محمد محمود غدية - فى ميدان التحرير

توطئة:
جيكا والشيخ عفت وغيرهما الكثير من الشهداء بدمهم الذكي قامت ثورتان، الأولى فى الخامس والعشرين من يناير، والثانية فى الثلاثين من يونيه، واحدة ضد فساد ثلاثة عقود والمزمع مثلهم فى التوريث الذى فشل، والأخرى ضد فصيل لم يفلح فى شق صف المصريين .
دأبت سحر على النزول الى ميدان التحرير أثناء الثورة ، من نحافتها تكاد لا ترى، عيناها واسعتان سوداوان مشرقتان، تمنح الناظر لهما شعور بالسكينة والإطمئنان، كل ماترتديه من ملابس وإكسسورات يشي بأنها صاحبة ذوق رفيع راقي، وكأن دراستها
بكلية الفنون الجميلة أكسبتها جمالا ساحرا، فى مثل سنها تقريبا فقط يكبرها حجما، أشبه بأصبع باذنجان إنفجرت جوانبه من غزارة الأرز فى حلة المحشي، وجهه هاديء مدعى شعر يكتب كلما أورق حزنا، يسجل بعض المشاهدات فى الميدان، تعثر فى محبرة سالت ألوانها على الأرض وعلى حذاءها مما جعلها تصرخ ويعتذر، ولا تدرى إن كان فعلها متعمدا أم لا، بعدها إبتدأ بينهما الكلام مادحا أسلوبها فى رسم اللوحات الجدارية، ترسم وجوه الشهداء وتستكملها بلوحات تعبيرية، مرة على شكل جناحي طائر يشيران للسلام، وأخرى فى بستان تحيطه أشجار الليمون والسحب وكل مافى الطبيعة من صور خلابة، لم يستكمل دراسته فى كلية العلوم بعد رسوبه المتكرر، إنضم لإحدى الأحزاب، وقت أن كان كل إثنين يؤلفان حزبا، سافر ضمن تيارات المجتمع المدني إلى السويد، شعرها يطير مثل خيوط الذهب وموجات الحرير، تستمع لحديثه تحت جدارية لشهيد الصحافة والشباب الحسيني ابو ضيف، بمهارة الأنثى فجرت صمته المتواطيء، أبدى قلقه أن لا تبادله الحب، بعد أن أصبحت الحياة دونها كئيبة وباردة، عيناها تضحكان فتتألق فيهما شموس صغيرة، تحدثا عن جماعات ستة قابضين أو ستة إبريل وغيرها جميعها تحتاج لإتلاف واحد لمواجهة فصيل الإسلام السياسي الذى يرتب أوراقه للقفز على كرسي الحكم، فى المنزل سأل الوالد عن مهنة المتقدم للزواج بإبنته ؟ فأجاب أصبع الباذنجان المملوء بالأرز : ناشط سياسي
وفى صدمة مروعة يعتذر الأب وهو يفتح الباب لخروج الناشط السياسي .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى