مقتطف حسين الرشيدي - منهمر في الصحراء

هناك مهابة في تأمل الصحراء، لا أستطيع تحليل الأمر ولكنني استمتع بالشتاء بعيدًا عن ضوضاء الكونكريت، "الصحراء والقميص" لوكنت مُخرجًا سيكون ذلك أول عمل لي، الدم والصهيل اسم رواية اختلقتها وأنا متضور أن تمس شرارة الحطب يدي، أضحك من التصور الغربي أن الصحراء لغم، ربما هي في صراعنا معهم كذلك، لكن نفس الصورة النمطية : رهط من الحفاة يتراصون في طابور لتقبيل يد الرجل الأبيض "المتفوق"
أطالبكم المرة القادمة بابتكار شيئًا يجعلنا نذرف الدموع!، الصحراء تؤسس تحالفًا مع قصيدة أحمد مطر " أين تمضي ؟ رقم الناقة معروف وأوصافك في كل المخافر"، ثمة غنائية في الشعر العربي حول البيداء "الصحراء والقيثارة" شوقي عبد الأمير، حتى الصعاليك كان لهم نصيب منها، نحن أيضًا لهيب الشمس لم يكن بخيل على جلودنا في يوم، غابت الصحراء عن المشهد فغاب وقار النص من رأيي، ولكن أمجد ناصر كان للأمر بالمرصاد " أيتها الهوادج أيتها الهوادج يا أجراس الصحراء" إنني متورط الآن، لأن نص واحد، زئير واحد لا يكفي لإقامة تأبين للصحراء يليق بها، ولكنني سأختم حديثي بتشبيه عنيد مثل أهله، شيء فعله جد أحدهم ربما، ويده مثل "رادار"، ترشد الماشية للماء وعينه تستحلف النجمة على طريقه "العودة"، لا أريد أن أُبخس عصا هذا الرجل في ذاك الوقت حقها، إنها ارتكبت ما هو مجحف وما هو ضروري للبقاء، ولكن أيتها الصحراء لقد كنّا بفضلك أعباء على النسيان.


أعرف أنك حاضر ، وما زالت نبضات قلبي تتفاقم عند ذات الأماكن التي جمّلتنا ، وأعرف أن الحديث عنك عقبة تحتاج إلى أن تقصم الكلام، ولكن إذا لم أفصح عن المكنون لأجلك، لمن سأفعل؟ إذا لم أصوّب المديح نحوك جهارًا وأرغم الصمت أن يهدم بلادة التظاهر، وأترك الشعر يسفر ويسرف بعد التحسر على صورك، ما جدوى القصيدة سوى أنها عاتق على الفاه، وندبة تتلاءم مع النزف؟ أعرف أنك حاضر، تتفرع من أغصان الذاكرة، بجسدك المهيب، وابتسامتك التي تخرج عن ولاية الصحراء، تقول لكل شيء، أنا هنا وحدي، لن أُهزم هذه المرة من عصف شمالي أو معارك إثبات النفس، لقد كبرت وأنا متسم بالجرح، وغادرت دون تهويل شعور الوحدة.

اجلس بثنائك على التمنع، فالمدينة لن تعجزك عن الكتابة، والرجل ما دام يهذي لا يُظام، وادخل بيتك معتقلًا للرغبة، ما دمت راغبًا، سترتبك من فضول الجلاس، وتحدى الندبة، الليل ابتدأ من كلمة لا، والصباح منخرط في أمور المعيشة والتستر من الصفات الوراثية، وتذكر صاحبك، ما دمت خليلًا للطرقات والترانيم، سوف تتنبّه لك الصحراء، لم أعرف رجلًا مات سكبةً واحدة، بل كان غريمًا للتعطش.
  • Like
التفاعلات: صديقة علي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى