ثناء درويش - استواء

يوماً.. حينَ تعودُ إلى كوخِنا الصغيرِ
الذي بنيناهُ معاً من أعوادِ القصبِ على خطّ الاستواء
بين أعشابِ السافانا والنباتاتِ دائمةِ الاخضرار
هناك.. حيثُ الفصولُ الأربعةُ في يومٍ واحدٍ
الشمسُ العموديةُ والمطرُ دائمُ الانهمار
يوماً.. حينَ تعودُ ولا تجدني
ستنادي عليّ طويلاً
وسيردُّ صدى صوتِكَ حزيناً
لينبئَكَ بأنّك قدْ صرتَ وحدك
وأنّ هذه الجنّةَ لن تعنيَ شيئاً بدونِ أن نكونَ معاً

"على خطِّ الاستواءِ
كما بقلبي
أربعُ فصولٍ بيوم"

سأكونُ قد ابتعدتُ نحوَ المدارِ باتجاهِ القطبِ
لأتجمّدَ هناكَ وحيدةً بانتظارِ بدءٍ جديد
ستبحثُ عنّي في الأدغالِ وبين قطعانِ الأيلِ
ستدخلُ الجحورَ متخيّلاً أنّي استحلتُ لأرنبٍ بريّ
وتباعدُ بين تشكيلاتِ الغيمِ
علّ وجهي قد توارى خلفها
وتوقظُ وردةً غافيةً
مخمّناً وجودي في قلبِ بتلاتها المطبقة
وتبكي لهفةً على ما ضيّعتَ من نعيمِ الانسجام
لكنّها وللأسف
هي لهفةُ ما بعدَ الأوان

"هذا الصباحُ أيضاً
تقرأُ كتابَ الغيمِ
ماذا ينبيكَ عنّي؟!"

يوماً.. حينَ تعودُ لكوخنا الصغير
وتكتشفُ أنّي أخذتُ معي رسائلي الزرقاء
وأشعارَ طاغور
التي كنّا نقرأها معاً قبل أن ننامَ
على فراشٍ من العشبِ الأخضر
وقبلةً طبعتها كالوشمِ فوق جبيني يومَ عرفتك
ولم أتركْ لكَ إلا الذكرياتِ الباهتة
التي قايضتَ بها قلباً حيّاً كان معك
وأنت تبحثُ عن مكانٍ أكثرَ دفئاً
من قلبي وخطِّ الاستواء

"في محاولاتٍ عابثةٍ
تحنّط ذكرياتِك
هيهاتَ تُبعثُ حيّة"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى