فاطمة مندي - حوار مع النفس

منذ عدة أعوام وذات فجر علمت بنبأ وفاة شقيقتي.
انعقد لساني، وصدرت عني أصوات هجينة، من كلمات متكسرة وأنين، وأنا أردد واجب العزاء على من جاءوا لمواساتي فى مصابي ، وأنا أحمل هاتفي الجوال، اردد واجب العزاء على من يهاتفني .
هرعت الى حاسوبي تعلقا بأمل وأه ظننت أن باستطاعتي أن أغير مسار القدر كما اعتدت أن أفعل مع شخوص قصصي، أوشكت على كتابة أن الأطباء في المستشفى تمكنوا بأعجوبة من انقاذ حياة شقيقتى الشابة التي كان عمرها نصف قرن، وأنها قد عاد ت سالمة الى البيت.
لكنني لم أستطع، عوضا عن ذلك كتبت: رحلت شقيقتي.
حينها فقط أدركت خسارتي وأجهشت في بكاء حار كولد صغير،
الآن وقد صدرت"مجموعتي القصصية ( أين قبلتي ) الثانية باللغة العربية وعلى الرغم من حقيقة أن في جعبتي الكثير من الحكايات التي تستحق أن تروى، أعتقد أن الوقت قد حان لوضع هوسي بالكلمات والجمل،
على الرف لبرهة، أو لأمد بعيد
أعود خلالها الى ممارسة حياتي الطبيعية بكل ما تعنيه العبارة من ضجر وعبث وحتى ازعاج .
لا أزال مترددة ، مجرد التفكير أن باستطاعتي انتشال نفسي من بحر الرمال المتحركة قبل أن يبتلعني تماما، وأني قادرة على التشبث بأرض صلدة يمنحني شيئا من الطمأنينة .
وأتسائل: هل لي من فسحة لترك كل هوسي بالأدب وأن انحية جانبا وأمضي في طرق جديدة بعيدة عن عالم الأدب والادباء ؟!
لقد سئمت الوجوه الجامدة الباردة المتصنعة، كما سئمت انصاف الكتاب وارباع الكتاب،
سئمت الذين يسيؤن للكلم، بل ويتصدرون للمشهد الثقافي،
كرهت الوجوه المقنعة، والضحكات الخبيثة، كرهت كل المجاملات بجميع اشكالها، هل اترك هذا المجال؟!
أم أنه يجري في دمي مجرى الدم ولن تنتحي الكلمان من داخلي سوي بنتحاء الروح وازهاقها؟!

فاطمة مندي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى