حب مضحك. لقد قدمت لها زهوراً. فنظرت إليها لمدة طويلة وكأنها لا تصدق، ولكن بسخط غامض. لقد انتهى كل شيء. تلك اللحظة التي كانت مكثفة جداً في عقلي، تحللت، ثم تبخرت، ثم تبددت.
كان الفجر رمادياً كعادته منذ مليارات السنين. ربما أقل من ذلك أو أكثر، لست متأكداً. وكان طعم القهوة محيقاً. طعم القهوة أساء لمزاجي الصباحي. لذلك أشعلت سجارة وأطفأتها داخل الكوب وكأنني أقتل القهوة.
أغنية ستصنع يومي، مقدمتها رائعة، لكنها تتخذ لنفسها مساراً مختلفاً فجأة، تنعطف بلحن مضطرب.
سأبحث عن أشياء أخرى.
الزهور والقهوة والأغاني.
ربما قطع رأس إنسان بعدها. وهذا ما لا يمكنني تحمله.
تمتد يدي نحو الكتب وتتراجع، تذكرت أن عليَّ عملاً لم أنجزه منذ أشهر. ولكنه سيقتص من سعادة أبحث عنها يوم عطلتي.
ماذا سيكتبون في هذه الأوراق؟
معلومات عن الطبيعة أو ما اخترعه الإنسان ضمن كونه كائنا تشاركيا بعقود إذعان.
عقد الإذعان لا سبيل للتفاوض حوله، وعندما أتذكر الحكومات القمعية، أعطس، والزكام يحشو أنفي ووجنتي وقلب جمجمتي بالكائنات الشقية الصاخبة والضاحكة.
حب مضحك جداً.
لقد خرجت منها ضحكة تهكمية ضعيفة ثم دارت على عقبيها ومضت.
"زهور؟"
"هل أنت رجل حقاً؟!"
- أنا فراشة.
أفرد أجنحتي التافهة النحيلة والواهية وأطير. أجنحة تبرز من جانبي رأسي، ثم ترفرف.
عليك أن تخرج. الساعة السادسة إلا الربع صباحاً.
ولكن هنا العالم ميت في هذا الوقت. العالم الواقعي، والعالم الافتراضي ليس سوى رسائل لاختراقات قراصنة لا عمل لهم سوى انجاز مهام سخيفة.
والمكيف يضخ برودة أكثر من اللازم، وتتحرك الحشرات من تحتي. الحشرات التي تأكل جلدي الحلواني اللزج.
والنهاية؟
ما النهاية؟
أتكور على نفسي، محاولاً تدفئة بطني حتى لا أصاب بآلام المعدة. والناس يخفون قذارتهم تحت ملابسهم الجميلة. السادسة إلا ثمان دقائق.
منذ الطفولة، يتحرك البشر في السادسة صباحاً إلى المدارس والعمل كالحشرات التي تحتي. ينتشرون ويبدأون ممارسة حياة بلا طعم. حياة كعقد إذعان أزلي حيث لا تفاوض مع القدر. وتصبح السعادة خرافة.
ولكن..
ولكن حتى لو تمدَّدَت إلى جانبي ومارسنا الحب، فإن المسألة تتحول إلى قضية أخرى. قضية قابلية للعطاء. إن العطاء مرهق جداً، وكذلك التلقي. الزهور لا تعني الكثير. ولا شيء غيرها يعني الكثير. إن الذات هي القمة. القمة التي تظل تستأصل الديدان الملتصقة بها من الآخر والوجود وتلقي بها بعيداً.
الحسودون، الحسودون هم من يسرقون زمنك باستمرار. وزمنك هذا لا يحمل أي إضافات حقيقية لجوهرك. إن جوهرك منذ الطفولة هو هو. غير أن النمو يتصل بالشراكات الطويلة والقصيرة والعابرة، في النهاية تصبح كلها عابرة.
ويبدو أن باقة الزهور ذات الرحيق قد أوضحت لها ذلك.
لم تكن وروداً ذات عطن. بل زهوراً ذات عطر. وهذا فارق كبير. كسيارة بلا محرك. هذا فارق مخيف. تغلغل في أعماقها. فضحِكت ضحكة متهكمة سريعة، في الواقع، لقد أمالت شفتيها قليلاً إلى اليمين، ثم أصدرت طرقعتين من الهواء الخارج من صدرها ثم أضراس فكها الأيمن، ثم دارت على عقبيها كجندي في طابور التمام وحركت ساقها اليمني نحو الأمام، تلتها اليسرى فاليمنى وهكذا في خط مستقيم.
وفي خيالي، زرعت الزهور على جوانب باب منزل الأحلام. على أصيصين طوليين ومتوازين ومدهونين بلون زيتي يميل إلى الصفرة الشاحبة.
تتجمع الغيوم باستمرار في ذاكرتي. تختفي النجوم، وتبدأ الشمس في السطوع بروية. تخفت إيقاعات الموسيقى، ثم تزحف الكائنات في مساراتها المحددة سلفاً بيد الخوف في عقود الإذعان.
(تمت)
كان الفجر رمادياً كعادته منذ مليارات السنين. ربما أقل من ذلك أو أكثر، لست متأكداً. وكان طعم القهوة محيقاً. طعم القهوة أساء لمزاجي الصباحي. لذلك أشعلت سجارة وأطفأتها داخل الكوب وكأنني أقتل القهوة.
أغنية ستصنع يومي، مقدمتها رائعة، لكنها تتخذ لنفسها مساراً مختلفاً فجأة، تنعطف بلحن مضطرب.
سأبحث عن أشياء أخرى.
الزهور والقهوة والأغاني.
ربما قطع رأس إنسان بعدها. وهذا ما لا يمكنني تحمله.
تمتد يدي نحو الكتب وتتراجع، تذكرت أن عليَّ عملاً لم أنجزه منذ أشهر. ولكنه سيقتص من سعادة أبحث عنها يوم عطلتي.
ماذا سيكتبون في هذه الأوراق؟
معلومات عن الطبيعة أو ما اخترعه الإنسان ضمن كونه كائنا تشاركيا بعقود إذعان.
عقد الإذعان لا سبيل للتفاوض حوله، وعندما أتذكر الحكومات القمعية، أعطس، والزكام يحشو أنفي ووجنتي وقلب جمجمتي بالكائنات الشقية الصاخبة والضاحكة.
حب مضحك جداً.
لقد خرجت منها ضحكة تهكمية ضعيفة ثم دارت على عقبيها ومضت.
"زهور؟"
"هل أنت رجل حقاً؟!"
- أنا فراشة.
أفرد أجنحتي التافهة النحيلة والواهية وأطير. أجنحة تبرز من جانبي رأسي، ثم ترفرف.
عليك أن تخرج. الساعة السادسة إلا الربع صباحاً.
ولكن هنا العالم ميت في هذا الوقت. العالم الواقعي، والعالم الافتراضي ليس سوى رسائل لاختراقات قراصنة لا عمل لهم سوى انجاز مهام سخيفة.
والمكيف يضخ برودة أكثر من اللازم، وتتحرك الحشرات من تحتي. الحشرات التي تأكل جلدي الحلواني اللزج.
والنهاية؟
ما النهاية؟
أتكور على نفسي، محاولاً تدفئة بطني حتى لا أصاب بآلام المعدة. والناس يخفون قذارتهم تحت ملابسهم الجميلة. السادسة إلا ثمان دقائق.
منذ الطفولة، يتحرك البشر في السادسة صباحاً إلى المدارس والعمل كالحشرات التي تحتي. ينتشرون ويبدأون ممارسة حياة بلا طعم. حياة كعقد إذعان أزلي حيث لا تفاوض مع القدر. وتصبح السعادة خرافة.
ولكن..
ولكن حتى لو تمدَّدَت إلى جانبي ومارسنا الحب، فإن المسألة تتحول إلى قضية أخرى. قضية قابلية للعطاء. إن العطاء مرهق جداً، وكذلك التلقي. الزهور لا تعني الكثير. ولا شيء غيرها يعني الكثير. إن الذات هي القمة. القمة التي تظل تستأصل الديدان الملتصقة بها من الآخر والوجود وتلقي بها بعيداً.
الحسودون، الحسودون هم من يسرقون زمنك باستمرار. وزمنك هذا لا يحمل أي إضافات حقيقية لجوهرك. إن جوهرك منذ الطفولة هو هو. غير أن النمو يتصل بالشراكات الطويلة والقصيرة والعابرة، في النهاية تصبح كلها عابرة.
ويبدو أن باقة الزهور ذات الرحيق قد أوضحت لها ذلك.
لم تكن وروداً ذات عطن. بل زهوراً ذات عطر. وهذا فارق كبير. كسيارة بلا محرك. هذا فارق مخيف. تغلغل في أعماقها. فضحِكت ضحكة متهكمة سريعة، في الواقع، لقد أمالت شفتيها قليلاً إلى اليمين، ثم أصدرت طرقعتين من الهواء الخارج من صدرها ثم أضراس فكها الأيمن، ثم دارت على عقبيها كجندي في طابور التمام وحركت ساقها اليمني نحو الأمام، تلتها اليسرى فاليمنى وهكذا في خط مستقيم.
وفي خيالي، زرعت الزهور على جوانب باب منزل الأحلام. على أصيصين طوليين ومتوازين ومدهونين بلون زيتي يميل إلى الصفرة الشاحبة.
تتجمع الغيوم باستمرار في ذاكرتي. تختفي النجوم، وتبدأ الشمس في السطوع بروية. تخفت إيقاعات الموسيقى، ثم تزحف الكائنات في مساراتها المحددة سلفاً بيد الخوف في عقود الإذعان.
(تمت)