قلت لصاحبي < انظر نحن في حرب البسوس> .. تقدم متمنطقا بحزام جلدي يسنده شريطان جوزيان من اعلى الكتفين...الدشداشة والوجه الناعس نيليان..وقد تقلد اربعة خناجر في اليسار.. وعلى وسطه الايمن علق مسدسا رسم عليه نسر قائم... تجاوره فناجين متداخلة من الورق المقوى... يملأ لك واحدا منها ولا يلتفت... فقد مضى زمن هزة الفنجان.. وانقرض زمان فيه يتكلم احد ويصغي الجميع..هنا في المإتم الكل يتكلمون او يبحرون بمبايلاتهم.. التي قضت على اشد الصحف شهرة... الطقس في المإتم ثقيل فانت مقيد بشروطه لكنها سهلة الهضم فيكفي ان تقوم وتقعد مرات مصافحا وان تقرا سورة الفاتحة مئات المرات وتطلق < الله بالخير> كلما دخل عقال او احد حاسر.. صاحبي لقاط وله ملكة الطرفة.. وهذا الشاب القهوجي فرصة لنا.. لنذيب به لحظات الملل... فهو يقف بزاوية جوار المدخل .. ويرفع عينيه الكليلتين ضاجرا.. ويراقب القادمين.. ربما يشعر بالانتفاخ لخناجره ومسدسه ذي الوشم الجمهوري... وها هو وقد انقطع المعزون الجدد يستقر ماسكا دلته اخر المضيف .. سارحا بعوالم مجهولة..يشله ارهاق.. وحين لفظنا نحن الخمسة المعّزون (غير المغضوب عليهم ولا الضالين).. اكتمل الطقس الجنائزي.. وعلينا - انا وصاحبي- ان ننقب عن حرب بسوس اخرى وسيوف تشغلنا.