بهاء المري - كانت هناك..

تَسللَّ عِطرها في هدوءٍ ليُعلنَ عن مَجيئها، حَادَت الأعينُ عن مُتابعة المُحاضر الماتِع واشْرأبَّت الأعناقُ إليها في شَغَف.
تهادَت بين الصفوف في شُموخ لا تَعبأ بهَمهمة الانبهار بجمالها ولا بالعيون الفاحصة حتى بلغَت المِقعد المُخصِّص لها الذي تَصادَفَ أنْ كان إلى جواري.
رَمَقتُها بلحْظي. التَقت مِنَّا العُيونُ في لَمحةٍ كالبَرق. لون شَعرها الكِستنائي وابتسامتها الهادئة استنهضا ذاكراتي من سُباتها وتراقصَتْ الذكريات برأسي.
وددتُ أن أهمسَ لها باسْمِي ولكني تراجَعت. خشَيتُ ألا تتذكرني وسَط هذا الحشد الهائل من الحضور، بل تَهيَّبتُ العيون التي لم تزل تنظرها، ثم مَن قال إنها سوف تتذكرني؟!
انتحيتُ جانبًا في القاعة بعد انتهاء الندوة لم أدر لماذا قرَّرتُ البَقاء حتى تَنصرف؟
الحاضرونَ يُغادرون تِباعًا عَداها، حدَّثتني نَفسي في وقفَتي تلك بأنها في انتظاري.
تَمَلكتني نَشوةٌ لاستبطائها الانصراف؛ هَمَمتُ مرَّة أخرى أن أكلِّمها، وللمرة الثانية أتراجَع، مَن قال إنها تتباطأ لتلقاني؟ قد أكونُ واهمًا.
شَرَعتُ في الخُروج من المَكان، اعترَضَتْ طريقي عرَضًا قبل أن تنصرف، سألتها: أتَنتظرين أحدًا؟ نَطقَت باسْمي وعِطرُ ابتسامتها يَفوح: نعم يا فلان أنتظركَ أنتَ!
صَدى الجُملة تَردَّدَ في أذنيَّ. أفقتُ من شرودي لأجدَ نفسي وحيدًا في القاعة وعينايَ على المِقعد الذي رأيتها عليه قبلَ أن تُغادر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى