بائع الكتب المستعملة والمجلات القديمة على الرصيف يعرفني من زياراتي له ، مؤخرا صار يدرك مدى شغفي بالأعداد القديمة من مجلة " العربي " الكويتية ، خصوصا أعداد التسعينيات ، أعطيته رقم هاتفي ، وبعد أيام أرسل يخبرني بأنه عثر على 13 نسخة نادرة من المجلة ، أكدت له بأن يحجزها وسأمر عليه لأخذها .
حين وصلت إليه ألقيت السلام فلم يرد ، كررت سلامي فأنتبه ورد السلام وصافحني ، أخذت النسخ التي ليست لدي ودفعت له النقود وهممت بالرحيل ، لكن شروده الغريب وتجهمه أثار فضولي ، قلت له مازحاً :
ـ أنت اليوم غير طبيعي ؟
تنهد بشدة ، ثم أندفع يحكي لي :
ـ عصابة من اللصوص صاروا ينهبونني بلا رحمة ، كل يوم يمرون علي ويطالبوني بالنقود وإن رفضت يهددون بطردي من هنا .
ـ لكن المؤسسة سمحت لك بأن تبيع بجوار السور
ـ المشكلة أنهم من حراسة المؤسسة ، وكلما جمعت مبلغا من المال أخذوا نصفه ، ذات مرة أخفيت النقود في الكتب والمجلات لكنهم حين أتوا أخرجوها من بين الكتب كأنهم كانوا يراقبونني بدقة .!
واسيته ببعض كلمات ثم هممت بالانصراف ، لكني توقفت وسألت نفسي :
ـ لماذا لا أجرب أصنع شيئا ؟!
ـ ماذا سأخسر لو حاولت ؟!
أعطيته الكيس وأخبرته بأنني سأذهب لمقابلة رئيس المؤسسة ليضع حدا لهؤلاء اللصوص .
ابتسم دون أن يعلق .
من المؤكد أنه كان يسخر مني ، فما عسى شخص مثلي أن يصنع له ؟!
دخلت المؤسسة سألت عن مكتب المدير وتوجهت إليه ، طلبت مقابلته ، قال مدير مكتبه وهو يتصفح هاتفه :
ـ المدير مشغول ؟
وأضاف :
ـ من أنت ؟ هل أعطاك موعد يا أستاذ ؟
أخبرته بصفتي وأن القضية شخصية .
كنت أعلم أنه سيدون اسمي وهاتفي على ورقة ، وسيقول لي كعادة مدراء مكاتب المسؤولين :
ـ سنبلغ المدير ونتواصل بك .
لكنه فاجأني وأتصل بالمدير ثم هب واقفا قائلا بسرور :
ـ تفضل يا أستاذ أهلا وسهلا
لم يكتف بهذا بل رافقني وفتح لي باب المكتب .
حين دخلت هب المدير واقفا وصافحني بحرارة وطلب لي قهوة .!
حدثني كأنه يعرفني منذ زمن .!
ثم فجأة سألني :
ـ خيراً يا أستاذ بماذا تأمر ؟
كنت قد نسيت الأمر الذي جئت لأجله .!
ـ آه بائع الكتب والمجلات القديمة الذي بجوار المؤسسة يشكو من لصوص يفرضون عليه إتاوات كل يوم ، ويقولون أنهم من حراسة المؤسسة .
قاطعني :
ـ لماذا لم يأت إلي ؟!
ـ لم يجرؤ على مقابلتك ، هو شخص بسيط جدا .
فوجئت بالمدير ينهض من مكتبه ويأخذ أشياءه .
وجه مدير مكتبه بأن يجمع طاقم الحراسة ويلحقوا به ، وصلنا إلى بائع الكتب الذي هب واقفا وهو غير مصدق ما يحدث .!
أشار المدير إليه قائلا :
ـ هل في هؤلاء من طلب منك النقود ؟
أشار إلى أربعة منهم :
ـ هم هؤلاء
أحمر وجهه وصرخ فيهم :
ـ تعيدون له كل ما أخذتموه .
وفورا وجه المدير بإحالتهم للتحقيق واتخاذ العقوبات بحقهم .
شكر لي زيارتي ، وحين صافحني مودعا همس لي :
ـ أنا من قرائك ومعجب بما تكتبه .
شعرت بشلالات من السعادة تتدفق في قلبي لأنني خلصت هذا البائع المسكين من الكابوس الذي جثم عليه .
ألتفت إلي قائلاً بتعجب :
ـ طلعت مش بسيط يا أستاذ ، لك علاقات وسلطة عند المسؤولين .!
لم يدرك أنها جاءت معي هكذا ، ضربة حظ لا أكثر ، ظل يحدثني عن نفسه وعن مشاكله وأحلامه وأنا منصت إليه باهتمام .
الفرح يغمر وجهه .
بعد أن أنهى حديثه أشرت لباص فتوقف ، ودعته ومضيت فيما ظل يلوح لي بيديه مودعا حتى اختفيت عن الأنظار .
*****
حين وصلت إليه ألقيت السلام فلم يرد ، كررت سلامي فأنتبه ورد السلام وصافحني ، أخذت النسخ التي ليست لدي ودفعت له النقود وهممت بالرحيل ، لكن شروده الغريب وتجهمه أثار فضولي ، قلت له مازحاً :
ـ أنت اليوم غير طبيعي ؟
تنهد بشدة ، ثم أندفع يحكي لي :
ـ عصابة من اللصوص صاروا ينهبونني بلا رحمة ، كل يوم يمرون علي ويطالبوني بالنقود وإن رفضت يهددون بطردي من هنا .
ـ لكن المؤسسة سمحت لك بأن تبيع بجوار السور
ـ المشكلة أنهم من حراسة المؤسسة ، وكلما جمعت مبلغا من المال أخذوا نصفه ، ذات مرة أخفيت النقود في الكتب والمجلات لكنهم حين أتوا أخرجوها من بين الكتب كأنهم كانوا يراقبونني بدقة .!
واسيته ببعض كلمات ثم هممت بالانصراف ، لكني توقفت وسألت نفسي :
ـ لماذا لا أجرب أصنع شيئا ؟!
ـ ماذا سأخسر لو حاولت ؟!
أعطيته الكيس وأخبرته بأنني سأذهب لمقابلة رئيس المؤسسة ليضع حدا لهؤلاء اللصوص .
ابتسم دون أن يعلق .
من المؤكد أنه كان يسخر مني ، فما عسى شخص مثلي أن يصنع له ؟!
دخلت المؤسسة سألت عن مكتب المدير وتوجهت إليه ، طلبت مقابلته ، قال مدير مكتبه وهو يتصفح هاتفه :
ـ المدير مشغول ؟
وأضاف :
ـ من أنت ؟ هل أعطاك موعد يا أستاذ ؟
أخبرته بصفتي وأن القضية شخصية .
كنت أعلم أنه سيدون اسمي وهاتفي على ورقة ، وسيقول لي كعادة مدراء مكاتب المسؤولين :
ـ سنبلغ المدير ونتواصل بك .
لكنه فاجأني وأتصل بالمدير ثم هب واقفا قائلا بسرور :
ـ تفضل يا أستاذ أهلا وسهلا
لم يكتف بهذا بل رافقني وفتح لي باب المكتب .
حين دخلت هب المدير واقفا وصافحني بحرارة وطلب لي قهوة .!
حدثني كأنه يعرفني منذ زمن .!
ثم فجأة سألني :
ـ خيراً يا أستاذ بماذا تأمر ؟
كنت قد نسيت الأمر الذي جئت لأجله .!
ـ آه بائع الكتب والمجلات القديمة الذي بجوار المؤسسة يشكو من لصوص يفرضون عليه إتاوات كل يوم ، ويقولون أنهم من حراسة المؤسسة .
قاطعني :
ـ لماذا لم يأت إلي ؟!
ـ لم يجرؤ على مقابلتك ، هو شخص بسيط جدا .
فوجئت بالمدير ينهض من مكتبه ويأخذ أشياءه .
وجه مدير مكتبه بأن يجمع طاقم الحراسة ويلحقوا به ، وصلنا إلى بائع الكتب الذي هب واقفا وهو غير مصدق ما يحدث .!
أشار المدير إليه قائلا :
ـ هل في هؤلاء من طلب منك النقود ؟
أشار إلى أربعة منهم :
ـ هم هؤلاء
أحمر وجهه وصرخ فيهم :
ـ تعيدون له كل ما أخذتموه .
وفورا وجه المدير بإحالتهم للتحقيق واتخاذ العقوبات بحقهم .
شكر لي زيارتي ، وحين صافحني مودعا همس لي :
ـ أنا من قرائك ومعجب بما تكتبه .
شعرت بشلالات من السعادة تتدفق في قلبي لأنني خلصت هذا البائع المسكين من الكابوس الذي جثم عليه .
ألتفت إلي قائلاً بتعجب :
ـ طلعت مش بسيط يا أستاذ ، لك علاقات وسلطة عند المسؤولين .!
لم يدرك أنها جاءت معي هكذا ، ضربة حظ لا أكثر ، ظل يحدثني عن نفسه وعن مشاكله وأحلامه وأنا منصت إليه باهتمام .
الفرح يغمر وجهه .
بعد أن أنهى حديثه أشرت لباص فتوقف ، ودعته ومضيت فيما ظل يلوح لي بيديه مودعا حتى اختفيت عن الأنظار .
*****