فوز حمزة - تحت شجرة الجوز

لا أدري لِمَا أشّعرُ أنّ الليلة تشبه تلك الليلة! ..
صفحة السّماء المكفهرة وامتلائها بالسّحب السّوداء تنذر ببردٍ شديدٍ ..
تلفتُ حولي لعلي أجدَ ما يحميني من المطرِ المنهمرِ والرّياح المجنونة التي أخذتْ تعبثُ بشعري وصوت الرعد كأنه يناديني ليتلو عليّ ما اقترفته من آثامٍ .. لم أجد سِوى شجرة جوز عجوز ترتجفُ مثلي تعاني التشتتَ والضّياع!
المطر احتال على الشّجرة ليتساقط على رأسي من بين الأغصان اليابسة قطرة بعد قطرة ليخبرني أنه يراني
رحماكَ أيها المطر .. أبعد جيوشك عني .. فأنا وحيدة و ضعيفة .. لا قدرة لي عليها!
أسندتُ ظهري على جذع الشّجرة وأغمضتُ عينيّ.
تدحرجتُ بأفكاري إلى الماضي..
كان المطر يهطلُ على زجاج نافذة غرفتي حينما شعرتُ بيد ترفع ثوبي وتباعد بين ساقيّ ثم بدأتْ تعبثُ بسنيني الاثني عشر، قطّعتْ ملابسَ دميتي، مزقتْ طفولتي، سرقتْ شريطَ ضفيرتي!
استيقظتُ لأجد زوج أمي فوقي وابتسامة الجبناء مرسومة على تقاطيعِ وجههُ القبيح .. رائحة فمه الكريهة ما زالتْ تملأ أنفي أما قطرات العرق المتصببة منه كانتْ تستقرُ فوق وجهي كقطرات المطر في هذه الليلة .. حاولتُ الصراخَ .. وضعَ كفه الكبيرة على فمي ليكمل ما بدأه .. وأكملهُ ليتركني غارقة في الخوفِ والدماءِ!
حينما انتهى من فعلته هددني قبل خروجه بالقتل إن أخبرتُ أحدًا.. لم أفتح فمي وبدلًا عنه فتحتُ عينيّ أشكو بصمتٍ لصورة أبي الراحل المعلقة على جدار غرفتي.
أحلامي تلك الليلة تنبأتْ لي بالخوف من الآتي!
أشتد البردُ كثيرًا ومعه أشتدت العتمة ..
الأشباح فوق الأشجار، تحت الأرض، تشير إليّ، تضحكُ بصوتٍ عالٍ تتوعدني بالبرد وعذابه ..
ملابسي المبللة كأنها ألسنة لهب، تلسعني، تجلدُ جسدي بكلِ قوة!
تلفتُ بيأسٍ، ربما بعد دقائق يمرُ أحدهم فأنعم بوجبة عشاء مع كوب شاي قرب موقد مشتعل ..
لابد لأحدهم أن يتذكر ليلة ساخنة قضاها في أحضاني، متذكرًا جسدي الجميل وقوامي الرائع كما كانوا يخبروني!
بعد أن ينتهي كل شيء، أمسحُ العرقَ المتصببَ من جسدي وأنامُ ملء عيني وأنعم بالدفء والأمان ..
ساقاي ترتجف مع أنّ المطر توقف، و روحي على سواعد الموت ببطء تترنح؟!
الأرضُ تدور بيّ ومعها تلاشى بقايا الضوء من عينيَّ وأنفاسي مثقلة بالألم؟!
مَنْ أسقطَ فوق رأسي شجرة الجوز؟!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى