظر عن مستوياتهم الاجتماعية - أنقذوا من المرض في بداياته. سرعة المبادرة - مثلاً - أنقذت صديقنا جابر عصفور من حالة مشابهة. لكن سعيد بكر ظل أسيراً للمرض. يمتص حياته قطرة قطرة. حتي أسلمه إلي الموت.
لمن أوجه الاتهام؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى