عبدالله قاسم دامي - لم يعد لي وطنٌ

لقد تنازلتُ يا سادتي عن إنتمائي الوطني وقدّمتُ برقية شكوى لإحدى المحاكم الدُّولية أُقاضي فيها وطني السابق أن يُقدِّمَ لي ثمناً بخساً، تعويضاً على أحلامي المسروقة، لعلِّي أشتري رغيفاً وكفناً.

وَكَّلَ الوطن محامياً محترفاً، قَلَّب الأمور عليَّ، فقد قدَّم للمحكمة طلباً غريباً وهو أن أُعِيد للوطن كُلّما أخذتُ منه، إسمِي ومَلمحِي ولُغَتي. أصبحتُ حائِراً في أمري فسمّيتُ نفسي خوزيه آرنيستوا ساميا وحَلَقتُ شاربِي وتحدّثتُ بالإسبانيةَ فقاضتني الإكوادور اللعينة وأودعتني في السجن. إنه حظّي يا سادة، سيئٌ جداً، تماماً كوَطنيْ.

أُزهِقَ في الحروبِ قَسْراً .. فلا سُقِطْ
أُتعِبَ ظَهْرُهُ ألماً ... فلا كُسِرْ
نادى الوطنُ أخيراً ... فلا سُمِعْ

يا قومُ ... قد هزمُوني
لا الجيوش المُسَلَّطِية
لا الليالي أسقطتني
لا الملامح الأجنَبيّة
إنهم السَفَلةُ تَكاثَرُوا عَليَّ

يا المكسورُ أنتَ ... يا وطنُ
دعهم يتكاثَروا ... ويتفاخَروا
فلا أدري أين الهربُ
عن عُقولٍ هَمُّها البَعيدُ ... هو النَّسَبُ

يالمَنسِيُّ أنتَ ... يا وطنُ
دعهم يَتَصَارعُوا ... ويتَقَاتَلُوا
فلا أدري أين الهَرَبُ
عن قَطِيعٍ صَباحُهُ ... البَطَنُ
وعن غَفِيرٍ مَسائُهُ ... التَّعَبُ

لستُ بكَ أبداً ... زائرْ
ولا على تابوتٍ ... عائدْ
ولا في لَحْدِكَ ... سَيُرتاحُ
لأن من عاداتهم ... النَّبَشُ
ومن طقوسهم ... الحَفَرُ
لِيَبنَوا بُرجاً ... فَوقَ الجُمَمْ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى