عبدالنبي النديم - لا تخلعوا عني فستاني الأبيض.. قصة قصيرة

ليلة شتاء حالكة.. دامسة.. طويلة.. تحارب سهادها, تحاول سماح جاهدة أن ينال جسدها الذى أنهكته عوامل الزمن, قسطاً ولو قليلاً من الراحة.. خطت الأيام بملامحها على تفاصيل أنوثتها.. فترهلت.. تراجع تفاصيل حجرتها.. تحفظها عن ظهر قلب, تلهى تفكيرها بادعاء نسيان هذه التفاصيل.. تتوقف كثيراً عند الصورة المعلقة على جدار الحجرة فى مواجهة سريرها.. تقف بين والديها.. يتراص أمامهم أشقائها الصغار.. تتذكر بعض التفاصيل التى نحتت على جدران الزمن..

حوارات ومشاكسات دارت بينهم, كانوا يملأون البيت صراخاً.. تنصت.. لعلها تجد أصواتهم تنادى عليها..

يخيب رجاؤها.. تستجيب لنداء آخر..

تختطفها سنة من النوم, تهاجمها كوابيس الشتاء.. تحارب طواحين الهواء نائمة, تراها فى منامها كالعادة, بعد أن تعودت على رؤيتها تسامرها.. تهرب إليها من بئر الوحدة العميق الذى ألقيت فيه طواعية, امرأة مسنة تشاركها أحلامها, منذ أن شيعت والدها.. وتبعته بأمها فى ذكرى الأربعين, بعد أن اطمأنا على أشقائها الثلاثة, وألهتهم الدنيا الغرور عنها وانسحبوا غير مطمئنين عليها..

تناديها المرأة المسنة.. الذى تفنن الزمن فى إظهار آثاره على تجاعيد وجهها, تهزها.. تجلس إلى جوارها كل ليلة, على حافة سريرها تتجاذبان أطراف الحديث, فى تلك الرحلة الزمنية بين النوم واليقظة, تتنوع الموضوعات, حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود, ويأتى الصباح فلا تتذكر سماح من حواراتها شيئاً..

يمر النهار متباطئًا, تلهى نفسها بترتيب أغراض شقتها, للمرة الثالثة.. تستعين على سجن الزمن بالهروب بين غرف شقتها, تطل متكئة من الشباك المطل على الشارع الرئيسى المؤدى إلى البحر مباشرة, تتنقل بين الوجوه المارة بالشارع, تتناول معهم الحديث, من الدور الثالث, تتعلق عيناها بفتاة تتأبط ذراع فتاها, التى تعلقت أعينهما المملوءة بالعطش من نهر الحب معاً, تتشبث بكلتا يديها بيمناه, تخشى أن تختطفه غيرها منها, وربما تستعجل اللحظة التى تغرق بأحضانه, ليقطف ثمارها ويسكن إليها وتفوز بالنشوة..

بحركة لا إرادية, تمتد يدها المتكئة إلى حافة الشباك إلى مفاتنها الأنثوية التى ترهلت, دون أن يمسسها بشر, تحاول يائسة أن تعيد إليها الحياة, تستعرض شريط ذكرياتها الطويل, ومحاولات الكثير من الشباب قطف ثمار أنوثتها, تلوم نفسها على عدم الاستجابة ولو لمرة واحدة, لتشبع اشتهائها للالتقاء بالرجل, وتتعرف على عالم لم تكتشف أسراره, ليزرع فيها بذرته وتروى الاشتياق إلى الولد, وتعيش الشعور بوجود كائن يحي وينمو داخل كيانها..

لا تستجيب لها أنوثتها, ويظل مارد الاشتياق إلى رجل , يملأ كيانها..

تغيب الشمس.. ويرخى الليل عليها سدوله, تبدأ رحلتها الليلية, تستقر على سريرها.. لأول مرة تأتيها المسنة ترتدى قميصاً شفافاً, لا يستر بقايا مفاتنها الأنثوية التى ماتت, حاملة بين يديها فستان أبيض, لم تستطع أن تحدد ملامحه, تدعوها إلى أن ترتديه قائلة: البسى الفستان يا سماح..

تمد يدها المرتعشة تتلقف منها الفستان الأبيض, تنتابها رجفة تسيطر على جميع أوصالها, تحاول أن تجد له مدخلاً ترتديه منه, تحاول أن تتجاذب معها أطراف الحديث, لتأخذ متسعاً من الوقت لترتديه, تمد المسنة يدها, لن تستطيعي ارتدائه وحدك سماح.. لا بد أن يساعدك أحد..

ردت سماح مسرعة تنفى عن نفسها تهمة الفشل فى ارتداء الفستان: لا.. لا.. أبدا.. كل فساتين الفرح البيضاء شقيقاتي كن يرتدينها وحدهن,

ترد عليها المسنة مسرعة.. لكن الكفن فستان أبيض أيضا يا سماح..

فزعت سماح من غفوتها تلفتت حولها فى رعب, تفتش عنه.. لم تجده فى انتظارها..

تنفست الصعداء.. تلملم الفراش.. تضمه إلى صدرها.. احتضنته رعباً, تنظر إلى الساعة البندولية - لم تستغرق غفوتها دقائق – لأول مرة تتذكر حديثها مع المسنة.. تتذكر عمرها الذى مر فى تضحيات أحكمت قبضتها على حياتها للسير فى اتجاه واحد, تلاطم أمواج الحياة العاتية حتى بلغت من الستين عاماً أرازلها, تستقر أنفاسها..

تعود إلى تفاصيل حجرتها, خطوات متثاقلة.. مضطربة تدخل إلى مرآتها, وتترك نصف عمرها خارجها, تراودها السكينة التى يمكن أن تلقاها على صدر مشعر مفعم بالرجولة, يغازل أنوثتها بكر.. لم يمسسها رجل, تمر بيدها على تضاريس أنوثتها, تسبح فى حلم يراودها.. انسحبت من عمرها..

سوف أجعل الفستان الأبيض, فستان زفاف.. الحلم الأهم الذى يراود كل فتاة عندما يصعد نهداها، وتنهض تضاريس أنوثتها, تحطم قيود العادات والتقاليد التى تغلغلها..

تسأل هواجسها.. لماذا أحرم من متعة ارتداء الفستان الأبيض.. وأحرم من تحقيق حلمى, وأكون الأميرة المتوجة بداخله..

خطوات مترددة إلى دولاب ملابسها, تزينت لها أضغاث أحلامها.. تدفعها دفعاً إلى تحقيقها, بإسعاد نفسها دون انتظار مساعدة من امرأة مسنة أو فتاة كاعبة, إنها حياتها والقرار الأول والأخير لها.. وأوان الاتصال بالنصف الآخر قد حل..

تستعد لتمثيل دور الضحية لأحد الذئاب البشرية, لتعيش لحظة من لحظات السقوط فى سن المراهقة, تندفع فيه إلى الرجل بشكل هيستيرى, دون التفكير فى عواقب قرارها.. تخالف فيه الطبيعة وقوانينها.. تُطمئن نفسها.. لم يفتني القطار بعد.. ما زلت قادرة على العطاء حتى لحظات قمة النشوة, لم تذبل أنوثتي ولم يحل الخريف.. من حقي أن أُشبع نداءات جسدى, كيف أحيا وأنا جوعى..سئمت من العيش فى الملذات الروحية.. أليس جوع الجسد كافر أيضا؟!

الآن.. عادت الحرارة إلى خط الحب, تنتظر الطرف الآخر باشتياق متوحش, عطلت فيه العمل بعقلها, حطمت كل القيود لتعيش فى علاقة كاملة, وأطلقت جماح مشاعرها, فى انتظار فارسها.. سواء كان أعزباً أو متزوجاً أو خائناً أو كاذبا أو مستبداً حتى.. تنتظر فقط تفوقه الذكورى.

تقبض على حقيبة مهملة بقاع الدولاب, تنفض من عليها تراب الزمن, تضعها برفق على السرير, تفتحها على مهل.. تفتح معها شريطا طويلا من الذكريات.. تحمل برفق فستان الزفاف الأبيض الذى اشترته لها أمها, ليوم زفافها, بعد أن اطمئنت على شقيقاتها فى بيوتهن, لم تكن أزمتها مع تكاليف زواجها, فأسرتها من الأثرياء أصحاب الأملاك الشاسعة, لكن الحادث الذى أصاب أمها, جعلها طريحة الفراش, جعل منها أماً بديلة لأشقائها..

تلتقط بين راحتيها الفستان الأبيض, تتفحصه بنظارتها المشتاقة للولوج بداخله, تتعرى منه على يد من سيفوز بقطف ثمارها.. تبسطه على سريرها.. تلتفت مسرعة الى المرآة, تمسك بأدوات زينتها, تنظر إلى مرآتها, تنعكس صورة المسنة, تفزع من رؤيتها بشعرها الأبيض, وأنوثتها المترهلة, والتجاعيد التى تملأ وجهها, فتقذف بزجاجة عطرها المرآة, لتتحول المسنة إلى عشرات المسنات..

ترتدي عباءتها.. تعيد الفستان الأبيض إلى الحقيبة, تفتح الأدراج.. تجمع مجوهراتها التى ورثتها عن أمها وأجدادها, وحليها من الذهب.. كان والدها يشترى لها شبكة خاصة بها عند شراء شبكة شقيقاتها, تضعها فوق الفستان الأبيض الرابض داخل الحقيبة, تأخذ من على رف الدولاب رزم الأموال المتراصة عليه, تلقى بها داخل الحقيبة, تغلقها بعنف, ترفع سماعة التليفون, تهاتف المطعم الشهير على كورنيش الإسكندرية, تحجز كل مقاعد المطعم لحفل زفاف, ولا مانع من مشاركة رواد المطعم فى الحفل, وجميع التكاليف سيتم دفعها فور الوصول, تغلق الهاتف بعد أن تقوم بملء بياناتها للطرف الآخر على الهاتف..

تنزع حقيبتها من على سريرها, تخرج دون تردد من سجنها..

تدفع باب الكوافير أسفل العمارة التى تسكن بها, فى نظرات حائرة من العاملات بالكوافير, عن نية سماح ودخولها إلى المحل, يقطع تفكيرهن طلب سماح منهن, أن يقومن بتجهيزها للزفاف..

تصعق الفتيات بالمحل.. تقوم مسرعة فاتن صاحبة الكوافير محاولة تدارك الموقف, تحمل عنها حقيبتها, تسألها.. والشنطة دى فيها الفستان؟

ترد سماح: فيها الفستان وكل مجوهراتى, ولو اشتغلتوا معايا وبقيت عروسة زى القمر هدفع الفلوس اللى تطلبوها..

فتيات المحل وقفن كالأصنام.. لم يخرجهن من حالة الصاعقة التى حامت على رؤوسهن, إلا صوت فاتن صارخة فى وجوههن, يلا يا بنات كل واحدة تشوف شغلها بسرعة, لازم سماح تبقى أحلى عروسة فى نص ساعة..

أسرعت الفتيات فى ممارسة أعمالهن المعتادة مع كل عروس, وانشغلت عقولهن بما هو قادم بعد الانتهاء من تزيين سماح!!

أدارت سماح وجهها بعيداً عن مرآة المحل, أعطت لها ظهرها, لم تعترض أى من عاملات المحل..

مرت ساعة.. انتهت عملية التزين, وكلمات المدح تخرج على ألسنة العاملات تجامل سماح, قد يكون طمعاً فى الإكراميات التى سوف تغدق بها عليهن..

تمد سماح يدها بحفنة كبيرة من النقود إلى فاتن.. تأخذها منها فاتن مذهولة من كمية الأموال الكثيرة التى أغدقت بها عليها وعلى عاملات المحل..

تشكرهن.. تهم بالخروج من المحل.. تعود إلى فاتن تعطيها حقيبتها قائلة: خلى الشنطة دى والعباءة علشانك..

تعود مرة أخرى بعد أن عزمت على الخروج, تسأل فاتن عن ورقة بيضاء وقلم؟

تسرع إحدى العاملات بمد يدها بدفتر وقلم على مكتب حسابات المحل, تقوم سماح بكتابة بعض الكلمات القليلة على الورقة, تقطعها من الدفتر, تطويها وتقبض عليها بيدها..

تفتح الباب.. تخرج إلى رحم الحياة.. يصاب كل المارة وأصحاب المحلات بالدهشة, سماح بفستان زفاف أبيض؟!!

لا تلتفت إلى النظرات التى تنهش فيها, ضحكات يخفيها المارة عند التطلع إلى وجهها بفستان الزفاف الأبيض..

تسير فى شارعها تجاه البحر..

عادل صاحب محل الأنتيكات, فى الأربعينيات من عمره, يستجمع شجاعته, ينطلق تجاه سماح, لم يستطع أن يتفوه بكلمة لسماح, عندما نظر إلى وجهها, لم تفلح معها عمليات التجميل, يمد يده إلى سماح طالباً منها أن تتأبط ذراعه.. قائلا هوصلك لحد عريسك..

تنقل سماح الورقة من يدها اليمنى إلى اليسرى, تتأبط ذراع عادل..

تشجع عدد من أصحاب المحلات وقاطنى الشارع, انضموا إلى حفل الزفاف الوهمي.. اتفقوا جميعاً على الوقوف بجانب سماح التى خرجت من سجنها أخيرا, تاركة موضعها هناك من شرفة شقتها تراقب المارة, فنادرا ما رآها جيرانها تخرج من شقتها, فكل طلباتها كان بواب العمارة يتكفل بها..

يجاملها عادل.. الحلاوة دى كانت مستخبية فين؟

تطأطئ سماح رأسها خجلاً.. يستكمل عادل حديثه.. الزفة تحبى تكون فين؟

ردت مسرعة: أنا حجزت المطعم اللى على الكورنيش..

يصعق عادل من ردها.. بس دا مطعم غالى أوى؟

ترد: متقلقش.. تخرج رزمة كبيرة من الأموال تعطيها له, حاسب أنت المطعم, مينفعش العروسة تحاسب ؟

مع تواصل المسيرة تتزايد أعداد المشاركين من المارة حول سماح وعادل, الكل يتطلع إلى النهاية..

يعرج الجميع مع نهاية الشارع, يقفون أمام باب المطعم, الكل يتردد فى دفع الباب وفتحه أمام سماح وعادل..

تدفع سماح الباب يستقبلها عمال المطعم المتطلعين لوجهها الذى أظهرت المساحيق عوامل الزمن أكثر عليه..

يسرع صاحب المطعم إلى اللمة حول العروس, يتحدث إليهم من خلفهم: حضراتكوا اللى حاجزين المطعم.. تلتفت إليه سماح تهز رأسها بالإيجاب.. تنتاب صاحب المطعم حالة من السكوت والدهشة, يسأله عادل, ليخرجه من حالة الصاعقة التى أصابته, الحساب كام ؟

يسيطر صاحب المطعم على الحالة التى أصابته, قائلا: عشرة آلاف جنيه..

يمد عادل يده برزمة كبيرة من النقود, يلتقطها صاحب المطعم, مفسحا الطريق أمام العروس, تلتفت إليه سماح تخبره: كل اللى فى المطعم معزومين على الفرح..

تبدأ طقوس حفل الزفاف..

يتفاعل كل من فى المطعم مع عادل, الذى تحول إلى العريس أمام كل المشاركين.. على أنغام صوت ماجدة الرومى, تصدح بأغنية الزفاف..

طِليِّ بالأبيض طليِّ

يا زهرة نيسان

طِليِّ يا حلوي وهليِّ

بهالوج الريـَّان

وأميرك ماسك أيديك

وقلوب الكل حواليكِ

والحب يشتي عليكِ

ورد وبيلسـان

ترتفع دقات قلب سماح, مع علو صوت أغنية الزفاف, تحيط بها الفتيات المتواجدات بالمطعم, يتفاعل الشباب مع الفتيات المحيطين بسماح, تاركين سماح فى حالة النشوة التى انتابتها, تهتز بحركات, يأسف لها معازيم الصدفة, فستان الزفاف يستر عوامل الزمن على جسد العروس, عيونها حائرة خلال رقاصاتها المبهمة, تبحث بين الحاضرين عما ينقصها, لتحل عادل من رباطه معها, الذى لم يجد سبيلاً سوى التفاعل مع المحيطين بهما, وأخذ يراقصها, غير مبالٍ برد الفعل لدى المحيطين بهما..

تتابع الأغانى الصاخبة.. تتجاوب سماح مع الأغانى, تهتز .. وتهتز .. كأنها تتابع طقوس حلقة زار, ترتفع معها دقات قلبها.. لا تستجيب لرجاء قلبها الضعيف للرفق به.. تتصبب عرقاً.. تطمئن إلى الورقة التى تحكم قبضتها عليها..

ينسحب من المسرح المخصص بالمطعم معازيم الصدفة فردا تلو الآخر.. يتراصون على المقاعد المحيطة.. بعد أن نال منهم التعب مآربه, مفضلين تكملة المجاملة للزفاف الوهمى جلوساً..

لم تستجب سماح لتوسلات قلبها وعضلاتها المتهالكة.. استمرت فى استكمال مشروعها العاطفى..

تحجج عادل لسماح بالعطش.. تاركها على مسرح المطعم .. تتمايل فى حالة أشبه ما تكون بين الحياة واللا حياة.. لم تعد تدرى بمن يحيط بها..

تدور حول نفسها.. تتعلق عيونها بالأنوار فوق رأسها.. باسطة ذراعيها.. كأنها تستعد للطيران إلى عالم آخر ترنو إليه..

دقات قلبها المتسارعة تبدأ فى الهبوط رويداً.. رويداً

الأضواء التى تتابعها بعيونها تتحول إلى شعاع خافت يبتعد .. يبتلعه ظلام سحيق فى الفضاء.

أصوات الأغانى تبتعد عن مسامعها كأنها صادرة من بئر عميق..

لا تتحمل قدماها حمل جسدها النحيف.. تسقط .. تحارب طواحين الهواء التى هبطت فوق صدرها..

تعتدل.. تعاود الدوران حول نفسها ناظرة إلى شعاع الضوء الخافت.. الذى تبدد فى ظلام سحيق ..

تسقط.. تجثو على ركبتيها ذراعيها مبسوطتان.. تستقبل بهما نصفها الآخر.. نهديها فوق صدرها لا يتوقفان عن الصعود والهبوط بشدة.. أنفاسها تتعالى.. روحها تحوم حولها, تطوف بين الأنوار التى اختفت داخل عينيها..

يهرع إليها كل من بالمطعم.. تمسك الفتيات بذراعيها المبسوطتان..

يحاولن إسعاف قلبها الذى توقف عن النبض..

عيونها ما زالت متعلقة بأنوار المطعم الساطعة..

يساعدنها على الاستلقاء على ظهرها ممدة على خشبة المسرح..

الكل يقدم يد المساعدة فى إسعاف القلب الذى أنهكته الأيام..

تحاول بعض الفتيات فتح فستان الزفاف.. حتى تستطيع التنفس..

أناملها قابضة على الفستان ومتشبثة به, رافضة فتح أو خلع الفستان من عليها.. وتبديد حلمها..

تحاول الفتيات إثنائها.. تفشل محاولاتهن..

يحاولن إعادة النبض لقلبها..

تفشل محاولاتهن ..

لتستقر عيناها لأعلى..

تمد يدها الواهنة.. تحاول أن تمسكه بيدها.. رفيقة وحدتها وأحلامها.. المرأة المسنة..

تهبط يدها على الأرض.. تسقط منها الورقة التى حافظت عليها منذ خروجها من الكوافير..

يحاول عادل حثها على الصمود..

يضغط على قلبها فى محاولة بائسة فى عودته للنبض..

لا يستجيب..

تسقط عيناه على الورقة التى سقطت من يدها..

يلتقطها برفق .. يفضها..

تسقط دموعه مع كلماتها القليلة..

أود أن أدفن بصورة جميلة.. لا تخلعوا عنى فستانى الأبيض..


عبدالنبي النديم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى