محمد مصطفى العمراني - أضحوكة العيد !

في العام الماضي وضع أثرياء القرية في ليلة العيد رهانا جعل الناس يتسابقون إلى مصلى العيد :
ـ من سيسبق الجميع فله 1000 ريال .
في بداية الثمانيات كان الألف الريال يعني الشيء الكثير .
في تلك الليلة تسابق الناس حتى أن بعضهم جاء قبل منتصف الليل بفراشه ونام في المصلى .!
حينها قرر أن يسبق الجميع وينال الجائزة لكنه ظل يفكر ماذا سيفعل بالجائزة ، وضع العديد من الخطط والأفكار والمشاريع ، فكر كثيرا وقبيل الفجر غط في نوم عميق ولم يستيقظ إلا قد أشرقت الشمس ، يومها بالكاد لحق صلاة العيد .
في العام التالي لم يضع أحد جائزة لمن يسبق إلى المصلى ، لكنه قرر أن يسبقهم ، وحين سمع أذان الفجر كان قد أغتسل ولبس ثيابه الجديدة وصلى الفجر على عجل حتى أنه لم يعد يذكر ما هي السور التي قرأها في صلاته ؟!
تعثر قبيل خروجه من منزله حتى كاد يسقط ، الظلام يعم المكان وذلك القدر لا يدري من وضعه في الطريق كأنه فخ يتربص بزينته وفرحته .
يمشي وبالكاد يرى طريقه ، يطوي الطريق وفي قلبه فرحة طفل ، يحث الخطى ولو علم أنه سيغدو أضحوكة العيد لما غادر منزله .!
وحين رأى المصلى خاليا خفق قلبه من الفرحة وأدرك أنه قد كسب الرهان وفاز على رفاقه .
فرش سجادته وصلى ركعتين ثم جلس في الصف الأول .
بعد دقائق بدأ رفاقه يتوافدون .
كان أول من وصل قاسم الذي ما إن أقترب منه حتى ضحك وهو يصافحه ، تعجب من ضحكه ، ربما أراد أن يغيظه ويسخر منه لأنه سبق الجميع .!
قرر أن يتجاهله لكن حميد ما إن صافحه هو الآخر حتى ضحك وظل يضحك ويكتم ضحكه ، يبدو أنه كان يريد الفوز بالسبق وحين فشل أراد أن يغيظه هو الآخر ولذا فلابد من تجاهله .
جاء ثلاثة من المصلين وكل من صافحه منهم ضحك ، لقد أثاروا شكوكه .!
تساءل :
ـ ما الذي يضحكهم ؟!
ـ هل هناك شيء في وجهي أو ثيابي ؟
تحسس وجهه ثم نظر إلى ثيابه فوجدها جديدة ليس فيها شيئا .!
كل من رآه يضحك .!
حتى الشيخ والفقيه ضحكوا ثم كتموا ضحكهم ونظروا بعيدا عنه .
ـ هل تآمرت القرية كلها علي ؟
تساءل وهو غارق في تعجبه واستغرابه مما يحدث له .!
أثناء الخطبة نظر الفقيه إليه وابتسم ثم أمسك نفسه عن الضحك وواصل الخطبة متجنباً النظر إليه ، حينها تمنى أن يمتلك مرآة حتى يرى وجهه :
ـ ما الذي حدث فيه حتى أن من رآه ضحك ؟!
بعد الصلاة لم يذهب مع الناس لإطلاق النار على النشان " النصع " ، سلك طريقا مختصرا نحو منزله وقد تملكه الغضب والسؤال الكبير يشغل ذهنه ويرهق تفكيره :
ـ لماذا يضحكون علي ؟!
أصوات الرصاص تدوي من مكان النشان ، تردد صداها الجبال وهو غارق في شروده وقد ذهل عن الدنيا وكلها وأحس بالقهر والحزن ، لقد أنقلب فرحه إلى حزن فكيف يتآمر الجميع عليه ويتوحدون للسخرية منه ؟!
عاد إلى منزله وما إن رأته امرأته حتى غرقت في الضحك ، لم يتمالك نفسه صرخ فيها وقد أحمر وجهه :
ـ ما الذي يضحكك يا بنت الناس ؟!
لم تستطع الحديث واصلت ضحكها وهي تشير إلى رأسه ، حينها نزع عمامته ليكتشف أنه لم يلبس عمامته ولكنه قد لبس سروال زوجته عمامة .!
****

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى