خالد جهاد - في انتظار العيد

لربما لم يوجد شعورٌ استطاع مرافقة كلٍ منا على مدار حياته كذلك الشعور باللهفة توقاً للعيد.. أي عيد.. فهذا المعنى أكبر من فرحة وأعمق من مجرد لحظةٍ قد يحصل فيها أيٌ منا على مالم يعتد الحصول عليه.. لكنه ذلك الإحساس بالأمل.. الأمل الذي لا نتوب عنه مهما كبرنا ومهما غرز الحزن أنيابه في روحنا ومهما كان الواقع غارقاً في الألم..

فكثيرون وأعترف أنني كنت منهم مارسنا ذلك (التذاكي) على الحياة اعتقاداً منا بأنها ستصغي إلينا، فكنا نؤجل فرحتنا بحثاً عن فرحةٍ أكبر.. فرحةٍ مدوية تليق بسنوات الإنتظار وتليق بتلك الأمنيات التي لا زالت بقاياها على الشاطىء كقصرٍ من الرمال، فلا الأمواج تهجره ولا نكف عن بناءه وكأن بقاءنا مرهونٌ ببقائه.. ليمر العمر فيما لا زلنا ننتظر وتتعاقب الأيام بلا توقف بين غروبٍ وشروق، وفصولٍ تنتهي لتبدأ أخرى وتصبح مجرد ذكريات وصور.. نرى أنفسنا فيها ونرى حياتنا من خلالها، فنضحك هنا ونبكي هناك دون أن يعرف أحدُ، تطول الرحلة، تتبدل الوجوه ويغيب بعضها، تتراكم الأحلام التي وضعناها تحت وسادتنا ليلةً بعد ليلة وكتبناها في الظلام كي لا تعرف العين ما خطته اليد..

واليوم بين كثيرٍ من الرسائل التي لم تبعث، وكثيرٍ من الأحاسيس التي كبرنا ولم نعرف مذاقها أو معناها لم تعد الحياة تغرينا بالتأجيل ولم نعد نرغب في الإنتظار ولم نعد نخجل من البوح بتلك الرغبات الطفولية، فلم قد لا تتسع الأرجوحة لنا ؟ ولمَ سنخجل من التهام السكاكر ؟ ولماذا نتناسى الحب ؟.. ضبطني العصفور أغني عن العيد سراً فخجلت، ووعدته ألا أخجل مرةً أخرى وغنيت له أغنيةً قديمةً لا يعرفها لكنه أصغى عندما سمعني أدندن له وحده (ومهما الحبايب سألوني.. خليك بقلبي وعيوني.. خليك بقلبي وعيوني) وعندها أكملت لأجله (قالولي العيد بعيوني.. ع درب بعيد دلوني.. غمضت عيوني تا شوف العيد.. غمضت عيوني تا شوف العيد.. بعيوني شفتك يا عيوني)..

وضعته فوق أرجوحته ليغفو حيث يحب، وعدت بهدوءٍ لأحلم قليلاً بذلك العيد الذي قد يباغتني ذات يومٍ وعليّ أن أكون دوماً في انتظاره..

خالد جهاد..

قالولي العيد..
كلمات وألحان: الموسيقار روميو لحود..
غناء: سلوى القطريب..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى