كبُحيرةٍ هادئةٍ تَغشَّاها الطَحالِب كانت تُخفى آلامها تحت ابتسامة باهتة، قررَت المواجهة، وكلما واجهوها بالعادات والتقاليد أعلنتها مُدويَّة: لستُ مُقتنعة بما يَرجع إلى (هذا ما وجدنا عليه آباءنا) ولو بقيتُ بلا زواج ما دمتُ حيَّة.
حين سافرَ والدها للعمل في أوروبا منذ ما يربو على عشرين عاما حرَص على استقدام أمها لتلدها هناك لتظفَر بالجنسية بالميلاد فحظيَت بها وتَربَّت وتعلمَت. وتخرجت في جامعاتها.
أعربَ لها عن قلقِه لبلوغها الثانية والعشرين دون زواج ثم أنهَى إليها نبأ العَشرَة الذين راسلوه من مصر لخِطبتها، انفرجَت شفتاها عن ابتسامة ساخرة وأردفَت: بل أضِف إليهم مثلهم يُراسلونني عَبر الواتس آب وغيره من وسائل التراسل الحديثة دون كلل أو مَلل، ومنهم من لم يرَني من قبل.
لم يغب عن فِطنتها أنهم تخرجوا في جامعاتهم وجلسوا ينتظرون المصباح السِّحري الذي سَلَّمه علاء الدين لدول أوروبا ويَسعَونَ جاهدين للظَّفر به، ضيَّقت أوروبا الخِناق على اختراع السفر للدراسة ثم الهروب إلى سوق العمل، وكذلك فعَلت مصر؛ حاربَت مراكب الموت والهجرة غير الشرعية. لم يبقَ من بابٍ لولوج أعتاب بلاد علاء الدين إلا الظَّفَر بواحدة ممَّن تحمِلنَ جنسية هناك.
حسمَت أمرها: قرَّرتُ النزول إلى مصرَ يا أبتِ لأختار أحدهم. سُرَّ الأب سرورا كبيرا وزغردت الأم في داخلها.
دعتهم إلى لقاءٍ في جلسة واحدة، في البدء اعترضَ أحد أعمامها ولكنها أنفذت رغبتها، كان المنظر عَجيبًا، من يدخل يجد من سبَقه ممَّن يحلم بالمصباح ليَُفرُكه. الصمت ولجلجة العيون كانا سيد الموقف.
تفرَّسَت في ملامحهم. تأمَّلت لغةَ أجسادهم. عمدَت إلى التَّطواف بالحديث إلى شباب سوريا ونجاحهم في بلدنا. ثم فجَّرت المفاجأة: تعلمون أنني وُلدت وتربيتُ وتعلمتُ في أوروبا، أؤمن بكل ما هو عَمليٍّ في الحياة وليس للعاطفة مكان لديَّ. قرَّرتُ العودة إلى مصر لأستقرَّ فيها بالزواج. فمن جَهَّز شَقته ولديه عمل يكفي مَعيشتنا فإنِّي موافقة على الزواج منه الآن.
لم يَنبِس أحدهم ببنت شَفةٍ. انسَلُّوا واحدًا تلو الآخر في صمت قصدَت النافذة لتٌغلقها، سَحبَت النافذة معها بعض فروع أشجار اللبلاب المتسلقة على جدران البيت. دفعتها بقهقهة لم تقو على كبح جماح انطلاقها. سقط اللبلاب عن الجدران. وفي الصباح تُغادر إلى المطار عائدة.
حين سافرَ والدها للعمل في أوروبا منذ ما يربو على عشرين عاما حرَص على استقدام أمها لتلدها هناك لتظفَر بالجنسية بالميلاد فحظيَت بها وتَربَّت وتعلمَت. وتخرجت في جامعاتها.
أعربَ لها عن قلقِه لبلوغها الثانية والعشرين دون زواج ثم أنهَى إليها نبأ العَشرَة الذين راسلوه من مصر لخِطبتها، انفرجَت شفتاها عن ابتسامة ساخرة وأردفَت: بل أضِف إليهم مثلهم يُراسلونني عَبر الواتس آب وغيره من وسائل التراسل الحديثة دون كلل أو مَلل، ومنهم من لم يرَني من قبل.
لم يغب عن فِطنتها أنهم تخرجوا في جامعاتهم وجلسوا ينتظرون المصباح السِّحري الذي سَلَّمه علاء الدين لدول أوروبا ويَسعَونَ جاهدين للظَّفر به، ضيَّقت أوروبا الخِناق على اختراع السفر للدراسة ثم الهروب إلى سوق العمل، وكذلك فعَلت مصر؛ حاربَت مراكب الموت والهجرة غير الشرعية. لم يبقَ من بابٍ لولوج أعتاب بلاد علاء الدين إلا الظَّفَر بواحدة ممَّن تحمِلنَ جنسية هناك.
حسمَت أمرها: قرَّرتُ النزول إلى مصرَ يا أبتِ لأختار أحدهم. سُرَّ الأب سرورا كبيرا وزغردت الأم في داخلها.
دعتهم إلى لقاءٍ في جلسة واحدة، في البدء اعترضَ أحد أعمامها ولكنها أنفذت رغبتها، كان المنظر عَجيبًا، من يدخل يجد من سبَقه ممَّن يحلم بالمصباح ليَُفرُكه. الصمت ولجلجة العيون كانا سيد الموقف.
تفرَّسَت في ملامحهم. تأمَّلت لغةَ أجسادهم. عمدَت إلى التَّطواف بالحديث إلى شباب سوريا ونجاحهم في بلدنا. ثم فجَّرت المفاجأة: تعلمون أنني وُلدت وتربيتُ وتعلمتُ في أوروبا، أؤمن بكل ما هو عَمليٍّ في الحياة وليس للعاطفة مكان لديَّ. قرَّرتُ العودة إلى مصر لأستقرَّ فيها بالزواج. فمن جَهَّز شَقته ولديه عمل يكفي مَعيشتنا فإنِّي موافقة على الزواج منه الآن.
لم يَنبِس أحدهم ببنت شَفةٍ. انسَلُّوا واحدًا تلو الآخر في صمت قصدَت النافذة لتٌغلقها، سَحبَت النافذة معها بعض فروع أشجار اللبلاب المتسلقة على جدران البيت. دفعتها بقهقهة لم تقو على كبح جماح انطلاقها. سقط اللبلاب عن الجدران. وفي الصباح تُغادر إلى المطار عائدة.