مصطفى الحاج حسين وَمَا زَالتْ تُقَاوِمْ ....

وَمـَا زَالـتْ تُقــَاوِمْ
توَحَّـدَ العالَـمُ على قتلِـها
الصديقُ
قبلَ العَـدوِّ
كلٌّ يُدَمّرُ ما يرغبُ فيها
ويقتلُ مِن شعبِـها
أينما تواجدَ النـاس ُ
الفَـرقُ بينَ هذا القتيلِ
وذاكَ القتيلِ
هذا قتَلَـهُ النظـامُ
وذاك قُـتِـلَ على يـدِ أعداءِ النظامِ
الطائراتُ العَدوَّةُ والصديقةُ
كلُّـها تحمـلُ الدمـارَ
للبلدِ الواحدِ
القتلى متشابهونَ
والقتَـلَـةُ متشابهونَ أيضاً
مصدرُ الموتِ واحـد ٌ
جميعُهمْ يتنافسونَ على التدميرِ
ليسَ من حقِّ المبـاني الوقوفُ
ليسَ من حقِّ الشعبِ أنْ يبقى
إمـّا أن يموتَ
أو ينزح َ
يريدونَ
البلدَ للاأحد
والموتَ لكلِّ واحـدٍ
ينتمي إليها
انقَسمَ العالَـمُ إلى أطرافٍ
لدعمِ آلـةِ الحربِ
لا أحدَ يرغبُ بسوريةَ المتعافية
أو المتوحدةِ
يتسابقونَ على حرقِها بالكاملِ
لا يسلَـمُ منهمُ الحجرُ
أوِ الشجرُ
أو العصفورُ الدوريُّ
رمـادٌ بنيـانُها
المدنُ الكبيرةُ والصغيرةُ
والقُـرى الوديعةُ
عددُ القتلى فـاق الإحصاءَ
وكذلك الأراملُ
واليتامى
ومَنْ لم يتشردْ بكلِّ الجهاتِ
مازالَ مشروعَ قتيلٍ
ومجلسُ الأمنِ كلَّ يومٍ
يُفصحُ عن فداحةِ قلَـقِـهِ
وعنِ احتجاجِهِ
وبعضٌ منَ الاستنكارِ الخجولِ
كانَ الاتفاقُ
مِنْ مصلحةِ الجميعِ
أن يتقاتلَ الجميعُ
ويموتَ الجميعُ
ويتشرَّدَ مَنْ أرادوا لَـهُ التشردَ
ليذوقَ ما هو أصعبُ منَ الموت ِ
الذلُّ يلاحقُ السوريَّ
وكرامتُهُ
صارتْ مصدراً
للتسولِ
والتجارةِ
أولُ ما يواجِهُـهُ المتشرِّدُ
يتخلى عَنْ لغتِـهِ
ما عادتْ أبجديَّتُـهُ تنفعُـهُ
وهويتُـهُ
تلَقَفَتْها حاوياتُ القمامـةِ
الجامعةُ العربيةُ العبريةُ
سَلَّـَمتِ القضية َ
لمَجلسِ الأمنِ
واستراحتْ
لتغطَّ في فسـادٍ عميقٍ
ومجلسُ الأمنِ
كجرذٍ
ْيتلاعبُ بقضيَّتِنا
كقطعةِ جُبْنٍ
صارَ اللاجىءُ يحسدُ الحيوانَ
يطالبُ بحقوقٍ أسـْوةً بالكلبِ
هذا ما يحدثُ لسوريةَ
أمِّ الأبجديّـةِ
الأبيّـةِ
وما زالـتْ بترابِها
تُقَاومُ
بتاريخِـها المجـيدِ
بنضارةِ دمِـها
المقدسِ
تبقى عصيّـةً على الموتِ
وتلوحُ بالأخضرِ للغـدِ
ترفرفُ في سمـائِها
أحلامُ أطفـالِـها الجَوْعَى
وَمَنْ تحتِ أنقـاضِها
يومىءُ لنـا الياسمينُ
مترعاً ببيـاضِه ِ *.
مصطفى الحاج حسين.
إسطنبول

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى