يحشي خرج الحمار بالطابوق ,ويدليه فقط ,فيعود فارغا اليه فيملؤه ثانية , , لا ندري كم عملا اشتغل فيه وهل التحق بالخدمة العسكرية او لا ,هل تزوج من قبل او لم ,لكن من المؤكد انه اشتغل حمارا لسنين طويلة, انه الان رجل اسمر بلا بصر نحيل طويل القامة , يمر ماسكا عصاه متلفعا بالدشداشة وفي الشتاء يضع عليها سترة وعباءة ويلف الرأس بكوفية ..وقيل من عمي متأخرا لا ينشط بالدبيب كمن فقد بصره متأخرا .. لقد فرض بالقوة على امراة بلا اطفال وزوجها.. اخبرتهم السلطات :(لن نملككم بيتا حتى تفرغوا لهذا البصير غرفة معكم )..
هكذا حصل على غرفة تأويه بعد انتقاله الى الحي الجديد في مرحلة منحت السلطة البيوت مجانا للمستأجرين واصحاب العشوائيات .. بمرور الايام توسط البيت بينهما جدار خشب.. وتحول البيت المشيد من غرفتين من الطابوق والمقام على تسعين مترا مربعا الى بيتين مع باب مشترك .
ظل هذا الرجل المكنى ابو جاري انسانا خاملا يعتاش على المحسنين .. لم يمد يدا في سوق ولم يطرق بابا ليستجدي ..لعله من اسرة تعودت الكبرياء رغم الفقر والجوع ..حتى حصل على مبلغ من جهة مجهولة في اواخر عمره ..هنا انقلب على جموده الذي ترسخ عبر عقود يسانده اليأس والايمان بالقدر ..فبدأت تتدفق المشاريع بذهنه ..فكر اولا بشراء باص خشبي على ان يودعه لدى سائق ثقة .. لكن فكرة الزواج كانت الابرز .. والاشد اشعاعا في وجدانه وخياله .. زواج لرجل اعمى تجاوز الخامسة و الستين لا بد ان تكون فكرة طريفة .. لكنه يملك الرد .. سيختار شحاذة عمياء مثله ..تخيل كيف سيجني الارباح منها وهي تعود من الطرقات والاسواق وطرق الابواب محملة بالنقود وربما بالوان من الزاد وغيرها مما يجود به الكرماء في عباءة سوداء مشققة احالتها الشمس .. وما لا يصرح به هي تلك المتعة معها وهما يشتركان بلحاف واحد في وحشة الشتاء وقسوة البرد .. لحم على لحم , حلالا ولذة .
كان يزور عائلة ابو حمد ثلاث مرات في الاسبوع , يتناول الغداء ويمطق لقدح الشاي ويمضي بطوله البارز ونحوله ,ضاربا العصا ضربتين مع كل خطوة حذرا من العثرات منخفض الرأس..
الحرب قد اندلعت وهو رجل ملك بعضا من النقود فصدعهم بافكاره عن مشاريعه :
ــ اقول ما رأيكم افتح دكانا واستعمل عاملا يديره ؟
ــ الافضل ان تشتري باخرة .. قال ذلك ابو حمد فشهقت العائلة بالضحك .. كان ابو حمد يضيق بوجوده .. ومن زياراته الثقيلة الا ان زوجته الطيبة لا توافقه الرأي فقد نشأت في جو رحمة وانسانية وتعاطف .
لكن تلك المشاريع ليست جادة تماما فقد كان وجدانه مركزا على الاقتران ..كان يبحث في سوق البصرة والخضارة وام البروم عن مسكينة شحاذة تناسبه ,فهو يطلبها شريفة وفيها روح , تتحمل في الفراش عنف جسده , والا فربما يفصم ظهرها او تزهق تحته .. فما تزال يداه السمراوتان تتمتع بقوة الحجر رغم العمر , كان يتجول في الاسواق حتى اذا سمع امراة تصوت (يا اللله .. صاحبة ايتام .. على حب الحسين ...) يقترب منها ويجلس جوارها وهو يسعل ويبادرها (صبحك .. مساك الله بالخير ).. ويجري الحوار بهمس فان تأكد حقا بان لها بصرا او اطفالا يبتعد عنها ..مضت اشهر من البحث والتجوال حتى صادف ام اشعل وهي امراة بيضاء في الاربعين .. تسكن وحيدة في احد الارياف ..في صريفة لا تعصم من برد ولا مطر تربي الدجاج والقطط ولها كلب لا يستكين ..مات زوجها وقضى نجلها في حرب الشمال فبكت دما حتى ودعت بصرها ..نشطت ذاكرة ابو جاري واستعادت روحه الحكايا عن النساء , المحرجة منها خاصة , واغرقها بشعر غزل في اللهجة الدارجة ..كلاهما تحركت روحه بعد تكلس ..كان ابو جاري يفكر كيف يمرر اصابعه على جسدها ليتأكد من حيويته , فهو رجل صاحب مال , والنساء يعبدن المال , وربما عشرات من يتمنين الاقتران به .. وهو يملك دارا ,وما تزال صحته دافقة ..وليس عليه ان يستعجل فهو لا يرغب بامرأة جامدة ..في شبابه شققت ثلاثة نساء جيوبهن تحت جسده البركاني ..يريدها امرأة تصمد....
تقدمت الناقلات البرمائية وعبرت نهر الكارون، الذي يقع في منطقة الأهواز في إيران و ينبع من (زردكوه) الواقعة في جبال (زاغروس)، ويبلغ طوله حوالي 950 كيلو متراً , أن طبوغرافية هذه المنطقة معقدة جداً لا تصلح لعمل القطعات المدرعة والآلية لأن المياه الجوفية عالية جداً ، لكن المساحة التي إنتشرت فيها القوة العراقية بعد عملية العبور لا تسمح بالإنفتاح الواسع ومُحاطة بالمياه من جميع الإتجاهات , جنوبا منطقة (هورالشدكان ) المغمور بالمياه وغربا ترعة بهمشير و نهر الكارون شمالا , وأصبحت القطعات هدفاً دسماً للمدفعية الإيرانية.
لكن حمد استقر ضمن الاعاشة والمطبخ في منطقة الشلامجة بمحاذاة نهر صغير ..كانت الاغذية المجففة تتبعثر بارتفاع متر وعلى مساحة واسعة تحت سعف النخيل .. فيما تقدم فوجه الكمندوز المظلي منقولا بالبرمائيات وعبر الكارون .. يتذكر انهم يصرخون ساعة التدريب (بر .. بحر .. جو ) او يرددون في اول الفجر في ساحة العرضات:
( جر المدفع فدائي
ابدا ما يهاب الغارة
طير علينا صهيون
اكثر من مية طيارة )..
استقر هناك يكرع الخمر ليلا ويصطاد بالصنارة في النهار ..
لكنهم يهجمون الان ولا صهيون ولا هم يحزنون ..شعوب تشتري الذخيرة لتقاتل ابناءها او يبتكرون اعداء ليقاتلوا ..
بعد عصر احد الايام ركب الايفا مزودة بالمؤونة وعبر الكارون ليغذي فوجه .. كان القصف على طول الطريق والظلمة مهيمنة .. وكان يمسك بقضبان العجلة المثبتة افقيا بسقفها كي لا يهوي الى الارض في العثرات العميقة .. ووصل بعد ساعتين .. ثم برقت المتفجرات وكان في احدى العجلات, فاحس بالارض تمور وان رعدا وحشيا يتفجر وصرخ من اصيب فرمى نفسه الى الارض وشعر بان بللا في جوربيه فعلم بانه اصيب فتم نقله مع اربعة جنود الى اقرب موقع طبي ..
مضى شهران ورجله اليسرى مجصصة من الكاحل حتى اعلى الفخذ ..في احدى الليالي انهد عليهم وهم نائمون على السطح انفجار مرعب فركضوا نازلين , في تلك اللحظة لم يعلم بان قالب الجبس قد تصدع ,
ــ انه مكسور ولا بد من اعادة القالب
قال ذلك طبيب شاب في المستشفى العسكري وهو ينظر الى حمد بعيون شافقة .. لكنه وجد ردة فعل عيون الجندي المصاب اشد صمودا .
ظل يجلس كل صباح جوارها , ودلها ذات يوم على باب جامع فظلا يجلسان في ظله كل يوم حتى انتهاء صلاة الظهر , يجلسان صامتين او متهامسين وكل قد وضع عصاه جواره .ثم يفترقان ..
ــ ما رأيك بالزواج ام اشعل
ــ ستر للمرأة وحصانة للرجل .. الرجال لا يتمكن من لم نفسه بلا امرأة ..
ولم يكن يدرك بانها تحركت واصبحت تستقبل الصباح بنشاط وربما تقلبت في الفراش متأرقة في انتظار الصباح والجلوس المنعش قرب الجامع .. شعرت انها ليست وحيدة وان رجلا شهما يهتم بها .. واصبحت تشتري العطور والمحسنات وتسمتع في الحمام وان تكن بدلة الزفاف بعيدة عن خيالها ..لكنه ادرك انجذابها له وفرحها باحاديثه ..
وقادها ذات يوم الى منزله وتغدا معا .. وحدثها بروايات مشجعة عن الرجال والنساء ومكر النساء :
ـ ( تصوري كان زوجها شديدا معها , شكاكا قاسيا , بخيلا . وسخ اللسان )
قالت :
ــ الشك والبخل صفات خسيسة للرجل وربما تزهق الانثى ..
ــ فارادت ان تتحداه ـــ اكمل ابو جاري ــ, فابتكرت حيلة: (هل تقدر ان تظهر عجيزتك في المطر دون ان تتبلل .. قال <لا > وهو يضحك .. اجابته< انا استطيع> واضافت ( غدا في العاشرة صباحا سابرهن لك ساعة المطر ) .. وتراهنا .
في العاشرة اخرجت مؤخرتها المكشوفة من ثغرة في خص الصريفة اعدتها بنفسها .. وكان المطر غزيرا والرعد يزمجر .. وكان زوجها يتابعها بفضول .. في تلك اللحظة كان عشيقها جاهزا ... فغطى مؤخرتها بحضنه .. ورواها دون ان تتبلل باقصى سرعة ممكنة .. فلما سحبت نفسها داخل الصريفة لم تظهر عليها قطرة مطر ... فضحكت ام اشعل حتى دمعت عيناها وانحنت ضاحكة على الارض
ــ لعنك الله يا ابو جاري من اين تأتي بهذه الحكايا .. واكملت ضحكاتها .. فتجرأ الرجل وقد علم بان المرقة قد نضجت .. فاقترب منها وامسكها وتفحص ما يستطيع وهي تتمنع بدلال .. درس رقة جسدها وقياساته .. فقد حسب ارتواء الصدر والخصر الدقيق وامتلاء الارداف علامات على جسد حيوي يقاوم عنفوانه وعصبيته .
اشتد جنون الحرب بعد سنة من اصابته ... كان بعض الجنود في اجازاتهم يقتلون رواتبهم ويعيشون بلا امل .. والضباط في سياراتهم يتجولون بحثا عن القنص ايام اجازاتهم ..واهتزت بالفقد عوائل طالما تخمرت بالسكينة واسودت الملابس وامتلات الجدران بلافتات النعي وقال العسكري ابو زمن < اضحك فانه عمر وخلص بالفرهود .. ربما لا استمتع باجازة اخرى و ساعود بتابوت ملفوف بالعلم>.. وقالت بائعة هوى وهي تنزل من العجلة (هنيئا لها فزوجها شهيد .. تخلصت منه واستمتعت بنوط الشجاعة والسيارة والراتب .. ليس مثل حظي فهو كمسحوق غسيل على قلبي ).
لكن حمد لم يكن معتادا على الحبس وهذا الجبس والعكاز يضغطان على روحه .. كان يتشمس قرب الباب في ايام الشتاء النقية الدافئة واضعا رجله على كرسي امامه ساندا عكازه على الحائط وكانت جارته الصغيرة بعيونها الزرق قد بدات تنجذب اليه وترمي له علبة شخاط فيها رسالة ويبادلها ..بعد سنة تحسنت صحته وضاقت روحه واسودت فقال في نفسه (( انا املك شهية للطعام ورجلا لم تقطع وعينين فكيف من لا بصر له ؟.. سازور ابو جاري لاتفقده ولعلي اتزود بارادة من خلال لقائي به ..
قبل ذلك باسبوع وقعت حادثة اللمس فقد تعود شاب صغير بدين ان يستقر قربه حتى الظهر ثم يعاونه بادخال الكراسي الى الدار .. كان ابوه تاجر اسماك .. وفي مرة اتى له بكيس زاخر بالكرزات والمشويات وعلب صغيرة ملئت كل واحدة بجرعة ويسكي واحدة .. وازهرت الجلسة وامطرت السماء وهب نسيم بارد واذا بالشاب يقول مشيرا الى وسط حمد :(الا يتحرك ؟ الا يستحق الاستعمال ؟ ).. فانتبه حمد اليه وعرف مرامه واشمأز وغضب وقال له :<اخرج ولا تعد ولا تقترب مني بعد الان ) ..ولم يشفع له اعتذاره وهكذا افترقا للابد ..
في ضحى اليوم الثاني قصد ابو جاري فطرق وبان له فحياه .. وبعد ان استقر لدقائق .. ترخص ابو جاري : (ساعود في الحال >.. وغاب لحظات وعاد بقنينة شربت برتقالية .. (كيف كلفت نفسك يا حاج ؟)
ــ انه واجب الضيافة .. كان قد حفظ الغرفة والمنزل عن ظهر قلب وتخلى عن عصاه وكانت المراة التي تقاسمه المنزل امرأة حميراء مكتنزة وزوجها ابيض البشرة ..قد افتتحا محلا لهما داخل البيت ولان زوجها يقود سيارته فهم يتوفر في محلهم من الاغذية ومن السلع الاخرى كل شيء.. وهما غالبا ما يتشاجران .. وفي مرة احتدم الشجار حتى احرق المنزل ..وتجمهر الناس , كان يلعن ويشتم ويهدد كل من يحاول ان يقترب لاخماد النار..كان الدخان يتصاعد والمرأة يعلو صراخها من الداخل والناس في ذهول وتوتر .. وكان بيت ابو برهان ــ وهو احد الشقاة المعدودين في شبابه ـ لصيق منزلهم .. فظل يرقب المشهد مدة ربع ساعة يحدق فيه مرة وفي الجمهور مرة اخرى .. وبعد ربع ساعة هاجمه كالذئب وتحكم بيديه على ظهره وامر الناس بالدخول واخماد النيران .
قلب حمد عينيه في غرفة من الطابوق غير ملبوخة يصبغ حيطانها الدخان والسخام وقد تبعثرت ادوات المطبخ المظلمة والسلع الاخرى باعلى فوضى رآها ..وكانت على الجدران رفوف ازدحمت بعلب صغيرة من الزجاج والصفيح ينحني بعض على بعض ويساند شيء شيئا اخر .. الفئران تعبث.. البسط فرشت بميلان , ثمت اكياس مبعثرة تنتشر ..وتساءل في نفسه <كيف يهتدي لاشيائه .. لابد ان نظاما تحتفظ به الذاكرة يعينه .. نظاما لا يعرفه المبصرون ؟>.. فقد انطبع في مخه بانها غرفة فوضى ومزبلة مصغرة ..
وتناول منه كأس العصير وحياه ثانية .. فساله حمد ان يحدثه بقصص موروثة او واقعية لان نفسه زاهقة ..
ضحك ابو ناجي مظهرا فما بلا اسنان وبقايا لحية غير مرتبة وحدث رافعا راسا مسبحا بمسبحة بلون العقيق كبيرة الخرز ..
ــ (اسمع حمد يا ولدي الطيب , انت من عائلة تعرف الاصول والكرم ).. ونفث دخانا ثقيلا من سيجارة بفمه ... وتابع
ــ كان لنا جار صاحب دكان .. عشق بنت جاره .. ونسفت كل ماله حتى كاد يعلن الافلاس دون ان ينال شيئا منها .. فاتانا في احد الايام كئيبا يائسا .. وقص حكايته وطلب المشورة .. فقلنا له هناك حل وحيد ..( ان اتتك اغلق عليها الباب ونم معها وما تبقى نحن نتكفل الامر .. )
وقطع حديثه صوت نحيل .. ودخلت زوجته ام اشعل تتقدمها عصاها وطاسة فافون في يدها اليسرى وقد امسكت كيسا بيدها اليمنى .. امراة بيضاء ناضجة الجسد تخفض راسها .. في عباءة بقعتها الحفر وصبغتها الشمس ..
ــ اللله يساعدك
ــ اهلا بك ابو جاري .. كيف انت يا حاج
ــ لدينا خطار انه ولدنا حمد حدثتك عن طيب وكرم عائلته انهم الجار الاقدم قبل ان ننتقل لهذا الحي
ــ اهلا وسهلا .. هل قدمت له الغداء
ــ لا .. كنت انتظرك
فرحب بها حمد واعتذر عن تناول الزاد ... فرمت عصاها وتحركت في الغرفة وقد حفظت اجزاءها مثله ..وتخلت عن عباءتها ..فظهر شعر تخطى حجابها, اسود كثيفا لم تعكره الايام ولا فقدان البصر ..
وقال حمد اكمل يا ابو ناجي فقال : (اختفى الرجل ثلاثة ايام فقصدناه في زيارة فرحب بنا وادخلنا منزله .. وسالناه عن الحال .. فاجاب يغمره الفرح : (اعد الشاي لكم ثم احدث )...ومضى شبه راقص منتشيا في غاية السرور .. وعاد باقداح الشاي وجلس جوارنا ..
ــ في اليوم الثاني من مغادرتي لكم اتت تتبضع .. اخبرتها اني هيأت لها هدية وعليها ان تصل منزلي ظهرا ... فاتت...
صمت بعدها وكنا متلهفين لمعرفة القضية ..وقدم لنا السجائر واضاف <لن اقول لكم ما حدث بل ساسبق قولي بالشعر ... وترنم :
ــ( ما اشوف مثل الوكت فتان فاتنا
وبنايباتة لعد الروح فاتنا
تميت انا مدة الايام الهم صبر
سأليت اهل العلم كالولي الهم صبر
كلت الصبر وين .. والايام فاتنا )
وقد اتت بالدقيقة نفسها فاغلقت عليها الباب .. وتحرشت فتمنعت ...فحصرتها بين اكياس الطحين وتزوجتها .. ههههه...بعد ساعتين اتت لي بصرة الذهب وقالت لا يلحمه شيء هاك خذ وتعال لتخطبني ...
فصاحت ام اشعل وهي تقلي السمك في طاوة مثل القار :
ــ ههه أي هاي قصصك التي خدعتني بها حتى تزوجتني .. هل تتذكر حين كنت تاتي لي بالهدايا والعطور صباحا قرب الجامع .. ثم استدعيتني هنا ولولا التهديد لكنت التهمتني ..
فقال ابو جاري :
اتركها انها اصبحت في الجيب واستمع لبقية القصة
فاجابته ملاطفة
ــ عسى عقربا بجيبك فاخلص منك ...
واكمل ..
ــ (وذهبنا في اليوم التالي وكانت قد اخبرت امها بالحادث وانها لم تعد باكرا .. فلما اتى المساء اعدت الام زادا شهيا لزوجها وحدثته :
(جارنا على خلق ومن عائلة شريفة ...)
وهكذا تتوجنا بالعقل وتلفعنا بالعباءات الوبر وخطبناها له .وتم الزواج .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من مجموعة(مشاريع الرجل العجوز )
كاظم حسن سعيد
هكذا حصل على غرفة تأويه بعد انتقاله الى الحي الجديد في مرحلة منحت السلطة البيوت مجانا للمستأجرين واصحاب العشوائيات .. بمرور الايام توسط البيت بينهما جدار خشب.. وتحول البيت المشيد من غرفتين من الطابوق والمقام على تسعين مترا مربعا الى بيتين مع باب مشترك .
ظل هذا الرجل المكنى ابو جاري انسانا خاملا يعتاش على المحسنين .. لم يمد يدا في سوق ولم يطرق بابا ليستجدي ..لعله من اسرة تعودت الكبرياء رغم الفقر والجوع ..حتى حصل على مبلغ من جهة مجهولة في اواخر عمره ..هنا انقلب على جموده الذي ترسخ عبر عقود يسانده اليأس والايمان بالقدر ..فبدأت تتدفق المشاريع بذهنه ..فكر اولا بشراء باص خشبي على ان يودعه لدى سائق ثقة .. لكن فكرة الزواج كانت الابرز .. والاشد اشعاعا في وجدانه وخياله .. زواج لرجل اعمى تجاوز الخامسة و الستين لا بد ان تكون فكرة طريفة .. لكنه يملك الرد .. سيختار شحاذة عمياء مثله ..تخيل كيف سيجني الارباح منها وهي تعود من الطرقات والاسواق وطرق الابواب محملة بالنقود وربما بالوان من الزاد وغيرها مما يجود به الكرماء في عباءة سوداء مشققة احالتها الشمس .. وما لا يصرح به هي تلك المتعة معها وهما يشتركان بلحاف واحد في وحشة الشتاء وقسوة البرد .. لحم على لحم , حلالا ولذة .
كان يزور عائلة ابو حمد ثلاث مرات في الاسبوع , يتناول الغداء ويمطق لقدح الشاي ويمضي بطوله البارز ونحوله ,ضاربا العصا ضربتين مع كل خطوة حذرا من العثرات منخفض الرأس..
الحرب قد اندلعت وهو رجل ملك بعضا من النقود فصدعهم بافكاره عن مشاريعه :
ــ اقول ما رأيكم افتح دكانا واستعمل عاملا يديره ؟
ــ الافضل ان تشتري باخرة .. قال ذلك ابو حمد فشهقت العائلة بالضحك .. كان ابو حمد يضيق بوجوده .. ومن زياراته الثقيلة الا ان زوجته الطيبة لا توافقه الرأي فقد نشأت في جو رحمة وانسانية وتعاطف .
لكن تلك المشاريع ليست جادة تماما فقد كان وجدانه مركزا على الاقتران ..كان يبحث في سوق البصرة والخضارة وام البروم عن مسكينة شحاذة تناسبه ,فهو يطلبها شريفة وفيها روح , تتحمل في الفراش عنف جسده , والا فربما يفصم ظهرها او تزهق تحته .. فما تزال يداه السمراوتان تتمتع بقوة الحجر رغم العمر , كان يتجول في الاسواق حتى اذا سمع امراة تصوت (يا اللله .. صاحبة ايتام .. على حب الحسين ...) يقترب منها ويجلس جوارها وهو يسعل ويبادرها (صبحك .. مساك الله بالخير ).. ويجري الحوار بهمس فان تأكد حقا بان لها بصرا او اطفالا يبتعد عنها ..مضت اشهر من البحث والتجوال حتى صادف ام اشعل وهي امراة بيضاء في الاربعين .. تسكن وحيدة في احد الارياف ..في صريفة لا تعصم من برد ولا مطر تربي الدجاج والقطط ولها كلب لا يستكين ..مات زوجها وقضى نجلها في حرب الشمال فبكت دما حتى ودعت بصرها ..نشطت ذاكرة ابو جاري واستعادت روحه الحكايا عن النساء , المحرجة منها خاصة , واغرقها بشعر غزل في اللهجة الدارجة ..كلاهما تحركت روحه بعد تكلس ..كان ابو جاري يفكر كيف يمرر اصابعه على جسدها ليتأكد من حيويته , فهو رجل صاحب مال , والنساء يعبدن المال , وربما عشرات من يتمنين الاقتران به .. وهو يملك دارا ,وما تزال صحته دافقة ..وليس عليه ان يستعجل فهو لا يرغب بامرأة جامدة ..في شبابه شققت ثلاثة نساء جيوبهن تحت جسده البركاني ..يريدها امرأة تصمد....
تقدمت الناقلات البرمائية وعبرت نهر الكارون، الذي يقع في منطقة الأهواز في إيران و ينبع من (زردكوه) الواقعة في جبال (زاغروس)، ويبلغ طوله حوالي 950 كيلو متراً , أن طبوغرافية هذه المنطقة معقدة جداً لا تصلح لعمل القطعات المدرعة والآلية لأن المياه الجوفية عالية جداً ، لكن المساحة التي إنتشرت فيها القوة العراقية بعد عملية العبور لا تسمح بالإنفتاح الواسع ومُحاطة بالمياه من جميع الإتجاهات , جنوبا منطقة (هورالشدكان ) المغمور بالمياه وغربا ترعة بهمشير و نهر الكارون شمالا , وأصبحت القطعات هدفاً دسماً للمدفعية الإيرانية.
لكن حمد استقر ضمن الاعاشة والمطبخ في منطقة الشلامجة بمحاذاة نهر صغير ..كانت الاغذية المجففة تتبعثر بارتفاع متر وعلى مساحة واسعة تحت سعف النخيل .. فيما تقدم فوجه الكمندوز المظلي منقولا بالبرمائيات وعبر الكارون .. يتذكر انهم يصرخون ساعة التدريب (بر .. بحر .. جو ) او يرددون في اول الفجر في ساحة العرضات:
( جر المدفع فدائي
ابدا ما يهاب الغارة
طير علينا صهيون
اكثر من مية طيارة )..
استقر هناك يكرع الخمر ليلا ويصطاد بالصنارة في النهار ..
لكنهم يهجمون الان ولا صهيون ولا هم يحزنون ..شعوب تشتري الذخيرة لتقاتل ابناءها او يبتكرون اعداء ليقاتلوا ..
بعد عصر احد الايام ركب الايفا مزودة بالمؤونة وعبر الكارون ليغذي فوجه .. كان القصف على طول الطريق والظلمة مهيمنة .. وكان يمسك بقضبان العجلة المثبتة افقيا بسقفها كي لا يهوي الى الارض في العثرات العميقة .. ووصل بعد ساعتين .. ثم برقت المتفجرات وكان في احدى العجلات, فاحس بالارض تمور وان رعدا وحشيا يتفجر وصرخ من اصيب فرمى نفسه الى الارض وشعر بان بللا في جوربيه فعلم بانه اصيب فتم نقله مع اربعة جنود الى اقرب موقع طبي ..
مضى شهران ورجله اليسرى مجصصة من الكاحل حتى اعلى الفخذ ..في احدى الليالي انهد عليهم وهم نائمون على السطح انفجار مرعب فركضوا نازلين , في تلك اللحظة لم يعلم بان قالب الجبس قد تصدع ,
ــ انه مكسور ولا بد من اعادة القالب
قال ذلك طبيب شاب في المستشفى العسكري وهو ينظر الى حمد بعيون شافقة .. لكنه وجد ردة فعل عيون الجندي المصاب اشد صمودا .
ظل يجلس كل صباح جوارها , ودلها ذات يوم على باب جامع فظلا يجلسان في ظله كل يوم حتى انتهاء صلاة الظهر , يجلسان صامتين او متهامسين وكل قد وضع عصاه جواره .ثم يفترقان ..
ــ ما رأيك بالزواج ام اشعل
ــ ستر للمرأة وحصانة للرجل .. الرجال لا يتمكن من لم نفسه بلا امرأة ..
ولم يكن يدرك بانها تحركت واصبحت تستقبل الصباح بنشاط وربما تقلبت في الفراش متأرقة في انتظار الصباح والجلوس المنعش قرب الجامع .. شعرت انها ليست وحيدة وان رجلا شهما يهتم بها .. واصبحت تشتري العطور والمحسنات وتسمتع في الحمام وان تكن بدلة الزفاف بعيدة عن خيالها ..لكنه ادرك انجذابها له وفرحها باحاديثه ..
وقادها ذات يوم الى منزله وتغدا معا .. وحدثها بروايات مشجعة عن الرجال والنساء ومكر النساء :
ـ ( تصوري كان زوجها شديدا معها , شكاكا قاسيا , بخيلا . وسخ اللسان )
قالت :
ــ الشك والبخل صفات خسيسة للرجل وربما تزهق الانثى ..
ــ فارادت ان تتحداه ـــ اكمل ابو جاري ــ, فابتكرت حيلة: (هل تقدر ان تظهر عجيزتك في المطر دون ان تتبلل .. قال <لا > وهو يضحك .. اجابته< انا استطيع> واضافت ( غدا في العاشرة صباحا سابرهن لك ساعة المطر ) .. وتراهنا .
في العاشرة اخرجت مؤخرتها المكشوفة من ثغرة في خص الصريفة اعدتها بنفسها .. وكان المطر غزيرا والرعد يزمجر .. وكان زوجها يتابعها بفضول .. في تلك اللحظة كان عشيقها جاهزا ... فغطى مؤخرتها بحضنه .. ورواها دون ان تتبلل باقصى سرعة ممكنة .. فلما سحبت نفسها داخل الصريفة لم تظهر عليها قطرة مطر ... فضحكت ام اشعل حتى دمعت عيناها وانحنت ضاحكة على الارض
ــ لعنك الله يا ابو جاري من اين تأتي بهذه الحكايا .. واكملت ضحكاتها .. فتجرأ الرجل وقد علم بان المرقة قد نضجت .. فاقترب منها وامسكها وتفحص ما يستطيع وهي تتمنع بدلال .. درس رقة جسدها وقياساته .. فقد حسب ارتواء الصدر والخصر الدقيق وامتلاء الارداف علامات على جسد حيوي يقاوم عنفوانه وعصبيته .
اشتد جنون الحرب بعد سنة من اصابته ... كان بعض الجنود في اجازاتهم يقتلون رواتبهم ويعيشون بلا امل .. والضباط في سياراتهم يتجولون بحثا عن القنص ايام اجازاتهم ..واهتزت بالفقد عوائل طالما تخمرت بالسكينة واسودت الملابس وامتلات الجدران بلافتات النعي وقال العسكري ابو زمن < اضحك فانه عمر وخلص بالفرهود .. ربما لا استمتع باجازة اخرى و ساعود بتابوت ملفوف بالعلم>.. وقالت بائعة هوى وهي تنزل من العجلة (هنيئا لها فزوجها شهيد .. تخلصت منه واستمتعت بنوط الشجاعة والسيارة والراتب .. ليس مثل حظي فهو كمسحوق غسيل على قلبي ).
لكن حمد لم يكن معتادا على الحبس وهذا الجبس والعكاز يضغطان على روحه .. كان يتشمس قرب الباب في ايام الشتاء النقية الدافئة واضعا رجله على كرسي امامه ساندا عكازه على الحائط وكانت جارته الصغيرة بعيونها الزرق قد بدات تنجذب اليه وترمي له علبة شخاط فيها رسالة ويبادلها ..بعد سنة تحسنت صحته وضاقت روحه واسودت فقال في نفسه (( انا املك شهية للطعام ورجلا لم تقطع وعينين فكيف من لا بصر له ؟.. سازور ابو جاري لاتفقده ولعلي اتزود بارادة من خلال لقائي به ..
قبل ذلك باسبوع وقعت حادثة اللمس فقد تعود شاب صغير بدين ان يستقر قربه حتى الظهر ثم يعاونه بادخال الكراسي الى الدار .. كان ابوه تاجر اسماك .. وفي مرة اتى له بكيس زاخر بالكرزات والمشويات وعلب صغيرة ملئت كل واحدة بجرعة ويسكي واحدة .. وازهرت الجلسة وامطرت السماء وهب نسيم بارد واذا بالشاب يقول مشيرا الى وسط حمد :(الا يتحرك ؟ الا يستحق الاستعمال ؟ ).. فانتبه حمد اليه وعرف مرامه واشمأز وغضب وقال له :<اخرج ولا تعد ولا تقترب مني بعد الان ) ..ولم يشفع له اعتذاره وهكذا افترقا للابد ..
في ضحى اليوم الثاني قصد ابو جاري فطرق وبان له فحياه .. وبعد ان استقر لدقائق .. ترخص ابو جاري : (ساعود في الحال >.. وغاب لحظات وعاد بقنينة شربت برتقالية .. (كيف كلفت نفسك يا حاج ؟)
ــ انه واجب الضيافة .. كان قد حفظ الغرفة والمنزل عن ظهر قلب وتخلى عن عصاه وكانت المراة التي تقاسمه المنزل امرأة حميراء مكتنزة وزوجها ابيض البشرة ..قد افتتحا محلا لهما داخل البيت ولان زوجها يقود سيارته فهم يتوفر في محلهم من الاغذية ومن السلع الاخرى كل شيء.. وهما غالبا ما يتشاجران .. وفي مرة احتدم الشجار حتى احرق المنزل ..وتجمهر الناس , كان يلعن ويشتم ويهدد كل من يحاول ان يقترب لاخماد النار..كان الدخان يتصاعد والمرأة يعلو صراخها من الداخل والناس في ذهول وتوتر .. وكان بيت ابو برهان ــ وهو احد الشقاة المعدودين في شبابه ـ لصيق منزلهم .. فظل يرقب المشهد مدة ربع ساعة يحدق فيه مرة وفي الجمهور مرة اخرى .. وبعد ربع ساعة هاجمه كالذئب وتحكم بيديه على ظهره وامر الناس بالدخول واخماد النيران .
قلب حمد عينيه في غرفة من الطابوق غير ملبوخة يصبغ حيطانها الدخان والسخام وقد تبعثرت ادوات المطبخ المظلمة والسلع الاخرى باعلى فوضى رآها ..وكانت على الجدران رفوف ازدحمت بعلب صغيرة من الزجاج والصفيح ينحني بعض على بعض ويساند شيء شيئا اخر .. الفئران تعبث.. البسط فرشت بميلان , ثمت اكياس مبعثرة تنتشر ..وتساءل في نفسه <كيف يهتدي لاشيائه .. لابد ان نظاما تحتفظ به الذاكرة يعينه .. نظاما لا يعرفه المبصرون ؟>.. فقد انطبع في مخه بانها غرفة فوضى ومزبلة مصغرة ..
وتناول منه كأس العصير وحياه ثانية .. فساله حمد ان يحدثه بقصص موروثة او واقعية لان نفسه زاهقة ..
ضحك ابو ناجي مظهرا فما بلا اسنان وبقايا لحية غير مرتبة وحدث رافعا راسا مسبحا بمسبحة بلون العقيق كبيرة الخرز ..
ــ (اسمع حمد يا ولدي الطيب , انت من عائلة تعرف الاصول والكرم ).. ونفث دخانا ثقيلا من سيجارة بفمه ... وتابع
ــ كان لنا جار صاحب دكان .. عشق بنت جاره .. ونسفت كل ماله حتى كاد يعلن الافلاس دون ان ينال شيئا منها .. فاتانا في احد الايام كئيبا يائسا .. وقص حكايته وطلب المشورة .. فقلنا له هناك حل وحيد ..( ان اتتك اغلق عليها الباب ونم معها وما تبقى نحن نتكفل الامر .. )
وقطع حديثه صوت نحيل .. ودخلت زوجته ام اشعل تتقدمها عصاها وطاسة فافون في يدها اليسرى وقد امسكت كيسا بيدها اليمنى .. امراة بيضاء ناضجة الجسد تخفض راسها .. في عباءة بقعتها الحفر وصبغتها الشمس ..
ــ اللله يساعدك
ــ اهلا بك ابو جاري .. كيف انت يا حاج
ــ لدينا خطار انه ولدنا حمد حدثتك عن طيب وكرم عائلته انهم الجار الاقدم قبل ان ننتقل لهذا الحي
ــ اهلا وسهلا .. هل قدمت له الغداء
ــ لا .. كنت انتظرك
فرحب بها حمد واعتذر عن تناول الزاد ... فرمت عصاها وتحركت في الغرفة وقد حفظت اجزاءها مثله ..وتخلت عن عباءتها ..فظهر شعر تخطى حجابها, اسود كثيفا لم تعكره الايام ولا فقدان البصر ..
وقال حمد اكمل يا ابو ناجي فقال : (اختفى الرجل ثلاثة ايام فقصدناه في زيارة فرحب بنا وادخلنا منزله .. وسالناه عن الحال .. فاجاب يغمره الفرح : (اعد الشاي لكم ثم احدث )...ومضى شبه راقص منتشيا في غاية السرور .. وعاد باقداح الشاي وجلس جوارنا ..
ــ في اليوم الثاني من مغادرتي لكم اتت تتبضع .. اخبرتها اني هيأت لها هدية وعليها ان تصل منزلي ظهرا ... فاتت...
صمت بعدها وكنا متلهفين لمعرفة القضية ..وقدم لنا السجائر واضاف <لن اقول لكم ما حدث بل ساسبق قولي بالشعر ... وترنم :
ــ( ما اشوف مثل الوكت فتان فاتنا
وبنايباتة لعد الروح فاتنا
تميت انا مدة الايام الهم صبر
سأليت اهل العلم كالولي الهم صبر
كلت الصبر وين .. والايام فاتنا )
وقد اتت بالدقيقة نفسها فاغلقت عليها الباب .. وتحرشت فتمنعت ...فحصرتها بين اكياس الطحين وتزوجتها .. ههههه...بعد ساعتين اتت لي بصرة الذهب وقالت لا يلحمه شيء هاك خذ وتعال لتخطبني ...
فصاحت ام اشعل وهي تقلي السمك في طاوة مثل القار :
ــ ههه أي هاي قصصك التي خدعتني بها حتى تزوجتني .. هل تتذكر حين كنت تاتي لي بالهدايا والعطور صباحا قرب الجامع .. ثم استدعيتني هنا ولولا التهديد لكنت التهمتني ..
فقال ابو جاري :
اتركها انها اصبحت في الجيب واستمع لبقية القصة
فاجابته ملاطفة
ــ عسى عقربا بجيبك فاخلص منك ...
واكمل ..
ــ (وذهبنا في اليوم التالي وكانت قد اخبرت امها بالحادث وانها لم تعد باكرا .. فلما اتى المساء اعدت الام زادا شهيا لزوجها وحدثته :
(جارنا على خلق ومن عائلة شريفة ...)
وهكذا تتوجنا بالعقل وتلفعنا بالعباءات الوبر وخطبناها له .وتم الزواج .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من مجموعة(مشاريع الرجل العجوز )
كاظم حسن سعيد