ليلى جمل الليل - صدمة..

تركض بخفة ريشة… تدوس على حشائش السافانا الكثيفة، تنشر شذى عطر الورد التي كانت تصنعه ببراعة، وذاع صيتها به، تتلفت خائفة من المباغتة، هو خلفها يقتفي الرائحة …لم تراه كان يواري ظله وراء الشجر…غير أنه عجز من إخفاء وقع حافر حصانه الذي سابقه اللهفة في لقائها، وكيف لا يشتاق وهو الذي ترعرع على أيديها تطعمه وتلهو معه في إسطبل مع والدها الطيب، تذكرت كيف إجتروه ولم تعفو عنه طيبته وحُسن خلقه، لم يرحموا وَهَن جسده ولا ابيضاض عينيه، أقتادو الكهل العليل لينفذوا حكم متسرع لقاضٍ متآمر يمحو حياتين بقرار جائر، فتلبيس تهمة دينية أمر يسير لا يتجاوز دس كتب وأوراق، لا شيء أسهل من تحريف فكر أو تدنيس معتقد، ليهجم العميان بعد خطبةٍ مؤثرةٍ مقتحمين باب منزل الشيخ البريء بغضب غير مكترثين لحرمة البيوت، حين صرخت ابنته تستنجد، لم يكن بجوارها خطيبها، وما عساه أن يفعل فوالداه من أشعلا فتيل الفتنة حقدًا عليها وكرهًا أن تصبح ابنة عامل الإسطبل كنةٍ لهم، رغم أن والدها من علم أغلب فتيان القرية القراءة في كتاتيب المسجد، ليرشقوه بتهمة الهرطقة.. ويتكالبوا على شرف اِبنته... واصلت الركض سيلًا من الدمع يتدفق، حتى أحست به توجست زادت تهرول سبقها، أوقفها تعاتبه لا ينطق طقطق برأسه، وهي تشدُ على عروة القميص تصرخ من هول ما حدث حتى أُغشي عليها... ما أن فتحت عينيها إلا لمحت ظل يتوارى منها باستحياء، لم ترغب بمناداته... أرادت أن تستجمع نفسها تلفتت... لم تعرف المكان لا ينتمي لبنايات قريتهم... هدأت حاولت النهوض لتكمل هروبها لبلاد أخولها، بلا عدة ولا عتاد... محملة بصدمات... ما أن همت بفتح الباب همت يده توقفها... رأته بكت بادرها ببكاء أيضًا علا صوت الجهيش على صدره.. ثم لمت نفسها… بسببك أنظر ما ذا حل بي.. ويحي...؟؟.. حبك لم يجلب لي إلا نقمة ليت أبي رفض خطبتك... وأبتاه... عاودها الألم بحرقة،لكنه مسح دموعها، لا تقلقي أصدقائي سيقومون بالواجب لا بد أنهم أنقذوه لن ينفذ القاضي قرار الإعدام، بهذه السرعة، ثقي بي وإهدائي وطمئني أُخبئك، حتى نجد مهربًا آمن لنا جميعًا، سامحيني.. كان يجب على التريثط، القاضي أحمق ووالداي ساخطان علي لكني أعدك سنتزوج بعد النجاة من هذه المحنة، أَخبرتَه إنها الآن لن تصدق تلك الوعود الواهنة، إلا إذا جلب والدها قبل الفجر، وإلا لن يرها البتة، خرج يقتفي مخرج آمن، وهي تراقب طلوع الغسق لعله يفي بالوعد، غلبها الإجهاد صحت على صوت غنچ ويد تشد على ساعدها، أنهضي يا حلوة مضى على مكوثكِ ثلاث لَيَالٍ هنا، بيتي ليس ملجئٔ هذا بيت بائعة هوى عليك أن تعملي لتأكلي... أحترم الفارس الذي أحضرك لكن الأدب لا يطعم خبزًا !، فاتت مدة اِستضافتك... لذا ستقررين إما البقاء والطاعة أو أُخرجي الساعة... بجزعًا شديدًا أفلتت يدها وتوجهت صوب الباب فتحته وهي ترتعش... ماذا حل بي ياﷲ.!!.هنالك اصطدمت بجسد ِارتمت أرضًا... صحت على جرس المنبه... بلعت ريقها بصعوبة مشطت المكان تتأكد أنه بيتها وفي القرن العشرين، ركضت لغرفة والدها تقبله بحرارة... الحمد لله أبي.. أبي.. لكن جسده كان باردًا ولم يُحرك ساكنًا…

تمت.

ليلى جمل الليل
اليمن

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى