محمد محمود غدية - قصاصات ورق

ورقة أولى :
أعمارنا قصيرة كما الزهور ماتلبث أن تذبل، لذا نلجأ للكتابة تعبيرا عن الآلام التى لا يخفف من وطأتها سوى البوح، بدلا من الصمت أو الجنون، الكتابة الورقية لها مذاق خاص، حروفها حية تتحرك على الورق، لغتها مصقولة مغسولة فى نهر يشع بالأضواء والظلال، تتهادى مع النسيم تلثم الشاطيء وتعود الى البحر، نعيش معها البهجة فى بساتين الراحة، ونحتسي القهوة ويسامرنا الليل فى ضوء مصباح وحيد رائق شفيف، تقفز الروح من حنايا الصدر تشاركنا فرحة الكتابة جسر الوداد، ومفتاح العلاقات الصافية .
ورقة ثانية :
لايمكننا فك شفرات الكون، وحدها الأقدار التى تعيد ترتيب أمورنا فى كثير من الأحيان على نحو لا نرغبه، الحياة بحر كبير متلاطم الأمواج، يبحر فيه زورقان الأول مجهز بآلات إبحار حديثة وقبطان ماهر، يصطدم بالصخور فيغرق، والآخر دون آلات يبحر بمجدافين يصل سالما إلى شواطيء الأمان، لخص الكاتب أناتول فرانس تاريخ الإنسانية كلها فى ثلاث كلمات : الإنسان يولد ليشقى ويموت .
ورقة ثالثة :
فى رحلة قطار يقطع المسافة بين السهول والوديان فى ست ساعات، أمسكتني رواية تحكى عن رجل وامرأة، أشبه بالنسيم الهايء الرائق الذى يتسلل إلى الرئتين ويسقى جفاف الروح، ينكسران قبل بلوغهما النهر، وتبتلعهما المدن الغابرة .
ورقة رابعة :
سطى اللصوص على متجر جواهرجي، فى اليوم التالي نشر صاحب المتجر إعلان فى جريدة قال فيه : حتى اللصوص يعرفون أين يجدون أفضل المجوهرات .
ورقة أخيرة :
من لايتأمل نجمة فى السماء، ولم يبتهج لرؤية زهرة جميلة فى بستان، ولم يكتب سطرا فى كراس العمر فيه حياة ولم يخفق قلبه بالحب، شخص كهذا فاسد المزاج ليس باإنسان .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى