د. لارا ملّاك - حبٌّ نحوَ اليَسار..

منزلُكَ نحو اليسارِ – تقول الإشارة
أشدُّ بساقي
وأغريها
وألجمُها
وأكفرُ بوجهِ وجهِها
ألفظُ الطّريق
ألتقطُ الرّصيف
حيث كان..
حيث كنّا..
فمي الآن يساريٌّ
وعشائي
ورُكبتي الّتي تلوي كأنّها تبكي
إلّا الطّريق – تقول الإشارةُ –
يمينًا يمينًا..
كنتَ على أيْسَري سنينَ سبعًا
والسّبعُ حدائقُ من ذهول
والسّبعُ موضعُ النّار
وُجاقاتٌ تلجُّ عليَّ بالشّتاء
فأرمي بنفسي يسارًا يسارًا..
السّبعُ عواصفُ لا تكفي
عُتقَ الخَمرِ ولا انعتاقَ المكلومين
الكلمةُ واحدةُ الكَلْمِ.. ما بانَ منه
الحروفُ ما خفيَ منها..
أنا وحدي – تقولُ الفراشة –
أنا وحدي – تقولُ النّار –
كيف أجمعُهما
أنا المصنوعةُ على سبعٍ وثلاثين دَرَجة
لا أقربُ الصّيفَ
لا أعتادُ البللَ
بل ألعنُ الميزانَ يقول لي:
يمينًا يمينًا أيّها الجسدُ الخرافيّ..
كيف أقطّعُ القصيدةَ
وأحسمُ آخرها
بعدَ أن قصصتُ شعرَها
فقط كي لا أقطعَ رأسَها؟
كنتَ معي حين حلقْتُ شعرَها
وبعضَ صدرِكَ وأنتَ نائم..
ما حاجتُكَ إلى صدرٍ
وأنتَ تميلُ إلى اليمينِ كلّما مررتُ
كلّما تعثّرتُ بسريرِكَ في الطّريق؟
لِمنْ تركتَ قلبَكَ
وأنت تعبر البلادَ
من أوّلها إلى آخري؟
ولمن هذا الزّحامُ؟
تسألُكَ الإشارةُ الّتي تغيب عنها
لأحضر أنا..
هذا اليمينُ يدي حين أكتبُ
لكن أين مِنْه فمي
وأينَهُ من دمي؟
وأين السّائلون
يدسّون في قهوتي الرّيبة؟
وأين السّائلاتُ فقدْنَ حيرتي؟
تستكينُ الإشارةُ
تعلمُ ماذا قالَتْ
ولا تعرِفُ المَقول
لأنّها باعته
كما بعتَني
كما فقدْتَني على لسانِ بائعِ الكعكِ..
ينادي..
أنا الطّفلةُ حفظْتُ صوتَه
لأنّكَ هزمتَني أمامَ ناظريه كثيرًا..
لا أعرفُ إن أشفقَ عليّ مرّةً
وإن لوّحَ للهواءِ كي يحيدَ عن وجهي
كي لا يصدمني كقطارٍ أعْسَر..
ربّما سيجدُني اليومَ ليلًا
أفترشُ كعكةً بائتة
أبلّلُ بعضَها بالماء
كي أراني من جديدٍ، طازجةً وحارّة
لكنّ البللَ لا يكفي – قال الله –
لو اكتفى المطرُ بالبَلَل
لما قالَتِ القهوةُ أشياءَها
لو اكتفى البحرُ بالماءِ
لما عادَ إلى القمرِ
يسألُهُ: من أين؟ وإلى أين؟ ومتى؟
أنا تحتَ موجةٍ
ذاكرتي ما تسمعُهُ
في المحارِ الجافِّ فوق تختكَ
قربَ نومي الّذي تركتُه لك بإرادتي..
تحتَ الموجةِ يقولُ لي القمر فقط
كم يسارًا لي وكم يمينًا
تحتَها أطفأتُ الإشارةَ
ركنتُ سيّارتي في ضلع الأبد
تحتَها البرُّ لا شيء
سوى مُزاحٍ سَمِجٍ
وانتظارٍ مفتوحٍ يخالُ نفسه المدى..
تقولُ الإشارةُ إنّي رسالةُ اليمينِ لليسار
حين انسلخَ المكانُ عن قدميَّ.. عن قدميكَ
هذا تمدّدٌ فارغٌ يطيحُ بنا
أنا المصنوعةُ على سبعٍ وثلاثينَ دَرَجة
أنتَ المصنوعُ على جَبيني
يومَ أصابَتْني نزلةُ برد..
لم تقلّبْني كدينارٍ في الهواء
يهوي على وجهته، بل على وجهتي
يمينًا يمينًا استدارَ
يسارًا يسارًا احترَقْتُ
بأقلّ من نارٍ.. وبأكثر منها

19\04\2022
لارا ملّاك

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى